حكومة نتنياهو تخشى أن تركّز هيلاري على الموضوع الفلسطيني إذا فازت بالرئاسة

1602_33556
حجم الخط

نقل مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى، يبدو أنه سفير اسرائيل في واشنطن، رون ديرمر، قبل حوالي عشرة أشهر رسائل الى لجنة الانتخابات للمرشحة الديمقراطية للرئاسة في الولايات المتحدة، هيلاري كلينتون. وحسب هذه الرسائل فان حكومة اسرائيل تخشى من أنه اذا تم انتخاب كلينتون فستنتهج سياسة خارجية تُركز على الموضوع الفلسطيني، وستلقي بالمسؤولية عن الجمود في المسيرة السلمية على إسرائيل.
هذا ما يتبين من رسائل البريد الالكتروني لشخصيات رفيعة في لجنة كلينتون، التي تم الكشف عنها في نهاية الاسبوع في موقع التسريب "ويكيليكس".
تم ارسال بعض الرسائل الالكترونية من قبل أحد المقربين من عائلة كلينتون، ستيورت أيزنشتات، الى رئيس طاقم الانتخابات في مقر كلينتون، جون بوديستا، ومستشارها المقرب جاك سلبان، الذي يتوقع أن يتم تعيينه مستشارا للأمن القومي في حال فوز كلينتون في الانتخابات. في فترة ولاية بيل كلينتون كرئيس تم تعيين أيزنشتات، المقرب من الحزب الديمقراطي، في مناصب رفيعة المستوى في الادارة منها سفير الولايات المتحدة في مؤسسات الاتحاد الاوروبي ومساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية ونائب وزير المالية. قدّم أيزنشتات الاستشارة ايضا لهيلاري كلينتون في حملتها الانتخابية. وفي الوقت الحالي هو رئيس مجلس ادارة معهد سياسة الشعب اليهودي.
رسائل البريد الالكتروني، التي تم الكشف عنها، تبين أنه قبل نحو سنة ونصف السنة توجه أيزنشتات الى مسؤولين في طاقم كلينتون واقترح المساعدة وتقديم الاستشارة في شؤون السياسة الخارجية. وفي اعلان لبوديستا في شباط 2015 كتب أيزنشتات أنه مقرب جدا من السفير الاسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، الذي يعرفه ويعرف عائلته منذ عشرات السنين، وأنه شارك في احتفال بلوغه في ميامي، ولديه حتى الآن علاقات وثيقة معه وتتم دعوته الى المناسبات في منزله، حيث يسكن السفير الاسرائيلي في واشنطن: "يمكنني أن أكون مبعوثا رسميا أو غير رسمي من قبل كلينتون للمسؤولين في حكومة اسرائيل" كما اقترح أيزنشتات على مستشاري المرشحة الديمقراطية للرئاسة.
ويتبين من رسائل البريد الالكتروني أن اقتراحات أيزنشتات قُبلت بشكل جزئي. لقد دخل الى مجموعة الخبراء في السياسة الخارجية الذين يتم التشاور معهم من قبل مستشاري كلينتون. وقد كانت له علاقة متواصلة على مدى اشهر طويلة مع بوديستا وسلبان في الفترة التي مرت منذ أرسل أيزنشتات التقارير المفصلة لطاقم كلينتون حول اللقاءات التي أجراها مع رون ديرمر. في احدى الرسائل تحدث أيزنشتات عن "لقاء مع شخصية اسرائيلية رفيعة المستوى مقربة من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تعرف جيدا طريقة تفكير نتنياهو". ولم يتم التطرق لاسم الشخصية الاسرائيلية، لكن يبدو أن الحديث يدور عن ديرمر.
في الرسائل الالكترونية الى هيئة كلينتون في 8 كانون الاول 2015 قال أيزنشتات إنه في لقاء على وجبة الفطور قالت تلك الشخصية الاسرائيلية إنها شاركت في جزء من النقاشات في "منتدى سبان" الذي أجري في واشنطن قبل ذلك بأيام. ويعتبر هذا الحدث قريبا من الحزب الديمقراطي ويقوم بالترتيب له الثري الاسرائيلي حاييم سبان، الذي يعتبر من أكبر المتبرعين لكلينتون، ومارتن اينديك الذي كان في السابق مبعوثا لعملية السلام من قبل الرئيس اوباما ونائب رئيس معهد بحوث بروكينغز. ومثل سبان، يعتبر اينديك ايضا مقربا من عائلة كلينتون.
"قال المصدر الاسرائيلي رفيع المستوى لي إنه يشعر بأن هناك تركيزا على الموضوع الفلسطيني"، كما كتب أيزنشتات للمستشارين الرفيعين لكلينتون. "لقد تساءل اذا كانت ادارة هيلاري كلينتون ستكون عبارة عن منتدى سبان لمدة اربع سنوات، بسبب الاشخاص الذين يحيطون بها". وأشار المصدر الرفيع الى أن 95 في المئة من خطاب كلينتون في منتدى سبان كان جيدا. "رغم أن جزءاً من الخطاب شمل المقارنة الاخلاقية بين اسرائيل والفلسطينيين". في خطابها في منتدى سبان قالت كلينتون إن البديل للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، "قد يكون الأعلام السوداء لـ(داعش)". وقالت ايضا إن على القيادة الفلسطينية وقف التحريض ومنع العنف ضد الاسرائيليين، وأن على القيادة الاسرائيلية وقف البناء في المستوطنات ومنع العنف ضد الفلسطينيين.
حسب رسالة البريد الالكتروني لأيزنشتات، قال له المصدر الاسرائيلي رفيع المستوى إنه توجد لنتنياهو علاقة جيدة مفاجئة مع كلينتون، وإنه يعتقد أن من السهل العمل معها لأنها غريزية وتؤيد اسرائيل أكثر من البيت الابيض الحالي. "في المكالمة المشهورة التي استمرت 43 دقيقة بين كلينتون ونتنياهو في آذار 2010، بعد ازمة البناء في رمات شلومو اثناء زيارة نائب الرئيس، جو بايدن، حيث كانت لنتنياهو رغبة في اغلاق الهاتف كونه اعتقد أن كلينتون (وزيرة الخارجية في حينه) حصلت على سيناريو متشدد وقرأت من ورقة التوجيهات التي اعطيت لها من البيت الابيض".
وقال المصدر الرفيع لأيزنشتات إن نتنياهو يؤيد حل الدولتين، لكن اغلبية حزب الليكود وحزب البيت اليهودي التابع لنفتالي بينيت لا يؤيدون ذلك. وأضاف أن نتنياهو يريد القيام بخطوات لتحسين الوضع في الضفة الغربية، لكنه يجد صعوبة في تحقيق ذلك بسبب موجة عمليات الطعن التي لا يستنكرها الرئيس عباس.
من خلال رسائل كلينتون، قال المصدر الاسرائيلي إنه من اجل القيام بخطوات في الميدان فان نتنياهو سيرغب في معرفة هل سيحظى بتأييد الولايات المتحدة، سواء بمعارضة أي مبادرة لقرار حول الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني في مجلس الامن، أو الموافقة على أن تبني اسرائيل داخل الكتل الاستيطانية في الضفة. وأشار المصدر ايضا الى أن ادارة اوباما لم تستجب لطلبي اسرائيل. "شدد المصدر الاسرائيلي على أنه يمكن التوصل الى صفقة بين اسرائيل والادارة القادمة حول تنفيذ خطوات ايجابية من البداية"، كتب أيزنشتات لمستشاري كلينتون، "سيكون من السهل جداً فعل ذلك".
أحد التفاصيل اللافتة التي قام أيزنشتات بايصالها لمستشاري كلينتون حول اللقاء مع المصدر الاسرائيلي، يتعلق بتقديرات مكتب رئيس الحكومة في القدس حول وريث الرئيس عباس. فقد أشار الى أن المصدر الاسرائيلي قال له إن تهديدات عباس بالاستقالة تبدو أكثر جدية من السابق. ولكن "ليس هناك أي وريث مسلّم به في حالة استقالته باستثناء الشاب الذي يجلس في السجن"، أي من كان أمين سرّ "فتح" في الضفة الغربية، مروان البرغوثي.
وأشار أيزنشتات الى أن المصدر الرفيع قال له ايضا إن هناك جهات في الائتلاف الاسرائيلي تريد حل السلطة الفلسطينية والسيطرة على "المناطق"، لكن نتنياهو يعارض ذلك. ومع ذلك أضاف بأنه اذا نضجت الدعوى الفلسطينية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي فهذه "ستكون مشكلة قد تغير قواعد اللعب في العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية".
اللقاء الذي تحدث عنه أيزنشتات مع المصدر الاسرائيلي الرفيع حدث بعد بضعة اسابيع من زيارة نتنياهو لواشنطن في تشرين الثاني 2015، حيث التقى مع الرئيس اوباما، وأعلنا استئناف المفاوضات حول اتفاق المساعدات الأميركية. المصدر الاسرائيلي الرفيع، الذي يبدو أنه سفير اسرائيل ديرمر، قال لأيزنشتات إن الخلاف هو حول حجم المساعدة التي ستحصل عليها اسرائيل. وأشار أيزنشتات الى أن المصدر الاسرائيلي قال له إن "السفارة الاسرائيلية في واشنطن لا تحاول تجاوز الادارة من اجل المطالبة بمبلغ أكبر من الكونغرس، لكن اذا كان المبلغ قليلا فسيتم انتظار الرئيس القادم" من أجل التوصل الى اتفاق المساعدات.
قبل ذلك ببضعة اشهر، في 2 تموز 2015، وقبل التوقيع على الاتفاق النووي بين ايران والقوى العظمى أرسل أيزنشتات رسالة في البريد الالكتروني الى مستشار كلينتون، جاك سلبان، وتحدث فيها عن لقائه مع السفير ديرمر. "إن ديرمر قلق من أن الصراع ضد الاتفاق النووي مع ايران سيؤدي الى تدهور العلاقة بين اسرائيل والولايات المتحدة. واعتقد أنه قبل ثلاثة اسابيع كانت توجد نسبة 10 في المئة من اجل التوصل الى الاتفاق النووي بشكل يسمح بالتغلب على الفيتو الرئاسي، لكنه يشعر الآن أنه توجد الآن فرصة بنسبة 30 في المئة على خلفية معارضة الاتفاق المتزايدة، بعد أن ظهرت نواقص الاتفاق". ورغم التفاؤل الذي أظهره ديرمر، إلا أن الصراع الذي أداره هو ونتنياهو في الكونغرس ضد الاتفاق النووي مع ايران فشل بعد ذلك بشهرين.
وحسب رسالة البريد الالكتروني، حاول ديرمر في ذلك اللقاء ايصال رسائل لكلينتون حول الاتفاق النووي الآخذ في التبلور مع ايران. وطلب منها عدم تأييد الاتفاق بحماسة. "قال لي إنه يتفهم أن على هيلاري تأييد الاتفاق النووي مع ايران. ولكنه قلق من قدرة ايران على ابتزاز اوباما عندما تهدد بالانسحاب من الاتفاق في كل مرة تتهمها فيها الولايات المتحدة بخرقه. وقال إنه من المهم عدم تأييد كلينتون للاتفاق بحماسة كبيرة".
حسب تقرير أيزنشتات، اقترح ديرمر عليه عدة اقتراحات اخرى حول طريقة رد كلينتون على الاتفاق النووي مع ايران مثل التأكيد على أنه اذا تم انتخابها فانها ستحارب ايران في الشؤون الاقليمية الاخرى مثل دعم الارهاب اذا استمر العمل الايراني في سورية والعراق، وأنها لن ترفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على ايران التي ترتبط بالاخلال بحقوق الانسان أو التورط في الارهاب.
وطلب ديرمر ايضا أن تؤكد كلينتون على أنها كرئيسة ستعمل على زيادة المساعدة والتعاون مع اسرائيل. "مثلا، الاستماع الجيد حول التهديد الوجودي لاسرائيل من قبل اسرائيل. على هيلاري أن تعترف بذلك، وأن تعبر عن تفهمها للقلق الإسرائيلي حول الاتفاق النووي".