صفقة صواريخ "اس 300" تضع أمام إسرائيل تحديات كبيرة

61
حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان :عن «يديعوت»
لو كان لدى إيران اليوم صواريخ «اس 300» تنفيذية، وقررت إسرائيل مهاجمتها صباح غد لكانت هذه أوبيرا مختلفة تماماً، وذلك لأن هذا سيكون عائقاً أعلى بكثير من ذاك الذي وقف امام سلاح الجو في «حملة اوبيرا» التي دمر فيها المفاعل النووي في العراق. غير أنه ليس لدى الإيرانيين حاليا صواريخ كهذه. اما في اسرائيل، التي لم تهاجم ايران في السنوات العشر التي كان يمكنها فيها أن تهاجمها، فلا يبدو انه يوجد اليوم من يتخذ مثل هذا القرار في المستقبل المنظور. وبالتالي يمكن، ظاهرا، التحلي بالهدوء، غير أن الواقع اكثر تعقيدا بكثير: فنحن نوجد في ذروة ازمة دولية آخذة في التفاقم ونبدأ في احتمال آثارها.
قبل كل شيء، ثمة هنا قصة سياسية ترمز الى انهيار نظام العقوبات ضد ايران. فلم يوقع بعد الاتفاق بين ايران والقوى العظمى، واذا بالروس يوجهون صفعة رنانة الى الادارة الأميركية وحلفائها. فقد جاء بيان الكرملين بالتوازي مع زيارة موسكو لوفد امني ايراني رفيع المستوى، برئاسة رئيس الجنة الخارجية والامن في البرلمان الايراني علاء الدين بورجاري ورئيس المجلس الاعلى للامن القومي آية الله علي سمحاني. وهذا دليل آخر على أن للايرانيين وللروس خططاً بعيدة المدى لتوثيق العلاقات وللعودة الى التعاون الامني، بما في ذلك بيع السلاح.
وإذا لم يكن هذا بكاف، ففي موسكو يربطون توقيت الاعلان بالازمة في اليمن، حيث يقف الروس الى جانب الايرانيين والحوثيين ويديرون سياسة كدية تجاه الأميركيين. وفي روسيا يؤمنون بأن المواجهة هناك ستؤدي في نهاية المطاف الى صدام مباشر بين الايرانيين والسعوديين، يؤدي الى هجوم سعودي على المنشآت النووية الايرانية – ولهذا فإنهم يمنحون آيات الله منظومة دفاع جوي حديثة. من ناحية الاسطول الخامس الأميركي، فإن امكانية ان يحوز الايرانيون صواريخ «اس 300» ويكون السعوديون مشاركين في مواجهة جوية هي تهديد ملموس اكثر بكثير ضد حاملات الطائرات الأميركية التي في الخليج مما ضد إسرائيل.
وهكذا، بينما يحاول رئيس الوزراء نتنياهو هز سفينة الادارة الأميركية وبالكاد ينجح في احداث بعض الموج، جاء الروس ليذكرونا بأننا نحن والأميركيين نبحر في القارب ذاته – وعندما تدخل الماء إليه فإننا نكون اول من يبتل لأننا الادنى مرتبة. وبالتالي فلعل هذا هو الوقت للكف عن هز السفينة والشروع في الحديث بجدية مع القبطان. يبدو ان الايرانيين لن يحصلوا على الـ «اس 300» قريبا، وذلك لأن الطراز الذي طلبوه وتناسب مع احتياجاتهم العملياتية تفكك في العام 2011. فلم تعد الشركة الروسية تنتج هذا الطراز، وخطوط انتاجها تحولت لإنتاج صواريخ اكثر تطورا من طراز «اس 400». وهكذا فإن الروس يعتزمون عمليا اخراج صواريخ «اس 300» من جيشهم، منحها للايرانيين، واستيعاب صواريخ «اس 400» مكانها – غير أن خط انتاج هذه الصواريخ بطيء وسيستغرق وقتا لتجميع المخزون اللازم. ومع ذلك يحتمل أن يكون لدى الايرانيين منذ الآن الصيغة الصينية لـ «اس 300».
من ناحية عملياتية، يدور الحديث عن منظومة سلاح متطورة تعمل على مسافات وارتفاعات لم يتصد سلاح الجو لها بعد. من المسموح لنا الافتراض بأنه في منتصف العقد الماضي، عندما كانت صفقة بيع الـ 300 لايران وسورية على جدول الاعمال، بدؤوا في اسرائيل يستعدون من ناحية عقائد القتال ومن ناحية تكنولوجية للتصدي لهذا التهديد، ولكن طالما لم يروا هذا الصاروخ في العمل الحقيقي ولم يتعرضوا لنقاط ضعفه، ينبغي لنا أن نتوقع المفاجآت.
حتى اليوم كانت المنطقة المحمية في مدى ضيق نسبيا من 20 – 30كم. ولكن الـ «اس 300» بالطراز المعروض للبيع للايرانيين يوفر حماية لمسافة 150كم. وسيتعين على سلاح الجو ان يكون قادرا على العثور والتشويش للرادارات والصاروخ وان يطور عقائد قتالية مختصة. وهذا يتطلب وقتا ومالا، ولكن طالما يدور الحديث عن مسائل مهنية يفترض بالمهندسين والطيارين ان يحلوها، يبدو أنه ستوجد حلول. مشاكلنا هي في المجال الزعامي.