الانتقادات الإسرائيلية الصبيانية لاتفاق المساعدات الأميركية

313
حجم الخط

الجدل المتواصل حول مبلغ المساعدات الاميركية لاسرائيل، سلباً وايجاباً، لن يتوقف سريعا، لكن الحقائق تتحدث عن نفسها: ستحصل اسرائيل خلال عشر سنوات، منذ العام 2019، على مساعدات عسكرية مباشرة تبلغ 38 مليار دولار (أكثر من الاتفاق السابق بـ 7 مليارات).
إنه الاتفاق الاكبر في تاريخ الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية للدول الأجنبية.
الاتفاق عامل اساسي في استعداد اسرائيل الاستراتيجي، واشارة واضحة الى استقرار العلاقة السياسية مع الولايات المتحدة، وهذا موجه لاعداء اسرائيل كتحذير وللدول التي أصبحت تشكك بالتزام واشنطن بأمن حلفائها في الشرق الاوسط في أعقاب الاتفاق النووي مع ايران، التي ستعتبر الاتفاق سببا آخر من اجل تنسيق المواقف مع اسرائيل.
السناتور الاميركي، لندسي غراهام، الذي هو صديق معروف لاسرائيل، قد يكون محقا عندما قال إن الادارة الاميركية القادمة، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، ستعمل في صالح اسرائيل بشكل أكبر، لكن الزعيم لا يحق له الرهان على موضوع مهم الى هذه الدرجة.
اضافة الى ذلك، اذا أرادت الادارة الاميركية في المستقبل، فانه يمكنها تحسين شروط الاتفاق، الامر الذي سيحظى بالدعم من الكونغرس.
وكما كان واضحا مسبقا، هناك نواقص للاتفاق، لكن السبب ليس كما يزعمون، أن اسرائيل فشلت في المفاوضات أو بسبب العلاقة بين الرئيس براك اوباما ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بل في أعقاب مصالح اميركية داخلية واضحة، لا سيما مشكلة الميزانية التي ازدادت في العامين الاخيرين.
لقد تسببت قرارات الادارة في احداث المشكلات في الميزانية، أي زيادة ميزانية الدفاع الاميركية على خلفية الحرب ضد «داعش» ودور روسيا المتزايد في الشرق الاوسط وفي شرق اوروبا.
إن الموقف التكتيكي المتحفظ الذي اتخذه نتنياهو اثناء المفاوضات أحدث تحسنا، بما في ذلك زيادة حجم المساعدات مقارنة مع المبالغ التي تحدث عنها الاميركيون في البدء.
إن النقطتين اللتين أثارتا الانتقاد في الاتفاق تتعلقان بموضوع تعهد اسرائيل بعدم التوجه الى الكونغرس، مثلما فعلت في الماضي، للحصول على ميزانيات اخرى من اجل الشراء الامني، وبضغط الصناعات الامنية الاميركية بأن تقوم اسرائيل بالتقليص التدريجي في استخدام ربع مبلغ المساعدة، كما حدث حتى الآن، من اجل الصناعات الامنية الاسرائيلية. هذان أمران محزنان، وخصوصا الثاني، لكن يبدو أن حبة الدواء ليست مرة كما يبدو، حيث إنه حسب تقرير «نيويورك تايمز»، فانه في ظروف معينة، وليس فقط عند حدوث الحرب أو ازمة أمنية غير متوقعة، تستطيع اسرائيل طلب مساعدة أخرى.
أما القيود الأخيرة فلا مانع من احداث تغيير عليها في المستقبل بموافقة الطرفين.
إن الاتفاق الجديد يعبر عن المصالح الاسرائيلية – الاميركية السياسية المشتركة، وهو يؤكد مرة اخرى أهمية اسرائيل الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، بل مصلحة معينة للرئيس اوباما الذي يريد تحييد الانتقاد حول اجراءاته الاخرى تجاه اسرائيل في إرثه السياسي أو اجراءات اخرى متوقعة.
الانتقادات الصبيانية التي يتم سماعها في اسرائيل ضد الاتفاق من بعض السياسيين المتشائمين تنبع من دوافع سياسية وليس من موقف جوهري شامل، وهذا يُذكر بمقولة «كل ما تفعله، أنا أفعله بشكل أفضل».
والزعم بأن اسرائيل قد خسرت المليارات الكثيرة بسبب غلاء المنتوجات التي ستشتريها، لا أساس له. الميزانية في الولايات المتحدة لا تتم على شكل صندوق تقاعد اسرائيلي، حيث إن ذلك يرتبط بغلاء المعيشة – هذا المبدأ لا يسري على الاقتصاد الاميركي، وخصوصا على المساعدات الخارجية.
إن أساس الاتفاق الجديد والاتفاق السابق قد تحدد خلال ولاية نتنياهو الاولى كرئيس لحكومة اسرائيل.
ومن حقه أن يعتبر أن الاتفاق الجديد هو انجاز مهم ويشكل استمراراً لمبادرته قبل 18 سنة.