موجة «الارهاب» الحالية مضللة، وهذا ما حدث لعناوين الصحف. لا حاجة الى البحث عن قانونية أو سبب أو صلة بين فعل نقوم به وبين «رد الارهاب».
لم يعُد «الارهاب» لسبب بسيط، وهو أنه لم يرحل أبدا. الحركات «الارهابية» الفلسطينية، وعلى رأسها «حماس»، تنفذ العمليات ضد إسرائيل كلما سنح ذلك لها.
إن هذه الحركات، لا سيما «حماس»، تسعى الى التحريض والى توجيه وتنفيذ عمليات الطعن و»ارهاب» الافراد، خصوصا في القدس والخليل، انطلاقا من الفهم أن قدرتهم على تنفيذ العمليات العسكرية المباشرة ضد اسرائيل من غزة لم تعد ممكنة.
الحصار الاقتصادي والعزلة السياسية المفروضة على «حماس»، لا سيما أمام مصر، والازمة مع السلطة الفلسطينية، والتشوش أمام الراعي في الخليج (باستثناء قطر) وفي تركيا والجدل الداخلي حول دور ايران الشيعية في كل ما يتعلق بتسليح «حماس» وتمويلها – كل ذلك يخلق مفارقات وجودية حول استمرار طريق المنظمة ويعيق جهودها في محاولة الوصول الى مستوى عسكري يستطيع وضع إسرائيل أمام التحدي.
إن استيعاب هذه القيود ظهر في مقال أحد قادة «حماس»، غازي حمد، في آب الماضي في الصحيفة الغزية «صوت الوطن». فقد شكك حمد في هذا المقال بقدرة المنظمة العسكرية على تغيير المعادلة أمام اسرائيل، وهذا بناء على الضربات القوية التي تعرضت لها «حماس» في الجولات الماضية.
وقد طلب العودة الى نموذج الصراع الذي أثبت «نجاحه»، أي عمليات المقاومة السريعة والمفاجئة (اختطاف إسرائيليين وإطلاق سراح أسرى في المقابل) أكثر من المواجهة المباشرة. وهذا ما يقومون بفعله الآن في الميدان بتشجيع وتمويل من قطر وتحريض قناة «الجزيرة» في الدوحة.
إن حلم «حماس» هو تحويل حياة الاسرائيليين الى كابوس من خلال عمليات شديدة، لكن ذلك لا يتحقق بسبب اجراءات الإفشال من قبل الاجهزة الامنية الاسرائيلية، بما فيها حواجز «الفصل العنصري» على طرق «يهودا» و»السامرة»، وجدار الفصل «العنصري».
إن جولة «الارهاب» الحالية هي عبارة عن جهد فلسطيني حمساوي موجه الى مدينتي القدس والخليل. ورغم أضرار «الإرهاب» فان نتائجه معروفة (القضاء على المنفذين)، لا سيما على خلفية المذابح التي ينفذها المسلمون في المنطقة ضد طوائف وأقليات اخرى وفيما بينهم.
يقوم الفلسطينيون، من خلال استغلال المشاعر الدينية، بتنفيذ العمليات قريبا من موعد الاعياد الاسلامية والاعياد اليهودية.
وهم يفعلون ذلك لاشعال وقود الجهاد في طريق الحرب الدينية بين الاسلام واليهودية (مثل الحركة الاسلامية التابعة لرائد صلاح).
إن «ارهاب» «حماس» موجه للمواقع الدينية الرمزية والمواعيد لها مغزى ديني من اجل خلق الشعور لدى المستهدفين بغياب الحيلة. وبالتالي تعظيم قوتها.
في ظل حالة اليأس هذه، فان هدف موجة «الارهاب» الحالية لـ «حماس» هو تعزيز الصفوف داخليا، والحسم من خلال موجة التخويف النفسية والشعور بالذعر بأن «الارهاب قد عاد».
هذه الفكرة تلائم مبدأ التوسع والاخضاع الاسلامي المسمى «الترهيب والترغيب»، في الوقت الذي تبحث فيه الضحية بلا فائدة عن المنطق الذي يحرك العدو من اجل ارضاءه والتصالح معه.
هناك علاج بدوي معروف لأمراض الجسم وهو الكي بالحديد الساخن بعيدا عن منطقة الألم من أجل تهدئتها. وكرد على «الارهاب» الفلسطيني، يجب على اسرائيل أن تبادر دائما الى التسبب بالألم دون أية صلة بالتوقيت أو ساحة «الارهاب». وهذا الامر سيفهمونه بشكل جيد.