إسرائيل بلا إعلام حر

thumbgen (50)
حجم الخط
 

دولة الاستعمار الاسرائيلية وكل دول الغرب الرأسمالي تدعي، أن إسرائيل، هي واحة "الديمقراطية" في الشرق الاوسط عموما. ويتغنوا ب"مزايا" الدولة الخارجة على القانون، بإعتبارها "أيقونة" الشرق. ويتجاهلوا عن سابق عمد وإصرار مركباتها العنصرية وجرائمها الفاشية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني داخل إسرائيل وفي اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، ولا يتوقف غض النظر عن ذلك، بل انهم يصمتون صمت أهل القبور على إنتهاكاتها لحرية الرأي والتعبير في اوساطها الاعلامية ذاتها. كي يغطوا عورات جريمة العصر الحديث، التي إرتكبوها حين أقاموا تلك الدولة على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني في آيار / مايو 1948.

وحول الاعلام الاسرائيلي، الذي هلل ويهلل له المتحكمون بامبراطوريات الاعلام في العالم الرأسمالي، تقول صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في هذا الصدد، ونقلا عن الرقابة العسكرية، انه يستدل من المعطيات الموثقة، التي سلمتها لهم "من أجل حرية المعلومات وموقع "محادثة محلية"، ان الرقابة العسكرية رفضت خلال السنوات الست الاخيرة نشر 1930 تقريرا إخباريا، تم تقديمها إليها قبل النشر". اي بمعنى ان هناك تقريرا يوميا تقريبا يحذف بذريعة المصلحة الامنية الاسرائيلية. ليس هذا فحسب، بل أن الرقابة تدخلت، أي شطبت فقرات او اجزاء من اخبار في حوالي 14 الف خبر (تقرير) بين 2011 وحتى آب الماضي بمعدل سبعة تقارير تقريبا يجري التدخل فيها يوميا. وهو ما يشير الى ان الرقابة ذاتها "الغت بشكل كامل او جزئي حوالي 20% من المواد، التي تقدم لها. والادهى والامر، ان رد الجيش يعمق الفضيحة حين يؤكد "ان تدخل الرقابة العسكرية يعتبر صغيرا مقارنة بالحوار الامني الدائر فيوسائل الاعلام المختلفة." بتعبير آخر ان المؤسسة الامنية تقوم بإخضاع المنابر والمؤسسات الاعلامية الاسرائيلية الرسمية والخاصة ليس فقط للرقابة العسكرية، انما تقوم على مدار الساعة وعبر اساليب ووسائل مختلفة ، إن كان عبر وجود ممثلين لها في المؤسسات الاعلامية او عبر التعاميم الدورية، التي توجهها للهيئات المشرفة على تلك المنابر او حتى عبر التواصل المباشر مع الاعلاميين الاسرائيليين من مختلف الاتجاهات والمشارب الفكرية والسياسية والحزبية. وبالتالي فإن نسبة ال20% ترتفع لما يفوق ال 50% إن لم يكن أكثر.

ولا يقتصر الامر على المواقع الاعلامية المعروفة، بل إمتدت يد وسيف الرقابة العسكرية إلى مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك والتوتير وغيرها )، حيث قامت بالتدخل المباشر في صفحات روادها، وقامت بحملة إعتقالات واسعة ضد اي صاحب عبارة او جملة تتناقض مع مصلحة النظام البوليسي الارهابي الاسرائيلي خاصة إذا كان فلسطينيا. ولعل من تابع ردود فعل اركان حكومة نتنياهو على عملية الشهيد مصباح صبيح، لاحظ انهم جميعا حملوا مواقع التواصل الاجتماعي مسؤولية كبيرة عن عملية الشيخ جراح الفدائية. مع ان إدارة الفيسبوك، قامت بشكل تعسفي بإغلاق العديد من الصفحات الفلسطينية بذريعة التحريض على إسرائيل، واستجابة لنداء وزيرتي الثقافة، ريغف والعدل،شاكيد. وهو ما يتناقض مع حرية الرأي والتعبير وماكفله القانون الدولي بالحصول على المعلومات لكافة الناس.

مما ورد أعلاه، يلحظ اي مراقب موضوعي، ان هناك تغول للرقابة الامنية الاسرائيلية على وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة ومواقع التواصل الاجتماعي. وحجب المعلومات عن المجتمع الاسرائيلي. وفرض رؤية تخدم المؤسسة والنظام الاستعماري الحاكم. والنتيجة عدم وجود حرية حقيقية للاعلام. لان إسرائيل الاستعمارية لا يمكن ان تكون ديمقراطية،فهذا يتنافى مع مكوناتها ومركباتها الاستعمارية، التي قامت على التزوير والإكراه لفرض الوقائع البشعة. إذا إسرائيل تخضع كلها لعملية تكميم للافواه بوسائل معلنة (الرقابة العسكرية) وغير معلنة ام بالتهديد والوعيد والاعتقال او بشراء الذمم وتزوير القائق. وهو ما يعني غياب وانتفاء الديمقراطية، التي يتغنى بها قادة إسرائيل والغرب الرأسمالي على حد سواء. الامر الذي يتطلب فضح وتعرية دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، وإستنادا لمعطياتها هي، وليس لاي معطيات أخرى. ومطالبة العالم الغربي على الاقل بالكف عن الدفاع عن إسرائيل ك"واحة للديمقراطية". وتسمية الاشياء بمسمياتها الحقيقية.