نتنياهو يوقظ «الشياطين الرهيبة»

Netanyahu_1503227c
حجم الخط

فيلم التطهير العرقي، الذي بثه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ليس مفاجئا على الاطلاق.
فيمكن طرح جملة لا تحصى من الاسئلة عن الدوافع، عن الحكمة السياسية في استفزاز اضافي لإدارة اوباما، عن الربح والخسارة الدوليين في أعقاب الخطوة.
يصعب إيجاد أجوبة موضوعية. فالعارفون بالامور يدعون بأن الفيلم خطوة سياسية اسرائيلية داخلية ترمي الى صرف النار عما يجري في الساحة البيتية لليهود، الائتلاف، والقضايا المختلفة المرتبطة بعائلة نتنياهو.
غير أنه مع كل الاحترام لاولئك المحللين أعتقد ان ليس لهذا الفيلم سوى هدف واحد فقط: ان يقرر في الوعي العام بأن المسيرة السلمية وحل الدولتين متعذران، غير عمليين وغير واقعيين. فليس لحكومة إسرائيل ولرئيس الوزراء أي جواب على الوضع الذي نوجد فيه، وهذه هي المشكلة الخطيرة في نظر اولئك الذين يعتقدون بأن الوضع الراهن سيؤدي الى المصيبة. حكومة اسرائيل برئاسة نتنياهو ستؤدي إلى أن لا يتعين على أبو مازن ولا يكون مطالبا بأن يعترف بإسرائيل كدولة يهودية كما يشترطون ذلك في القدس.
اليوم، توجد ثلاثة بدائل أمام حكومة إسرائيل. الأول هو استمرار الوضع الراهن. من يعتقد بأنه في الواقع يوجد وضع راهن – مخطئ جدا. فسياسة الحكومة مواصلة البناء في كل مكان في "يهودا" و"السامرة" وفي شرقي القدس وضم المزيد فالمزيد من المناطق المأهولة بعشرات الاف الفلسطينيين من شأنها أن تؤدي الى المزيد فالمزيد من سفك الدماء. وكبديل، فان اسكان عشرات الاف او مئات الاف آخرين من اليهود في تلك المناطق سيخلق وضعا من السيطرة الاسرائيلية على مئات الاف الفلسطينيين. واذا حصل هذا، فهل حقا ستصبح "يهودا" و"السامرة" كياناً سياسياً يهودياً أم ربما ثنائي القومية بوضوح؟ الجواب واضح.
في فيلمه غير المسؤول، أحيا نتنياهو عمليا مرة اخرى طلب الفلسطينيين استعادة كل "المناطق" التي احتلت في 67، ومن جهة اخرى صب الزيت على شعلة "حق العودة" الذي يطالب به الفلسطينيون. فالمنطق يقول اذا كان اخلاء كل المستوطنات هو عملية تطهير عرقي، فان عدم قبول اللاجئين الفلسطينيين في اسرائيل هو ايضا مثابة تطهير عرقي.
اذا كان ثمة شخص عاقل قادر على ان يفهم لماذا كانت ثمة حاجة لايقاظ مثل هذه الشياطين الرهيبة، فلينهض.  فبسهولة سيأتي الفلسطينيون ليدعوا بأن مصر نفذت تطهيرا عرقيا ضد اليهود في شبه جزيرة سيناء حين طلبت هدم المستوطنات اليهودية واستعادة كل سيناء حتى آخر ذرة رمل فيها.
من استجاب لذلك كان مناحم بيغن وليس غيره، الذي لم يرَ في اخلاء سيناء تطهيرا عرقيا.
البديل الثاني هو احتلال كل مناطق "يهودا" و"السامرة" وتصفية السلطة الفلسطينية في ظل فرض السيادة الاسرائيلية عليها.
مرة اخرى ستعود إسرائيل إلى الأماكن المعروفة لها بعد 67، وسيتعين عليها أن تفرض إمرتها على عموم السكان الفلسطينيين.
المهمة لن تكون بسيطة، بل ستتطلب ثمنا دمويا. غير أن الخطر الاكبر هو أنه في هذا الوضع المعطى سيتعين على اسرائيل أن تقرر اذا كانت ستمنح حقوقا متساوية للفلسطينيين أم لا. اذا فعلت هذا، فانها بشكل لا لبس فيه ستصبح على الفور دولة ثنائية القومية على كل ما ينطوي عليه هذا من معنى.
واذا لم تمنح مساواة في الحقوق، فسيسوء الوضع اكثر لان اسرائيل ستتهم بالابرتهايد.
اذا كان هناك احد ما يعتقد بأن تحقق هذا البديل سيمر عبر منح حكم ذاتي للفلسطينيين، وانهم سيقبلونه برضى، فهم يكذب. فالضغط على اسرائيل سيكون كبيرا جدا لدرجة الخطر الحقيقي في أن تصبح دولة منبوذة، معزولة وغير محبوبة.
البديل الثالث هو تحقيق خطة الوزير الاسبق، رحبعام زئيفي، أي احتلال كل "يهودا" و"السامرة" وترحيل الفلسطينيين الى الأردن. هذا سيكون تطهيرا عرقيا للفلسطينيين ولن يقف العالم جانبا.
هذه هي البدائل القائمة في ضوء سلوك الحكومة الحالية ورئيسها. وبدلا من ان تقرر اسرائيل مصير اسرائيل بنفسها، بدلا من أن تحاول ايجاد حلول ابداعية كي لا تصل - لا سمح الله - إلى دولة ثنائية القومية، فانها تتحدى العالم وشعوب المنطقة وتضع وجود اسرائيل كدولة يهودية في خطر حقيقي.