مازال مركب رشيد الغارق في مصر، والذي أودى بحياة 162 شخصا حتى الآن ينضح بالقصص والمآسي.
روايات الناجين تدمي القلوب، وحكاياتهم مع الموت ومواجهته تؤجج المشاعر.
"رحلة الموت" هذه جمعت المئات من الساعين إلى حياة أفضل وظروف اقتصادية تحترم كرامة الإنسان.
أحمد درويش أحد الناجين من المركب شرح للعربية.نت دوافعه، قائلاً: "أعمل نقاشا وأقيم بمحافظة الغربية بدلتا مصر، ولكن ظروف عملي غير مستقرة، لذا فكرت في السفر لجمع المال اللازم لتغطية نفقات زواجي."
"شاهدت الموت بعيني"
هذا كان الدافع، إلا أن التحضيرات بدأت حين تعرف إلى أحد سماسرة الهجرة غير الشرعية واتفق معه على منحه المبلغ اللازم لتسهيل سفره إلى إيطاليا.
وأضاف أنه شاهد الموت بعينيه على المركب، وكانت الحمولة الزائدة السبب في غرقها. كما شاهد جثث الأطفال طافية دون أن يستطيع أحد فعل أي شيء.
إلى ذلك، وبعد تجربته المريرة، طالب أحمد الشباب الحالم بالهجرة بالبقاء في وطنه، وعدم التفكير في السفر بهذا الطرق غيرالمشروع أبداً، وإلا سيعود جثة هامدة إلى أهله.

أحمد درويش أحد الناجين
"كتب لي عمر جديد"
أما محمد عماد الشاب الذي لا يتجاوز عمره الـ 17 عاماً، والذي نجا من المركب بأعجوبة، فقال للعربية.نت: "كتب لي الله عمر جديد، لقد كان المشهد على المركب الغارق صعباً، ويوحي منذ اللحظة الأولى بأننا مقبلون على كارثة فالحمولة الزائدة والمشاجرات فوق المركب لا تنتهي، وبعض الشباب وفي محاولة لإنقاذ نفسه من الغرق كانوا يقومون بدفع الآخرين في المياه أملاً في النجاة بأنفسهم لكن المركب غرق بنا جميعاً.
وعن كيفية نجاته، قال محمد إنه كان يضع في حقيبة سفره بعض الأطعمة والمعلبات إضافة إلى بعض الفلين وهو ماساعده على النجاة، فقد حملته الحقيبة وقذفت به قرب الشاطئ حتى أنقذه صيادون.

محمد عماد
"شجار بين المصريين والأجانب"
أحد الناجين الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال: "إن مشاجرات وقعت بين المصريين والأجانب على المركب بسبب الحمولة الزائدة، وبسبب قدوم شباب من مركب آخر كان يرافقنا في الرحلة ويحمل مهاجرين غير شرعيين إلى المركب الخاص بالأجانب حتى وصل العدد إلى أكثر من 250 راكباً، مضيفا أن المركب حمل أعدادا تفوق بكثير الحمولة المقررة . وفي تمام الساعة الخامسة من فجر الأربعاء مال المركب وبدأت المياه تملؤه وهو ما أدى إلى غرقه بالكامل."
مافيا الهجرة غير الشرعية
على الجانب الآخر كشفت تحقيقات النيابة أن صاحب مركب الموت يقيم بمحافظة دمياط، وأنه باع المركب منذ فترة لعصابات ومافيا الهجرة غير الشرعية، بغرض نقل مهاجرين غير شرعيين عليها إلى إيطاليا.
وتبين أن آخر مركب نقل مهاجرين للمركب المنكوب، مملوك من قبل سيدة تدعى سميحة أ.أ 60 عاما، مقيمة برشيد ونجلها محمد ع. ش 32 عاما، صياد وتمكنت مباحث رشيد من القبض عليهما.
وأضافت التحقيقات أن مافيا الهجرة غير الشرعية قامت خلال يومين بنقل المهاجرين عليها عبر مراكب صيد صغيرة بمنطقة برج مغيزل ومطوبس بمحافظة كفرالشيخ، ورشيد بمحافظة البحيرة، بالاشتراك مع عدد من الوسطاء الذين يمدونهم بالمهاجرين حتى وصل العدد المقرر للمركب الغارق إلى أكثر من 300 راكب.