الروس يقولون أنه لا حل للأزمة السورية مادام أن هناك «داعش» و»النصرة» والأميركيون يقولون، وإنْ بصوت منخفض وبعبارات ينقصها الوضوح، إن مثل هذا الحل غير ممكن مادام أن بشار الأسد لم تتم إزاحته عن موقعه وفقاً لإتفاق «جنيف 1» وتوابعه.. وهذا الرئيس السوري، الذي لم يعد له من مسؤوليات الرئاسة إلا «إطلالاته « المتقطعة، يقول هو بدوره أن هذه الأزمة مستمرة مادام أن هذا الصراع يتخذ طابع الصراع العالمي وهكذا فإن صراع الخمسة أعوام الماضية من المتوقع بل من المؤكد أنه سيستمر لسنوات طويلة ما لم تستجد «معجزة» مفاجئة في زمن الكل يجمع على أنه لا معجزات فيه .
وهذا يعني أنه على كل دول هذه المنطقة، وفي مقدمتها بلدنا «المملكة الأردنية الهاشمية»، أن تهيِّىء أوضاعها لكل هذه الإحتمالات ولما هو أسوأ ولفترة قد تطول إلى ما بعد عام من الإنتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة ثم وإن عليها ألا تضع رأسها على أرائك من ريش النعام فأوضاع كهذه الأوضاع التي باتت تضغط على صدر الشرق الأوسط لا يمكن الركون إليها وهي قد تزداد إنفجاراً وتفاقماً وقد تتجاوز حدود الدول التي يعركها العنف الآن: «عرك الرَّحى بثفالها»!!.
إن المعادلة في سوريا الآن، طالما أن أوضاعها هي الأكثر مأساوية في هذه المنطقة، غدت بعد هذه الأعوام الخمسة العجاف:إمّا بشار الأسد وإمّا الإرهاب و «داعش» و»النصرة» وهنا وبالطبع فإن الروس، الذين يريدون بقاء هذا الرئيس السوري إلى أن يستكملوا ترتيب أوضاعهم في الشرق الأوسط وفي أوكرانيا وجزيرة القرم، سيبقون «يلفون ويدورون» ويناورون ويلعبون ومعهم إيران وهذا، الذي لم يعد له من الحكم إلاّ الجلوس على كرسي الحكم في أحد المخابىء السرية في دمشق، إلى أن يحققوا هذا الهدف الذي غزوا هذه الدولة العربية من أجل تحقيقه!!.
وكل هذا بينما سيبقى الأميركيون يقدمون رِجْلاً ويؤخرون أخرى وسيبقوا يتحدثون لغة حمالة أوجهٍ كثيرة.. بل وسيبقى جون كيري يغلب التفاؤل على التشاؤم وسيبقى يواصل إطلاق التصريحات التي تتحدت عن تقدم و»إن ضئيل» مع سيرغي لافروف مع أنَّ واقع الحال أنه بات مؤكداً أنَّ هذا الأسوأ، بالنسبة لهذه الأزمة التي أوصلها إلى هذه الأوضاع المأساوية التي وصلت إليها هو ميوعة إدارة باراك أوباما من جهة وعدوانية فلاديمير بوتين من جهة أخرى، سيزداد سوءاً .
والأخطر أن الواضح، بينما تتواصل كل هذه المماحكات الأميركية – الروسية وبلا نهاية ولا أي إنجاز أنَّ هناك من يدفع سوريا، وأول هؤلاء بشار الأسد ونظامه، نحو «التقسيم» الذي إنْ هو حصل فإنه سيفجر هذه المنطقة كلها وإن عدواه ستنتقل تلقائياً إلى العراق الذي حاله لا تسر الصديق ولا تغيض العدا وإلى اليمن، حيث يعمل «الشاويش» علي عبدالله صالح ومعه الحوثيون على العودة إلى «التشطير» وإلى ما كانت عليه الأوضاع قبل «وحدة التراب اليمني» في عام 1990.
وهكذا أيضاً فإن هذا كله يجب أن يجعلنا، في هذا البلد الذي بات بعد تطورات الخمسة أعوام الماضية في هذه المنطقة يشبه زهرة في بيدر من الشوك ، نتبع سياسة:»نوم الذئب» أي عين مستيقظة ومفتحة وعين مسترخية ومغمضة.. إنه علينا أن نستمر في البناء وفي تعزيز «الديموقراطية» ، التي آخر محطاتها هذه الإنتخابات الأخيرة التي يجب أن تكون فخراً لكل أردني، لكن وفي الوقت نفسه فإنه علينا أن نبقى على حالة الإستنفار القصوى وأنْ نضع في حساباتنا ودائماً وأبداً أن هذا الشرق الأوسط، غير المستقر، قد عودنا على المفاجآت الخطرة... وأنَّ في أمثلتنا الشعبية مثل بدويٌّ يقول :»اللهم أجِرْنا «أحْمنا» من شر اللايذات»!!.
عن الرأي الاردنية