هذه الصور ربما لن تجدها سوى في مصر.. فالمصري معروف بخفة الدم والفكاهة وإلقاء النكات والتعبير عن الهموم والآلام بسخرية لاذعة وبابتسامة راضية.
ففي شوارع مصر تجد لافتات تعبر عن حالة البهجة لدى المصريين، وعلى واجهة المحلات تجد أسماء تجسد خفة دمهم وروح الدعابة لديهم، منها ما هو مثير وطريف، ومنها ما يخالف العقل والنطق لكنه يستقيم مع حالة السعادة التي يريدون إضفاءها عليهم وعلى حياتهم.
حتى في مظاهرات يناير 2011 ويونيو 2013 كانت بعض اللافتات تنتزع الضحكة من القلوب وتخفف حالة التوتر التي كان عليها المتظاهرون وتمنحهم الطاقة اللازمة للصبر والانتظار حتى تتحقق مطالبهم.
وفي دراسة أجراها باحث ألماني يدعى راينر شتولمن، قال إنها أوصلته لنتيجة أصبحت بديهية ومعروفة وهي أن الشعب المصري يتمتع بروح الفكاهة وخفة الدم أكثر من غيره، مقارنة مع الشعوب الأخرى بل على مستوى العالم، رغم الظروف الاقتصادية التي يعاني منها انطلاقاَ من أن الضحك يعد المنفذ الوحيد للإنسان الذي يشعر بعدم الرضا، ويعبر بواسطته عن غضبه من وضعه الذي يصعب تغييره.
جمال حمدان صاحب موسوعة "شخصية مصر" قال نفس ما قاله ابن خلدون عن المصريين وهو أنهم يتمتعون بروح الفكاهة والنكتة والسخرية، والميل إلى الحزن، والانبساطية التي لا تميل إلى الفردية، والبساطة والتعاون، وحب الأسرة والتدين والنزعة الروحية والنزوع الديني، والغيبيات، والاتكالية، والرضا.
وقال إن المصري يواجه حكامه بالنكتة وينتقد الأوضاع السياسية والاقتصادية بالفكاهة والسخرية فهي سلاحه اللاذع والفعال.
هذه الصور التي نرصدها في التقرير وهي منتقاة من عدة محافظات مصرية سواء في الدلتا أو الصعيد أو القاهرة والإسكندرية.. الفكاهة تجمع الكل وانتزاع البسمة هي رغبة الجميع وهو ما يفسره الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة لـ"العربية.نت" قائلا إن المجتمع المصري ينطبق عليه مقولة "لو بطلنا نضحك نموت".
ويضيف أن النكتة والدعابة هي سمة المصريين منذ قديم الأزل وفي حالة الضحك فإن نحو 44 عضلة في منطقة الرقبة والصدر والوجه تتحرك ويتدفق إليها الدم مما يساهم في نضارة الوجه لذا تجد الشخص العبوس والكئيب تظهر التجاعيد على وجهه سريعا ومبكرا على خلاف من يضحك، فضلا عن أن الضحكة تخفف التوتر وتزيل الطاقة السلبية وتمنع التوتر وتقلل من تأثير المواد الضارة في الجسم التي تسبب الأمراض اللعينة وعلى رأسها السرطان.
وقال إن الضحك يجعل الإنسان يقوم دون أن يدري بإطالة عضلات جسده حتى يصل إلى الضحك العميق من المعدة أو الحاد من القلب لذا يقال إنه يضحك من قلبه، فالضحكة محلها القلب ولذلك تحميه لأن الضغوط النفسية والعصبية تسبب خللا للبطانة التي تحمي الأوعية الدموية وينجم عنها بعضا من ردود الفعل السلبية التي تتسبب في تراكم الكوليسترول على جدار الشرايين التاجية ممّا يؤدي بالنهاية إلى حدوث الأزمات القلبية.