وعد المرشح الجمهوري للبيت الأبيض دونالد ترامب اليوم الأحد، بإعادة الأمن والنظام في حال انتخابه، متبنياً خطاباً يرى فيه السود نبرة عنصرية في وقت يبذل جهودا لنيل أصواتهم.
إذ وعد ترامب بمكافحة انعدام الأمن والجرائم، كما شدد بصورة خاصة على شيكاغو التي تشهد ارتفاعاً ملفتاً في أعمال العنف بواسطة الأسلحة النارية مع إحصاء 549 جريمة قتل منذ يناير الماضي، ما يزيد عن عدد الجرائم في نيويورك ولوس انجليس معاً، كما أصيب أكثر من 3400 شخصاً بجروح بالرصاص في الفترة ذاتها.
وعلق دونالد ترامب في سبتمبر الماضي "حين يكون لدينا ثلاثة آلاف شخص أصيبوا بالرصاص، وعدد موازٍ من القتلى، فهذا أسوأ من الوضع في أفغانستان أو في دول تشهد حربا"، داعياً إلى معاودة عمليات التدقيق في الأوراق المباغتة في ثالث مدن الولايات المتحدة.
ورفض القضاء هذه العمليات التي تسمح للشرطيين بالتثبت من أوراق شخص في الطريق بدون أن يكون ارتكب اي جنحة للتحقق، مما إذا كان يحمل سلاحاً نارياً، باعتبارها تنطوي على تمييز بحق السود والأقليات الأخرى.
غير أن ترامب ردد رغم ذلك أن "شيكاغو بحاجة إلى عمليات تفتيش مباغتة"، وهو أمر مرفوض بصورة عامة في شيكاغو حيث طبقت هذه التقنية في الماضي قبل تعليقها في 2015.
ورد قائد الشرطة في المدينة إيدي جونسون في بيان "لسنا مهتمين باستراتيجية تعيد النظر في حقوق المواطنين".
وقال المستشار لدى الشرطة في مسائل العلاقات بين المجموعات روبن روبنسون، إن عمليات التفتيش هذه "ليست مفيدة بالفعل"، موضحاً أن "ذلك سيثير في الواقع تباعداً متزايداً بين السود وقوات حفظ النظام"، ما سيحرم الشرطة من معلومات ثمينة في سياق تحقيقاتها.
ويقر سكان شيكاغو أنفسهم بوجود مشكلات أمنية في مدينتهم التي يطلق عليها بعض الفتيان اسم "شيراق"، وهي كلمة تجمع بين شيكاغو والعراق.
وقال القس مايكل بفليغر الذي يعمل منذ سنوات في واحدة من أعنف مناطق شيكاغو، إن "مستوى اليأس والغضب لم أشهد مثيلاً له حتى الآن، ثمة أحياء برمتها تعيش تحت وطأة الخوف".
غير أن حلول ترامب لا تقنع الأميركيين السود، ولا يحظى رجل الأعمال الثري سوى بـ 4% من أصوات هذه الشريحة من الناخبين، أقل بكثير من النسبة التي يحظى بها بين الناخبين المتحدرين من أميركا اللاتينية والبالغة حوالى 20% بحسب استطلاع للرأي أجرته صحيفة "لوس انجليس تايمز" ومعهد يو إس سي تراكينغ بول.
ومن أبرز مآخذ السود على المرشح الجمهوري شعاره حول إعادة "الأمن والنظام" الذي يذكر كثيرا بكلام الذين كانوا يتهمون حركة الحقوق المدنية للسود في الخمسينيات والستينيات بتبني خط عنيف.
وأوضح استاذ التاريخ والسياسة في جامعة هارفرد خليل محمد، أن "النظام القضائي في الجنوب كان حينذاك يستخدم عبارة +الأمن والنظام+ لنزع الشرعية عن عمل الناشطين على الأرض".
وبالرغم من عملية التودد التي باشرها ترامب متأخرا في الصيف لمحاولة إقناع هذه الشريحة من الناخبين المؤيدة بغالبيتها لمنافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، الواقع أن ترامب يرتكب هفوات متتالية.
فهو انتقد حركة "حياة السود تهم" التي تندد بأعمال العنف التي يرتكبها الشرطيون بحق السود، كما أثار استياء الناخبين بإصراره على وصف السود تلقائيا على أنهم يعيشون في أحياء تواجه مشكلات معيشية وأمنية.
وقال في نهاية أغسطس الماضي مخاطبا السود "أنتم تعيشون في الفقر، مدارسكم رديئة، ليس لديكم وظائف، 58% من شبابكم عاطل عن العمل. ما الذي يمكن أن تخسرونه؟"، متهما الديموقراطيين بعدم القيام باي شيء لتحسين هذا الوضع، حتى في عهد أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة باراك أوباما.
لكن برفضه الالتزام بمعالجة مشكلة أعمال العنف التي يرتكبها الشرطيون حيال السود، يرى أستاذ التاريخ في جامعة جورجتاون مايكل كازين أنه من المستبعد أن يتمكن ترامب من إقناع الناخبين السود.
وأوضح أن المرشح الجمهوري "لا يحاول التحدث إلى السود بأسلوب من شأنه أن يجلب له أصواتهم".