أظهرت مُقابلتان نشرتهما صحيفة «إسرائيل اليوم» المُقرّبة من حكومة بنيامين نتنياهو بعض آفاق التوجّهات السياسية الإسرائيلية في المرحلة المقبلة. وفيما أكد الجنرال يوآف غالانت، وهو وزير وعضو في المجلس الوزاري المصغر، أن إيران هي العدو الأساس وهي «تعمل ضدنا في خمس ساحات» ويجب منع سيطرتها على سوريا. وفي المقابل، أشار الجنرال نيتسان ألون، الذي يرأس شعبة العمليات في هيئة الأركان الإسرائيلية، إلى أن وضع إسرائيل من الناحية الاستراتيجية «جيد» وأن «التوتر السنّي - الشيعي يخلق واقعاً مختلفاً» وأن «الربيع العربي شتاء إسلامي» لكنه بالنسبة لإسرائيل «ربيع».
وقد جرت المُقابلات، لمناسبة «يوم الغفران اليهودي» الذي يُشكّل في العادة مناسبة لمراجعة المواقف. وقال غالانت، إن النظر إلى الخريطة العامة يُظهر «من دون ريب أن إيران هي العدو». وفي نظره هي «مصدر الصلاحية الايديولوجية والإرهابية. هي اللاعب الرئيس ضدنا طوال الوقت وفي جميع الساحات. إيران تعمل ضدّنا اليوم في خمس ساحات هي قطاع غزة من خلال دعم حماس والمنظمات الإرهابية برئاسة الجهاد الاسلامي، حزب الله وبناء قوته، وفي يهودا والسامرة من خلال تشغيل خلايا إرهابية، محاولات تجنيد دائمة في أوساط العرب في اسرائيل للعمل ضد الدولة، ساحة عمليات الخارج التي يتمّ تحريكها من قبل حرس الثورة الايراني وحزب الله لإلحاق الضرر بأهداف اسرائيلية ويهودية».
وأوضح غالانت أن «ذلك يُشكّل أدوات لحرب شاملة واستنزاف من أجل إشغال اسرائيل وتضييع وقتها وسفك دمها. وبالتوازي السعي للحصول على السلاح النووي. لقد بقيت لديهم الرغبة في ذلك حتى لو كان هناك صعود وهبوط أو توقّف في الطريق إلى الهدف». وأشار إلى أن ما أسماه «محور الشيطان»، «خطير جداً على إسرائيل، وأنه برعاية عمليات مختلفة فإن الأغلبية الشيعية في إيران تُسيطر على العراق. وتدور المعركة الآن على سوريا. هناك محاولة للوصول الى السيطرة العليا الإيرانية الشيعية برعاية حزب الله، وهذا الأمر يجب أن يُقلقنا. نحن لن نسمح بواقع تعمل فيه إيران ضدّنا في حدود واسعة من خلال لاعبين آخرين».
ومع ذلك، رأى غالانت أن «الوضع الحالي يُضعف أعداءنا. حزب الله مشغول في سوريا. الاتفاق النووي أبعد إيران لبضع سنوات. دول أخرى تنشغل بمشكلاتها الداخلية واستيعاب اللاجئين. هناك مُحلّلون يعتبرون أن وضعنا لم يسبق له أن كان أفضل مما هو عليه الآن». وشدّد غالانت على وجوب استغلال الفرصة المتاحة حالياً حيث «من الناحية السياسية نحن نوجد في واقع يتطلّب منا عقد تحالفات مع كل من نستطيع التحالف معه. والسبب بسيط: أغلبية العالم الإسلامي، 90 في المئة منه سني. ومن بينه 90 في المئة معتدلون. أعداؤهم هم أعداؤنا: الشيعة المتطرفون بقيادة إيران، أو السلفيون والجهاديون السنيون ـ القاعدة، داعش وأمثالهما. يُهدّد المتطرفون الأنظمة المعتدلة».
وقال إن هذا سبب عمله من أجل المصالحة مع تركيا «لأننا عندما نتحالف معهم يصبح الأمر صعباً على حزب الله وايران. لدينا مصالح مشتركة مع تركيا. مثلاً، الحرب ضد الإرهاب أو مستقبل سوريا؛ حيث إننا جيران لها مثلهم تماماً. تركيا ايضاً هي إحدى الدول الإسلامية الأربع الأكبر في منطقتنا، إضافة إلى مصر والسعودية وإيران. إذاً من الجيد عقد تحالفات وعلاقات مع من لدينا مصالح مشتركة معهم. وسنحُارب فقط من نضطر لمحاربته، أما الباقون فسنعيش معهم بسلام».
وعلى النهج نفسه، قال رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي إن وضع إسرائيل جيد من الناحية الاستراتيجية لكن احتمالات الخطر قائمة، خصوصاً في الساحة الفلسطينية. واعتبر أن أكثر ما يقضّ مضجعه هو سيناريوهات الأحداث التي تبدو تكتيكية، «شيء بين عملية كبيرة وهجوم صغير مفاجئ، لا سيما من الساحة الفلسطينية، وخصوصاً من غزة. هذه سيناريوهات محتملة مع إمكانية كبيرة في حدوثها. نحن نفعل ما نستطيع للاستعداد لها. وعلى المستوى الاستراتيجي نسعى لمنعها، لكنني لن أكون متفاجئاً إذا استيقظت في الليل على حدث مثل هذا». ورأى أن هذا حدث تكتيكي قد ينطوي على عواقب استراتيجية.
وأشار نيتسان إلى أن إسقاط حكم «حماس» يتطلّب الانتصار في الحرب وأن «الانتصار في غزة لا يستدعي تدمير قوة العدو العسكرية بالكامل، بل منعه من العمل بنجاعة. أيضاً في حرب الأيام الستة قمنا بتدمير نسبة قليلة من قدرات الجيش المصري، لكننا منعناه من القدرة على العمل، وبذلك حسمنا المعركة عسكرياً». وأكد أن «لدى حماس طريقة حول كيفية محاربتها لإسرائيل، مع مركبات هجومية ودفاعية. يجب علينا معرفة العمل بنجاعة في وجه هذه الإمكانيات». والأمر نفسه يسري على «حزب الله» في الشمال حيث إنه «بالتأكيد تحدٍ أكبر بسبب قدرات حزب الله العسكرية. ولكن محظور علينا التشوّش. الجيش الاسرائيلي أقوى بكثير من حزب الله، وقدرتنا على حسم المعركة العسكرية قائمة بالتأكيد».
وفي الصورة العامة لوضع إسرائيل الاستراتيجي، قال نيتسان إن من الواجب «قبل إعطاء العلامات لأنفسنا، يجب أولاً النظر من حولنا ومعرفة أن التوتر السني ـ الشيعي يخلق واقعا مختلفا. وإذا اعتدنا في ذهننا التفكير على أن اسرائيل دولة صغيرة محاطة بالأعداء وأنهم ضدنا، فإن الواقع الآن مختلف. وفي ظل هذا الواقع الذي يعتبر فيه العالم السني أن إيران هي التهديد الأساسي، وتُضاف إلى ذلك تهديدات مثل داعش والجهاد العالمي، فقد وجد مجال مشترك من المصالح بين اسرائيل وبعض الدول السنية».
وتحدث نيتسان عن الوجود الروسي في المنطقة، خصوصاً بعد نشر بطاريات صواريخ «إس 300»، فأوضح أنه «أولاً يجب علينا الفهم أن هناك تغييرا حقيقيا يحمل في ثناياه تهديدا، لكنه يحمل أيضاً الفرص، وهو ليس سلبياً فقط من ناحيتنا. صواريخ أس 300 هي أمر يجب أن نتعاطى معه. ورغم أن الصواريخ غير موجّهة إلينا، فمن المفروض أن نتعمّق ونفهم أكثر هذا الأمر».
وخلافاً لأقوال إسرائيلية أخرى، رأى نيتسان أن إيران تُشكّل خطراً على إسرائيل «ما دامت تعمل بهذا الشكل، في ظلّ الايديولوجيا وتوفّر الإمكانيات، فهي بالتأكيد تهديد على دولة اسرائيل. ولكن من الناحية الاستراتيجية، أعتقد أنها لا تُشكّل تهديداً وجودياً لنا».