تسعى تونس بشدة لإنقاذ الموسم السياحي الصيفي بعد الهجوم الدامي الذي استهدف في مارس الماضي متحف باردو الشهير، حيث شددت إجراءات الأمن في المناطق السياحية وأطلقت حملة ترويج دولية، في وقت أعرب فيه مهنيون عن مخاوفهم من "فشل" الموسم بسبب التأثيرات السلبية للهجوم.
وتعد السياحة أحد أعمدة الاقتصاد في تونس، إذ تساهم بنسبة 7 في المئة في إجمالي الناتج المحلي، ويعمل فيها نحو 400 ألف شخص بشكل مباشر، كما أنها من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.
وفي 18 مارس الماضي، هاجم مسلحون برشاشي كلاشنيكوف سياحا أجانب عندما كانوا يغادرون حافلات كانت تقلهم أمام متحف باردو الشهير، ثم طاردوهم داخل المتحف وقتلوا منهم 21 شخصا، إضافة إلى رجل أمن تونسي، قبل أن تقتلهما الشرطة.
ونسبت الحكومة الهجوم إلى "كتيبة عقبة بن نافع" المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والتي أعلنت ولاءها لتنظيم داعش.
وكان ذلك الهجوم الأول الذي يستهدف أجانب في تونس منذ الإطاحة مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي. كما أنه ثاني هجوم يستهدف سياحا أجانب في تونس منذ سنة 2002.
وفي 30 مارس الماضي، قال طالب رفاعي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة خلال مؤتمر صحافي في تونس، إنه "من السابق لأوانه تقييم آثار الهجوم"، موضحا أن "الاختبار الحقيقي سيكون خلال فصل الصيف، باعتباره الفترة التي يتدفق فيها أعلى عدد من السياح على تونس".
وقال رضوان بن صالح رئيس "الجامعة التونسية للنزل" إن "أكثر ما يثير القلق هو توقف حجوزات الصيف"، معبرا عن خشيته من "موسم فاشل"، خصوصا بعدإعلان نقابة وكلاء الأسفار في فرنسا، التي تعد أول سوق سياحية لتونس، عن تراجع الحجوزات نحو البلاد بنسبة 60 في المئة.
من جانبه، قال محمد علي التومي، رئيس "الجامعة التونسية لوكالات الأسفار"، إنه "يجب أن نكون صارمين من الناحية الأمنية، يجب طمأنة السياح بكل الوسائل".
والأسبوع الماضي، أعلنت وزيرة السياحة سلمى الرقيق أن السلطات ستفرض إجراءات أمنية "استثنائية وشديدة" في المناطق السياحية، وستطلق حملة ترويج دولية للسياحة التونسية تشارك فيها "شخصيات معروفة" للحد من التأثيرات السلبية للهجوم على متحف باردو.
وتتمثل الإجراءات الأمنية الاستثنائية بالخصوص في تعزيز الأمن بالمواقع والمسالك السياحية، وتشديد المراقبة في المطارات والطرقات ووسائل النقل.
ويقر أصحاب الفنادق ووكلاء الأسفار أن الإجراءات الأمنية الاستثنائية والحملة الترويجية للموسم الصيفي تبقى "حلولا ظرفية"، لأن السياحة التونسية تعاني من مشاكل هيكلية تراكمت منذ عقود وبقيت دون حل.
وخلال الربع الأول من 2015، وقبل حصول الهجوم على متحف باردو، لم تكن هناك مؤشرات على موسم سياحي واعد في تونس، إذ تراجعت العائدات السياحية بنحو 7 في المئة، وعدد الليالي المشغولة بنسبة 10,7 في المئة، فيما انخفض عدد الواصلين إلى الحدود بنسبة 14,2 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2014 بحسب إحصائيات وزارة السياحة.
وأقر محمد علي التومي بأنهم لم يكونوا متفائلين حتى قبل حادثة باردو، لأن الوضع الأمني في تونس لم يستقر 100 في المئة، فضلا عن مشاكل النظافة ومديونية المؤسسات السياحية، فكل هذه الأمور "جعلتنا لا نتوقع موسما صيفيا جيدا"، بحسب قوله.