الشراكة الوطنية هي الحل للخروج من الازمات!!!

writers_20151222_809447589
حجم الخط
رامي الغف

توصل الكل الفلسطيني في وطننا الى محصلة مؤداها أن التعددية السياسية هي محور هام في العملية الوطنية والسياسية والديمقراطية، وأن أي حكومة مقبلة لو تم تشكيلها يجب ان تشارك فيها جميع مكونات الطيف السياسي والوطني والاسلامي، ولا يمكن ان تشكل مثل هذه الحكومة دون ان يشارك فيها الجميع، والمقصود بالجميع في هذه المرحلة ليس المكونات الاكاديمية والاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل المكونات السياسية والوطنية وبالأخص الفصائل والقوى والأحزاب الفلسطينية، كفتح وحماس والجهاد والشعبية والديمقراطية والمستقلين وقوى اليسار، لأن مشاركة الجميع أمر حيوي في هذه المرحلة من البناء الوطني، ليس بدواعي الحصول الى المكاسب والامتيازات والمناصب الوظيفية والسياسية، وإن كان هذا مشروعا في بعض جوانبه، ولكن لكي يكون للجميع دور فاعل في البناء والتعمير والازدهار والإعمار وليس إطار ديكوري، لأن المرحلة التي يستثنى فيها مكون من مكونات شعبنا يمكن أن توصف بأنها مرحلة عرجاء.

وتوصلوا أيضا الى نتيجتين فرعيتين آخرتين، الأولى هي أن عملية البناء الوطني في ظل الانقسام وعدم إتمام المصالحة، انطوت على أخطاء فادحة في المرحلة السابقة وخاصة فيما يتعلق بالعمل الحكومي والمؤسساتي، والتي لا يمكن إلا العمل على إصلاحهما في هذه المرحلة بالذات، لأن بقاء ضعفهما يرسخ لأخطاء فادحة مستقبلا، ويحولهما الى تقاليد بفعل التقادم ومن بينها مسألة الصلاحيات ومسألة كيفية اختيار الكوادر النزيهة والصادقة المخلصة لله وللوطن، أما النتيجة الفرعية الثانية فهي أنه وبالرغم من الزيارات التي قام بها أغلب ممثلي الفصائل والقوى الوطنية والكتل السياسية أو قادتها الى الدول الشقيقة والى دول لها تأثيرها أو لنقل لها مصالحها في فلسطين، إلا أن الجميع باتوا مقتنعين بأن حل الأزمة الفلسطينية الداخليه وخاصة فيما يتعلق بموضوع المصالحة وإنهاء الانقسام وتشكيل الحكومة لن يكون إلا حلا داخليا فلسطينيا، ومن دون اللجوء الى تدخلات خارجية لأنها أولا وأخيرا شاناً فلسطينيا بحت، مع الأخذ بعين الاعتبار المشورة والاستشارة النزيهتين من الدول العربية والشقيقة والتي لديها تأثير على الواقع الفلسطيني على ان يكون هذا التأثير ايجابيا ويصب في المصلحة الوطنية العليا لشعبنا ووطننا وقضيتنا.

إن الأزمات الفلسطينية كثيرة وكبيرة بلا شك، ففلسطين وطن يصنع نفسه من البداية ويجد في طريقه المتشعب والغير معبد الكثير من المطبات والحفر العميقة كتحدي الانقسام والإعمار والوضع الاقتصادي والمالي السيئ والحصار الغاشم وإدارة المعابر وتركات الماضي اللعين للحكم الصهيوني لأراضينا، ولكن المسؤولية في البناء الجديد بحاجة إلى عزيمة كبرى كما أسلفت.

ولا يخفى على أي احد تصلب البعض من مسؤولي قوانا وفصائلنا وأحزابنا الوطنية والسياسية في مواقفها وتقديمها لمطالبها بطريقة الفرض والأمر الذي ينتج عنه كهربة الأجواء وإلهاب الساحة وتبادل للاتهامات والمناوشات الكلامية حتى أصبح التعنت وتشبث الساسة بالمواقف حتى لو كانت تلك الآراء المواقف لا تتلاءم مع أولويات المصلحة العامة في فلسطين هو المشكلة الرئيسية، ثم إن الاستغراق والإصرار على المطالب قاد إلى نسيان المواطن وقضاياه الرئيسية وتجاوز حقوقه المشروعه حتى غدت رغبته للعيش في وطنٍ آمن مستقر ضرباً من ضروب المستحيل.

وفي هذا الإطار اكتب إليكم املآ بأن يساهم الكل في الوصول إلى الطريق الصحيح، فافتحوا عيونكم إلى حقائق هامة في حياتنا المقبلة، ثم أترككم لذكائكم المفرط وقدراتكم الكبيرة، إيمانا مني بأن مصير كل إنسان واختياراته إنما تكون من صياغته هو فهو حق له وواجب عليه، ففلسطين وطن للجميع بلا تمييز ولا أحد يحق له اللعب بأي وتر كان كالتعصب والتحزب وبلهيب يحرق النسيج المجتمعي ويدمر المشروع الوطني الفلسطيني مهما كان وضعه أو مبرراته أو مكانته أو قوته، ولا احد يحق له الادعاء بأنه يمثل عقيدة أو مذهباً أو انه مكلف بإقامة أو بسط سلطة بديلة عن الشرعية الفلسطينية الموجودة لحكم الوطن.

قد نختلف سياسياً أو حتى عقائدياً، وقد يكون هذا أو ذاك لا يتفقون مع بعضهم البعض فكرياً أو أيدلوجياً ولكن الواجب الوطني الفلسطيني يدعوهم ويحثهم أن يبقوا موحدين متماسكين متراصين وواجبهم هو خدمة الوطن وجماهيره، لا توجيه عقائدهم وأحزابهم فما أحوجنا اليوم ونحن نعيش زمن الاحتكام للعقل أن يتحلى الكل من رعية ومسئولين وقادة بالصدق ولا شيء غير الصدق لنبني دولة فلسطين المؤسسات التي نضمن من خلالها تطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الكل بالحقوق والواجبات من خلال تكافؤ فرص العمل بين جميع الطبقات، على أساس الكفاءة والنزاهة والمصداقية والإنصاف، ليأخذ كل واحد حقه دون غمط أو ظلم أو شرور، فعلينا بالصدق لكي نؤدي حقا ولو بسيطا حيال تعاملنا مع سائر طبقات وشرائح مجتمعنا وجماهيرنا، حفاظا لحقوقهم وصونا لكرامتهم وعلوا لشأنهم وتعزيزا للرفعة والعدالة التي ينشدونها، وما أجمل أن يكون قادتنا ومسئولونا صادقين في وعدهم وأن يتطابق ما يقولوه أو يصرحوا به على أرض الواقع، ليكسبوا ثقة الجماهير، فالجماهير جميعها ومن كل المناطق في الوطن عانوا كثيراً وذاقوا مرارة الانقسام البغيض، فهم الآن لن يصغوا أبدا إلا إلى صوت الوطن وصوت العقلاء من شرفاء وأحرار الوطن الذين كانوا وما زالوا الخيمة الكبيرة لفلسطين.

أليس من حق الجماهير الفلسطينية العيش وفق ما يختارون وفق الأسس الديمقراطية؟

أليس من حقهم الحفاظ على مشروعهم الوطني؟

أليس من حقهم تطوير مؤسسات وطنهم الأمنية والاقتصادية والثقافية والمالية والعسكرية والاجتماعية؟

أليس من حقهم تقرير مصيرهم والعيش وفق العدل والإنصاف والمساواة؟

نقول نعم من حق شعبنا كل ذلك وهنا أشير إليكم بالتعاون الجاد للحفاظ على الثوابت والإنجازات الوطنية والديمقراطية ولنترك من يريد السوء لهذا الوطن يصيبه الخذلان والفشل ويعرف أن الجماهير الفلسطينية أصحاب أرادة قوية لا تلين لا يمكن خداعهم، فالوحدة الوطنية هي الأساس الحقيقي لكل من يريد العيش بحرية وكرامة، وان هذا الأساس سوف يكون سلاحكم بوجه المنافقين والأفاقين والخونة والمندسين، وهو نفسه الأساس الذي به نطور وطننا فلسطين ونكبره وننميه ونعمره، فاجتهدوا في سبيل ذلك ودافعوا عنه، فالطموحات والأهداف سوف تتحقق لكم بتعاون الجميع، ولنساهم معا في بناء هذا الوطن العظيم والمبارك، وترك الخلافات جانبا، وليعلم الكذابون والأفاقون إن حبل الكذب قصير وإن مطلقيه يتهاوون إلى الحضيض عاجلا أم آجلا ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله والعاقبة للصادقين.

*آخر الكلام:

كفانا ضيماً وقهراً وحرماناً، اتركونا نتنفس لان الرئة الوطنية الفلسطينية تكاد ينضب منها الأوكسجين.