نجاة بلقاسم..أول امرأة تتولى حقيبة وزارة التعليم بفرنسا
"ليس عيبا أن نفشل طالما أننا نستمر في المحاولة لقد كانت أمي دائما تقول لي: لا تقلقي، إن بالحياة خيالا وأحلاما أكبر مما تتصورين."
هكذا ظلت تردد الوزيرة الفرنسية من أصل مغربي نجاة بلقاسم، فهي وإن كانت تقر بأن مسارها ليس اعتياديا لكونها تنحدر من أصول مهاجرة، فهي لا تكف عن تشجيع أبناء المهاجرين على عدم التخلي عن أحلامهم، داعية إياهم الى التحلي بالثقة بالذات والإصرار والتحدي لبلوغ الأهداف.
راعية الغنم..!
إنها أول امرأة تتولى حقيبة وزارة التعليم بفرنسا، معروف عن نجاة فالو بلقاسم أفكارها اليسارية بحكم تاريخ عائلتها والمناطق التي كبرت فيها، وهي من أبرز المدافعات عن حقوق المرأة وعن نضالها السياسي ضد التمييز، لا سيما في المناطق الفقيرة.
من أصول مغربية، أبصرت النور في قرية بني شيقر الجبلية بإقبليم الناظور بالمغرب عام 1977 حيث كانت ترعى الغنم وتشاهد سيارة واحدة مرة كل شهر، التحقت رفقة والدتها وشقيقتها الكبرى بوالدها الذي كان يعمل في المعمار بفرنسا عام 1982 وهي لم تتخطى سن الخامسة من عمرها.
من قرية بني شقير بشمال المغرب الى مدينة أبيفيل بشمال فرنسا، حيث شاءت الأقدار ان تنشأ هذه الطفلة التي سيكون لها شأن كبير في عالم السياسة وإدارة مقاليد الحكم بفرنسا.
لقائها بزوج المستقبل
نشأت داخل أسرة محافظة، إذ كان والدها صارما جدا ولم يكن يسمح لها بمقابلة الشبان، وهو ما جعل الكتب خير جليس لنجاة، ليبزغ نجمها في الصف الدراسي. التحقت بكلية الحقوق، ثم كلية باريس للدراسات السياسية المرموقة، وهناك تقابلت مع زوج المستقبل، بوريس فالو، أحد المقربين من الرئيس هولاند ويشغل حاليا منصب نائب كبير الموظفين بقصر الإليزيه.
بدأت نجاة بلقاسم مسارها المهني كمستشارة قانونية في مكتب محاماة بمجلس الدولة وفي محكمة النقض حيث أمضت ثلاث سنوات.
مقاومتها للتمييز العنصري
في عام 2002 انضمت إلى الحزب الاشتراكي وعملت كمستشارة في ديوان رئيس بلدية ليون، جيرار كولومب، الذي كان أيضا عضوا في مجلس الشيوخ الفرنسي، حيث كلفت بمهمات من قبيل تعزيز الديمقراطية في الأحياء الشعبية لمدينة ليون ومقاومة التمييز العنصري والدفاع عن حقوق الإنسان، إضافة لإيجاد فرص عمل ومساكن للشبان الذين يعيشون في أحياء شعبية ويعانون من البطالة.
شغلت نجاة بلقاسم مناصب عدة داخل الحزب الاشتراكي، كما كانت ثالث ناطقة رسمية لحملة سيغولين روايال في الانتخابات الرئاسية 2007 برفقة فانسون بيون وأرنو مونتبور.
في عام 2012 اختارها فرانسوا هولاند كناطقة رسمية لحملته الإنتخابية مستفيدة من التزامها السياسي بجانب سيغولين رويال في 2007 ثم في 2011 خلال الانتخابات التمهيدية من اجل اختيار مرشح الحزب الاشتراكي. دافعت نجاة بلقاسم عن مرشح الحزب فرانسوا هولاند بقوة برفقة اوريلي فليبيتي ومسؤولين آخرين.
تعيينها وزيرة لحقوق المرأة
وبعد فوز هولاند في الانتخابات الرئاسية في مايو 2012 تم تعيينها وزيرة لحقوق المرأة والمتحدثة الرسمية باسم الحكومة لتكون بذلك أصغر وزيرة سنا في حكومة جان مارك إيرولت.
بعزم وإرادة قوية، باشرت الوزيرة الشابة عملها الوزاري، حيث وضعت نصب أعينها تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع ميادين المجتمع إضافة إلى محاربة الأفكار النمطية تجاه النساء، حيث قادها نضالها من أجل المساوة بين الجنسين لإنشاء "المجلس الأعلى للمساواة بين الرجال والنساء" عام 2013 .
الوزيرة المثيرة للجدل
بزوغ نجم نجاة بلقاسم في عالم السياسية، لم يكن ليرضي الكثيرين الذين شرعوا في توجيه سهام النقذ اللاذع، سواء من قبل المسلمين الذين اتهموها بدعم الخط العلماني الفرنسي على حساب الإسلام، وهو الأمر الذي تنفيه نجاة بشدة أو من قبل وسائل الإعلام المحافظة، التي وصفتها ب "آية الله" وسط توقعات من جانبهم بكونها تسعى لأسلمة المدارس الفرنسية.
تقول نجاة بلقاسم بهذا الخصوص "إن" المناقشات والجدال السياسي غير المنتهي قد وصم الأسر المسلمة في البلاد. تحتاج المدرسة إلى تعليم الناس أن الجميع جزء من نفس المجتمع وأننا جميعا أحرار ومتساوون ".
وتضيف "كنت خجولة ومتحفظة للغاية، ولذلك كان أمرا يتعارض مع شخصيتي أن أنخرط في العمل السياسي. لكنني قررت أن أعلن التزامي مدى الحياة بمحاربة الظلم الاجتماعي، ومناهضة عدم المساواة، وكان ذلك هو السبب وراء كوني يسارية حتى النخاع".
قربها من الشباب المغترب
قد تبدو نجاة بلقاسم الأكثر قدرة على التواصل مع الشباب المغترب، حيث ترعرعت في أحياء فرنسا الفقيرة، لكنها مع ذلك، ترفض الاعتراف بأن أصولها تميزها عن باقي السياسيين.
تدين بنجاحها إلى نظام التعليم الفرنسي. تقول فالو بلقاسم "كان للمدرسة دورا كبيرا ومؤثرا في رحلتي الشخصية، فقد سمحت لي بالانفتاح على العالم، وبالحركية الاجتماعية كذلك كما سمحت لي بإثراء ذاتي، وبالتعلم والإدراك".
شعبيتها الواسعة..
في عام 2014 عينت نجاة بلقاسم وزيرة لحقوق المرأة والمدينة والرياضة والشباب في حكومة مانويل فالس السابقة ثم وزيرة للتربية، وظلت نجاة وفية لإلتزاماتها الحكومية، حيث دافعت بشجاعة عن سياسة الحكومات التي شاركت فيها، مما جعلها تحظى بشعبية واسعة لدى الفرنسيين.