ما زالت الساحة الفلسطينية تموج بردود الفعل بالاتجاهين السلبي والايجابي على مشاركة الرئيس محمود عباس في تشييع جنازة شمعون بيرس يوم الجمعة الماضي. خاصة وان هناك قوى تعمل بشكل منهجي على تأجيج الاوضاع في الساحة عبر مواصلة عملية التحريض على شخص الرئيس عباس. إسرائيل من جهة وحماس من جهة ثانية واليسار من جهة ثالثة وقوى داخل فتح من جهة رابعة. وكل قوة لها إعتباراتها وخلفياتها الخاصة، ولكنها موحدة في نقطة رئيسية، عنوانها التحريض على شخص الاخ ابو مازن.
وللأسف الرد حتى الان من قبل ممثلي الشرعية والموالاة، مازال ضعيفا وقاصرا عن وضع حد للهجمة المستعرة في الداخل الفلسطيني. الامر الذي يحتاج إلى وضع رؤية وحلول لوقف التداعيات السلبية لعملية التحريض في الشارع الوطني، وكشف الابعاد الخبيثة الاسرائيلية والحمساوية من عمليات التحريض. لاسيما وان اليسار وبعض فتح، وأي كانت ردود فعلهم، فإنها لا ترقى ولا تتوافق مع اهداف دولة التطهير العرقي الاسرائيلية وحركة الانقلاب الحمساوية.
انطلاقا مما ورد، فإن المرء يعتقد بضرورة العمل على الاتي: اولا الخروج من حالة الاستكانة والانتظار لحين هدوء العاصفة. لان بعض القوى بقصد وبعضها بغباء وعفوية تصب الزيت كل يوم على عملية التحريض؛ ثانيا دعوة الرئيس عباس إلى اجتماع قيادي مشترك للجنة التنفيذية للمنظمة والمركزية لحركة فتح لعرض رؤيته والاسباب، التي أملت عليه المشاركة في التشييع. وفي ذات الوقت الاستماع لوجهات نظر القيادات المختلفة، والاتفاق على اليات عمل مشتركة لوقف التآكل الداخلي غير الايجابي؛ ثالثا دعوة عدد من الكفاءات الاعلامية والاكاديمية والثقافية لتوضيح الامر، والتفاعل معهم حول مسألتي الخطاب الشعبوي والخطاب العقلاني؛ ثالثا دعوة نواب القائمة المشتركة بقيادة ايمن عودة وقيادة لجنة المتابعة العربية برئاسة الاخ محمد بركة في داخل الداخل للحوار حول ذات المسألة، والعمل على إصدار بيان عن الاجتماع يوضح التباين بين القيادة الشرعية الفلسطينية والاستحقاقات المطلوبة منها وبين النواب العرب في الكنيست وقيادة لجنة المتابعة العربية والاستحقاقات المطلوبة منها. كي تدرك الجماهير الفلسطينية الفرق بين التجمعين الفلسطينيين؛ رابعا توجيه كلمة للجماهير الفلسطينية لتوضيح الامر؛ خامسا زيارة ومواساة بعض اسر الشهداء في عدد من المحافظات الشمالية.
اما سياسة الانتظار او الاكتفاء بما يقوم به الاخوة الناطقون الاعلاميون لحركة فتح، فهو لا يكفِ نهائيا. كما ان الاعتماد على التدخل غير الايجابي للاخوة في الاجهزة الامنية ضد هذا الحراك او ذاك ايضا لا يساعد على بلوغ الهدف المراد. هناك حاجة ماسة للمبادرة وإعتماد مبدأ "الهجوم خير وسيلة للدفاع". لان هناك هجمة شرسة وغير مسبوقة في التحريض. ولمواجهتها يفترض وضع خطة ورؤية منهجية لمعالجة التهتك الحاصل في الساحة، وتدعو الحاجة لشحذ الهمم الوطنية بخطاب عقلاني ومسؤول بعيد عن التطير والردح، خطاب يعتمد مقارعة الحجة بالحجة. لان كسب الجماهير والقوى الفلسطينية أمر في غاية الاهمية. ولا يجوز القفز عن ذلك. لان المواطنين الفلسطينيين والقوى السياسية المنضوية في إطار منظمة التحرير، هي الحصن الاساسي للقيادة. قد يكسب هذا القائد او ذاك العالم لإسباب مختلفة، ولكن لا قيمة للعالم إذا خسر اي منهم الشعب. لذا على القيادة وخاصة الرئيس ابو مازن تمتين الروابط مع الجماهير الفلسطينية، ونقل وعيها الى مستوى الحدث عبر مخاطبتها مباشرة، والحصول على المعلومة، التي تهمها من شخصك انت لا من غيرك من القيادات على اهميتهم. قد يكون للبعض رأي آخر، لكن رأيت ان اضع رأي وانقل وجهة نظري لمعالجة حدث أعتقد انه غير عادي.