لا تعبثوا بالدم الفتحاوي !!!

thumbgen (62)
حجم الخط
 

ما حدث في ساحة الجندي المجهول لم يكن فقط إقدام بعض الموتورين على إحراق صورة الرئيس أبو مازن الذي يدينه كل ذي عقل و بصيرة ، ولا يمكن إختصار المسألة في هذا الحدث الشاذ ، إن ماجرى له دلالات كبيرة الأهمية من غير المعقول تجاهلها و التعمية عليها و التشبث بحرق صورة للرئيس أبو مازن المرفوضة و المدانة ، و أعتقد جازما أنها شكلت خدمة مجانية و غبية أضرت كثيرا بالألاف من الجماهير الفلسطينية إلى الجندي المجهول و هي تحمل رسائل صريحة للمطالبة بوحدة حركة فتح و لملمة شتاتها و توحيد صفوفها إلى جانب المطالبة بما يلحق بغزة و أبنائها من ضيم و إجحاف ، لقد كانت الجماهير المحتشدة توجه نداءات صادقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان ... وهذا ماتم إغفاله و تجاهله بفعل الردود المغرضة التي لا تخلو من الشبهة على غير صعيد .

لا أحد عاقل ينكر بأن وحدة حركة فتح على المحك ، و أصحاب منهج الإقصاء و الشطب و الإلغاء هم سادة الموقف و أصحاب اليد الطولى في الحركة ، و أن إستمرار هذا النهج يقودها إلى المجهول ، مهما حاول المدعون رسم صورة وردية للأوضاع الفتحاوية الداخلية و أن ما يجري لا يؤثر على حاضر و مستقبل حركة فتح ، فالقسمة حاصلة و الإرتباك قائم ، لكن التمادي في تكريس هذه الحالة العدمية و المكابرة الغبية لن تؤدي إلى إلى دروب المهالك و نتائج لا تحمد عقباها ، وقد حان الوقت أن يتوقف الإسهال الإعلامي الذي توجهه جهات أمنية و أخرى مستفيدة من تعميق الشقاق الفتحاوي ، ويجب أن تتوقف قيادات الغفلة عن الإسفاف الوضيع في وصف و تشخيص الواقع ، وبالمناسبة هؤلاء و مواقفهم لم يعودوا سرا أو معادلة لوغاريتماتية ، تراهم في الغرف المغلقة يمزقون فروة الرئيس و يقولون فيه أكثر مما قاله مالك في الخمر بل منهم من إتهمه بالخيانة و العمالة ، و في العلن يتسابقون للمزايدة و تسجيل عبارات المديح التغزل في سجايا و مزايا الرئيس و قراراته ، أليس هكذا يا من قال " أن غزة ليست خزان إنتخابي فقط " ، الحكاية مكشوفة بالتأكيد لجمهور غير مغيب ولا ينسى ، و كذلك أن يخرج قائد همام ليقول بأن من شارك في الفعالية الجماهيرية في الجندي المجهول لم يشارك فيها إلا فتحاوي واحد ... وهو يدرك أنه كاذب فيما يقول و الناس تدرك أكثر حتى عائلته و بنيه أنه كاذب ، وغرضه أن يقول للرئيس أبو مازن أنه ما زال ضمن القطيع ، يا هذا ألا تعرف أن الرئيس أيضا يعرف أنك كذاب أشر ، هنا بكل تواضع لا يسعنا القول إلا أنك تستحق الشفقة و أنت تدوس على ما تبقى لك من تاريخ لا ننكره .

إن خطورة المرحلة تستدعي من الجميع الوقوف عند مسؤولياتهم و ليس دفن رؤوسهم في رمال متحركة ، المصالح زائلة و فتح باقية شاء من شاء و أبى من أبى ، ولن تطول حقبة الهوان و الإستهانة بمناضليها و أبنائها ، ولن يجدى المنطق المكارثي في ردع الناس و ثنيهم عن قناعاتهم عبر التهديد و الإرهاب و النفخ في كير الشرعية مما يفقد الشرعية معناها ، و الإختفاء وراء شرعية الرئيس الفتحاوية التي إكتسبها من المؤتمر العام السادس وهي ليست محل نقاش ، لا تشرعن له أو لغيره ذبح كل مختلف أو معارض أو صاحب رأي مخالف ، و إعتبار تلك الشرعية منطلقا لتصفية الحسابات و إنتهاك اللوائح التنظيمية و الأعراف الثورية التي منحت له و لغيره شرعية الوجود في هذه المواقع .

صحيح أن الرئيس قد أشار إلى إتخاذ إجراءات غير مسبوقة ضد من يؤيد أو يتعاطف مع النائب محمد دحلان ، حيث سارعت أبواق الفتنة إلى توصيف من يتم إدراجه في هذه الخانة بأنهم أعداء الشعب الفلسطيني " يعني تخوينهم بطريقة ناعمة " ومن الممكن تكفيرهم لاحقا على الطريقة الداعشية و إهدار دمهم على الملأ ، إن هذا المنطق الغريب على حركة فتح يفتح باب الدم على مصاريعه في المستقبل القريب و ليس البعيد ، و يمنح كل حاقد الفرصة للولوغ في الدم الفتحاوي تحت شعار هذه التهم الجزافية التي فيها من الإفتراء و التجني ما لا يخفى على أحد ، وبالرغم من خطورة هذا الإشتقاق الكارثي من أدوات المرحلة ، ماذا يمكن القول أو توصيف من يختلف و يعارض دفاعا عن مصلحته الشخصية و رؤيته الوطنية ، من الخريجين و العاطلين عن العمل و أصحاب البيوت المهدومة و ذوي الشهداء و الأسرى و تفريغات 2005 ؟؟ وما العمل مع تلك الشريحة من جيل الشباب ( من سن 18 إلى 25 عاما ) ، الذين لا يربطهم بالسلطة و حركة فتح لا راتب ولا درجة وظيفية ؟؟ علما بأن هؤلاء كانوا الغالبية الحاضرة في ساحة الجندي المجهول .. فهل هؤلاء أعداء الشعب الفلسطيني أيضا ؟؟ و إذا علم الرئيس و هو يعلم بأن الذين بلغوا سن الثامنة عشرة فما فوق في ظل السنوات العشر العجاف للإنقلاب الحمساوي هم أكثر من نصف مليون شاب في قطاع غزة وهم شهود على سوءات السلطة التي يمثلها الرئيس و إرهاب حماس الذي أورثهم الضياع ، ألا يحق لهم المطالبة بالإنصاف و إزالة المظالم ؟ أم هم أيضا أعداء للشعب الفلسطيني ؟؟ و إذا كان الأمر كذلك هل بات الشعب الفلسطيني هم أهل المقاطعة من زوارها وساكنيها ومنيدور في فلكها و يسبح بحمدها فقط ؟؟
بالتأكيد الأمر عكس ذلك تماما ، و من هنا إن الإستجابة لمنطق العقل و التجاوب مع متطلبات المصلحة الحركية و الوطنية يقتضي إعادة النظر الفوري والمراجعة السريعة لكل الأساليب و الإجراءات و المفاهيم التي تسير بالحركة عكس التيار الجماهيري و السياق الطبيعي و الموضوعي للأمور ، لأن الإستمرار في كيل الإتهامات ليس الحل و التصعيد السلبي سيؤدي إلى نتائج أكثر سلبية .