بينيت يقتلع «القلب اليهودي» ليزرعه في اليمين الاستيطاني

e814fb48a1e45f772cdb9f7de8cb4a18
حجم الخط

في أمسية ذكرى حنان فورات قال وزير التعليم إنه "يجب التضحية بالنفس" من أجل ضم "يهودا" و"السامرة". هذا القول، الذي شرحه بينيت بأثر رجعي بانه مجاز، هو جزء من بنك رسائل "البيت اليهودي"، والذي يتضمن ايضا "معتقدات" وزيرة العدل التي نشرت، الاسبوع الماضي، في مجلة "هشيلوح". ففي مقالها بسطت شكيد مذهبها ضد كل ما يذكرها بالفاعلية القضائية لرئيس "العليا" المتقاعد، أهرون باراك، الذي خلف وراءه تراثا فاخرا من القرارات التي تحمي حقوق الانسان بصفته انسانا، حتى لو لم يولد يهوديا في دولة اليهود.
ما قاله بينيت وبسطته شكيد هو جزء من حراثة عميقة يقوم بها "البيت اليهودي". فخذوا مثلا وزير الزراعة، الذي ينجح في أن يجعل المزارعين يشعرون كما يشعر موظفو وزارة الخارجية. لعله ليس منشغلا مثل نتنياهو، ولكنه منشغل جدا في شؤون دائرة الاستيطان. ولا ننسى رئيس لجنة الدستور، القانون والقضاء، النائب سلومينسكي، الذي يعرف شيئا أو شيئين على العلاقة بين اجازة القوانين والاموال، والنائب سموتريتش، نشيط حقوق اليهود مستقيمي النزعة الجنسية، وغيرهم هنا وهناك من النواب الإبداعيين والعمليين.
إن الحزب الذي عزا لنفسه رمز "بيتنا جميعنا" يمثل ثمانية مقاعد فقط، ولكن ممثليه حالمون يتميزون بمزاج حزب مسيطر. يخيل احيانا أن البيت العلماني – اليهودي، الذي لم يعزُ لنفسه رموزا قابلة للاستيعاب ويعد بتقدير فظ ومقزم 40 مقعدا يتوزعون في بيوت مختلفة، يحتاج الى عملية نظر عاجلة. فالغموض يضاف الى انعدام الوسيلة ولا يدل فقط على مشكلة في النظر بل على مشكلة أعمق. تسمى مشكلة زعامة. في "البيت اليهودي" – العلماني لا ينقص الايمان. فالناس يؤمنون بالتعددية، بـ"عش ودع الآخرين يعيشون"، ويحبون هذه البلاد بقدر لا يقل عن بينيت، شكيد وارئيل، حتى لو كانت علاقاتهم بالرب لا تجد تعبيرها بـ"افعل ولا تفعل". المشكلة هي أن الممثلين الأصيلين لهذا البيت ماتوا كلهم، واولئك الذين يدعون تمثيلهم ينشغلون باحلام صغيرة وأقصى ما يرونه هو الانتخابات القادمة.
مقابلهم، فان رجال "البيت اليهودي" يستثمرون المقدرات في كل القنوات بالتوازي، وكل الوسائل مشروعة لتحقيق الغاية. فمن أجل ضم الضفة يعملون على تحييد من يحافظ على حقوق الانسان ويعملون على قوانين تتجاوز الاخلاق، يزرعون في جهاز التعليم الرسمي بذور الوعود الربانية، يطورون المزروعات التي زرعها "المفدال" - رحمه الله - في الخدمة العامة، ينقلون الاموال الى المستوطنات على حساب "بلاد اسرائيل" التي خلف الخط الاخضر، ويحددون اهدافا عليا مثل "التضحية بالنفس".
لقد استغل بينيت مناسبة ذكرى فورات كي يجري مقارنة قيمية بين البيوت اليهودية. "اولئك الذين لا ينظرون بعين التعاطف مع الاستيطان في بلاد اسرائيل"، قال، "تنازلوا عن قلب شعب اسرائيل". وهو يسمح لنفسه بان يأخذ القلب اليهودي ويزرعه فقط لدى من يوجد في اليمين الاستيطاني، رغم أنه يعرف جيدا انه بلا "التضحية بالنفس" من اعضاء "البيت اليهودي" – العلماني لن ننجح في الدفاع لا عن غلاف غزة ولا عن غلاف رعنانا.
خلافا لـ"البيت اليهودي"، لم ينجح "البيت اليهودي" العلماني في أن يقيم قيادة تمثله، تجذب وتحلم وتوحد وتشكل بديلا للقيادة المسيحانية التي يمثلها بينيت، او تلك التي يمثلها نتنياهو والتي تتصرف وفقا لاستطلاعات اتجاه الريح. هذا هو البيت الذي هو الاغلبية الصامتة وغير الممثلة. اغلبية تعنى بالبقاء، اغلبية تتوق لزعيم. ولعله يمكن القول أغلبية مقموعة.