يتقدّم دونالد ترامب على هيلاري كلينتون في عدد من استطلاعات الرأي الأميركية؛ يقرّ الكونغرس قانوناً بغالبية الأصوات، يسمح لأسر ضحايا الحادي عشر من أيلول 2001 بمقاضاة دولة عربية للحصول على تعويضات؛ وتعقد إدارة أوباما مع الحكومة الإسرائيلية اتفاقاً يضمن للأخيرة برنامج مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار على مدار الأعوام العشرة المقبلة!
كل من هذه الأخبار يستدعي القلق بمفرده، لكنها في مجملها تثير الفزع!
بعدما شعرت هيلاري كلينتون بالإعياء أثناء مغادرتها فاعلية إحياء ذكرى الحادي عشر من أيلول، كُشفت معلومات تفيد بأنها أصيبت قبل ذلك بأيام بالتهاب رئوي، وعُلم أنها ستنقطع عن أنشطة الحملة لبعض الوقت حتى تستعيد عافيتها. ولأن كلينتون لم تكشف عن تراجع حالتها الصحية قبل إعيائها، فقد هاجمت الصحافة تستّرها على الأمر. ويبدو أن الاتهام أنتج بعض الأثر، الذي انعكس في استطلاعات رأي أظهرت قناعة لدى فئة مُعتبرة من المُستطلعين بأنها ليست أمينة ولا جديرة بالثقة. وفي حين يبدو ذلك مفهوماً، يصعب فهم السبب وراء استفادة ترامب من هذا التراجع، لا سيما أن المرشح «الجمهوري» هو الأقل شفافية بين منافسيه السابقين وقياساً بمنافسته الحالية، لدرجة يفترض أن تجعله غير مؤهل لشغل منصب الرئيس. كما أن التقارير الصحية التي نشرها تبدو مزحة ثقيلة، وهو لم يفصح عن عائداته الضريبية حتى الآن ولا عن صفقاته التجارية، التي هي، في أفضل الأحوال، مثيرة للشكوك.
في هذه الأثناء، مرر الكونغرس قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» الذي يرتكز على فرضية وجود دور حكومي عربي مباشر في هجمات 11 أيلول، برغم أن نتائج «لجنة الحادي عشر من سبتمبر» أثبتت عكس ذلك. ويعرّض تمرير القانون علاقات واشنطن مع حلفاء عرب مهمين لها للخطر، علماً أنه يفتح الباب أمام تمرير دول أخرى لقوانين مماثلة، من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة أو إسرائيل (بدعم أميركي) عرضة للمحاسبة على أفعالهما في الشرق الأوسط. وبرغم أني أرجّح أن إدارة أوباما ستعترض عليه مستخدمة حق «الفيتو»، وأن الكونغرس سيتجاوز هذا الاعتراض، إلا أن تمرير القانون إلى الرئيس لم يكُن مُرجّحاً أصلاً، بينما حصل خلاف ذلك، ما يعني أن الجزم بعدم تمرير الرئيس له بات ضرباً من التوقعات التي لا سند لها!
أما ثالثة الأثافي فتمثلت بالتوصل إلى اتفاق كارثي ينص على التزام مدته عشرة أعوام بتقديم حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار لإسرائيل. والمساعدة تلك لا يمكن فهمها إلا على أنها مكافأة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على جهوده لعرقلة أي تحرك نحو السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لقد تصورت أن أوباما، بعد سبعة أعوام من التعامل مع نتنياهو، قد تعلم أن مكافأة سلوكياته العدائية ستؤدي إلى تمكينه وتسمح له بالفعل من دون محاسبة. غير أن تصرف البيت الأبيض بدا غير منطقي وذهب في اتجاه مختلف، لكنه تساوق مع المسار العام للأحداث الراهنة المتصلة بالساحة الداخلية الأميركية وبسياسة واشنطن الخارجية على السواء، كما تظهر مفاجآت الأسبوع الثلاث!
عن السفير