لا استطيع ان أتجرد من انحيازي لجامعة بيرزيت لا لشيء إلا لأنني شربت من مائها العذبة ومن يشرب من بئر لا يلقي فيه حجرا ابدا، نعم انا منحاز لتلك الجامعة وكنت خلال ايام دراستي فاعلا في الحركة الطلابية وكنت اتبنى شعار «نعم للعمل الطلابي الموحد» وكنت من مؤيدي «مجالس الطلبة مجالس تكميل وليست مجالس نفي للإنجازات السابقة»، وكنا استمرارا للحركة الطلابية وانجازاتها التي سبقتنا، نحن من تمتعنا بتأميم كافتيريا الجامعة في الحرم القديم، نحن من حصدنا نتائج أول استفتاء على دستور مجلس طلبة جامعة بيرزيت حيث كنا طلابا جددا لم نمنح الحق بالتصويت لأننا لا نعرف عن الامر شيئا.
لن اجامل ولكننا خضنا اضرابات نقابية في الجامعة منها «اضراب ضد تعديل السلم الاكاديمي ورفع علامة لائحة الشرف من 85% - 90%» واعتصمنا داخل الجامعة، واعلنا اعتصام جلوس امام قاعة اجتماع المجلس الاكاديمي للضغط والتأثير وخرجوا علينا وقالوا: لن نكون الا لكم، ورغم ذلك واصلنا نضالنا النقابي حتى حققنا حقوقنا. خضنا اضرابا ونضالا ضد قرار 854 الذي يحظر بقاء الاساتذة والعاملين في الجامعات الفلسطينية من حملة الجوازات الدولية ولا يملكون هوية. كنا شركاء في لجان تقييم الحالات الاجتماعية وتحديد نسبة الحسم من القسط الجامعي وكنا نقوم بالمسح الميداني في كل المحافظات.
في جامعة بيرزيت كان هناك فرقة فنية «السنابل» تطوف دول العالم وترصد ريع حفلاتها لصالح صندوق الطلبة، كان مجلس الطلبة يقوم بطباعة «بلايز» عليها شعار الجامعة وتباع للطلبة وترصد لصندوق الطالب المحتاج، عدا التقويم السنوي، وكنا نتعاون مع معاصر زيت الزيتون لمن يرغب بدفع زكاة الزيت أو أن يتبرع لصندوق الطالب المحتاج بزيت زيتون يتم بيعه ورصده للصندوق.
في جامعة بيرزيت تعلمنا ان التعليم حق إنساني اساسي لا يجوز حرمان احد منه وكانت نشرات الجامعة واعلاناتها يثبت عليها هذا الشعار.
اليوم، تقف جامعة بيرزيت وحيدة في ظل صمت رهيب لمواجهة مستقبلها وحاضرها ولعلها لم تجد معها الا خريجيها الذين تنفسوا عبر رئتها لينتصروا لها، وحتى الخريج الذي له ابناء طلاب وطالبات في الجامعة جرد نفسه من هذه الصفة وتعامل مع الامر انه فقط «بيرزيتي»، ويكفي الجامعة فخرا انها خرجت ما يزيد على 30 الف خريج هم سند لها، ودرس وعملت فيها اعداد كبيرة اخالهم سندا لها.
بعيدا عن وصف الحالة وبعيدا عن لعبة الارقام 1/0 أو 0/0 أو 2/0، وبعيدا عن جر الجامعة لكي تثبت على الملأ انها ليست خاصة وليست ربحية وليست استثمارية، وبعيدا عن اثبات عجز مالي في الجامعة، وبعيدا عن زجنا نحن في معادلات الجامعة التي لا نبرئها غالبا «حجم العجز في الموازنة، اعتمادها على الاقساط، رواتب العاملين واستقطاب افضل الكفاءات».
بعيدا عن كون جامعة بيرزيت وازمتها الحالية هي امتداد لحالة عامة في فلسطين لم توفر احدا، وبات المجتمع يتآكل من عدة جهات، والمؤسف اننا في الغالب نحمل معاول الهدم بايدينا من حيث ندري او لا ندري والامثلة حاضرة بقوة ولا يتسع المجال هنا لسردها والتوقف امامها.
الحل المستقبلي ان يكون الجميع شريكا حقيقيا في ورشة تفكير عنوانها «جامعة بيرزيت الى اين ؟» لنفكر معا بصوت مرتفع ضمن شراكة مجتمعية من كل مَن له علاقة بالامر.