حاول الرئيس التنفيذي لـ"دويتشه بنك"، جون كرايان، مؤخرا، طمأنة العاملين في أكبر البنوك الألمانية بشأن مستقبل البنك، الذي يتعرض لضغوط شديدة في الأسابيع الأخيرة بسبب احتمال عدم قدرته على تدبير 14 مليار دولار لمواجهة غرامات ومصروفات قضائية في الولايات المتحدة.
وتواصل أسعار أسهم البنك الهبوط إلى أدنى مستوى في ربع قرن، لتخسر في إحدى جلسات تعاملات نهاية الأسبوع، الجمعة، نحو 8 في المئة من قيمتها.
وفي رسالة للموظفين، أعاد كرايات التأكيد على أن وضع البنك ليس مثيرا للقلق كما يبدو، وفسر بدء صناديق التحوط خفض انكشافها على البنك، بأنها إجراءات من قبيل "المضاربة".
وتتوالى التأكيدات من الحكومة الألمانية بأنها لن تقدم أي مساعدات مالية للمصارف المتعثرة، بينما يترقب العالم ما يمكن أن يحدث لدويتشه بنك، الذي بدأت مشكلاته تثير الذعر في أوساط القطاع المصرفي العالمي بالفعل.
وذكر أحد النواب من كتلة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن الحكومة لن تكرر ما فعلته عام 2008، وذلك بعد نفي وزارة المالية الألمانية، الأربعاء، أنها تعد خطة لإنقاذ "دويتشه بنك".
ذكرى ليمان
ومع حلول ذكرى انهيار مصرف "ليمان براذرز" الاستثماري في 15 سبتمبر 2008، الذي مثل قمة فورة الأزمة المالية العالمية الأخيرة، بدأت الأسواق تتحسب لخطر أن يكون "دويتشه بنك" هو "ليمان براذرز" أزمة جديدة.
ولم تزد محاولات البنك الألماني التقليل من تلك المخاطر المستثمرين والمعلقين إلا خوفا من تكرار سيناريو "ليمان براذرز".
فتصريحات الرئيس التنفيذي، وهو بالمناسبة بريطاني تولى رئاسة البنك مؤخرا، بأن البنك في وضع جيد وأن لديه من الأدوات ما يمكنه من تجاوز أزمة توفير 14 مليار دولار تشبه تماما تصريحات مسؤولي "ليمان براذرز" قبل انهيار البنك.
ولم تبدأ مشكلات "دويتشه بنك" خلال الأسابيع الأخيرة، بل منذ مطلع العام وهو محل أنظار المصرفيين والمستثمرين، وخسرت أسهمه منذ يناير نحو نصف قيمتها تقريبا.
وكان "دويتشه بنك" أعلن عن أول خسائر فصلية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 في يناير الماضي، وذلك نتيجة غرامات بأكثر من 5 مليار يورو، ومشكلات في سندات قابلة للتحويل بنحو 4.6 مليار يورو، كانت تمثل خطة البنك للطوارئ في حالة الأزمات.
ومع ذلك، يصر كبار مسؤولي البنك على أنه ليس لديه مشكلة سيولة، وأنه ليس بحاجة لإنقاذ حكومي، مكررين بالضبط ما كان يقوله كبار مسؤولي "ليمان براذرز" قبل منتصف سبتمبر 2008.
ورغم أن مشكلات البنوك الإسبانية أو الفرنسية أو الإيطالية في السنوات الأخيرة تكاد تكون مرت دون كوارث مستفيدة من قدرة البنك المركزي الأوروبي على مساعدتها، إلا أن القطاع المصرفي الألماني أكر بكثير، ويمكن لمشكلاته أن تطلق شرارة هبوط حر في النظام المالي العالمي كله.