مواقفي من المستوطنات اقرب إلى مواقف جماعة "بتسيلم" منها لمواقف حكومة اسرائيل. عمليا، هذا هو موقف أغلبية اصدقاء اسرائيل البارزين في العالم، يهودا وغير يهود. ورغم ذلك فان كلمة مدير عام "بتسيلم" حجاي العاد في الامم المتحدة هي أكثر من عار.
لماذا؟ لان الامم المتحدة، في معظم مؤسساتها، أصبحت هيئة ظلامية مع أغلبية تلقائية من دول غير ديمقراطية. ففي الاسبوع الماضي فقط اتخذت منظمة "اليونسكو"، واحدة من الهيئات المهمة في الامم المتحدة، قرارا سيسجل على العالم. ليس كل العالم ضدنا. فلم تؤيد أي دولة غربية القرار في موضوع القدس. ولكن الدول التي بادرت الى النقاش الذي وصل اليه مندوب "بتسيلم" تنتمي كلها الى الكتلة التي تصوت بشكل دائم ضد اسرائيل. واحدة منها هي فنزويلا، التي لا يزال يحكمها مواصلو درب هوغو شفيز اللاسامي، وسكانها يتدهورون في الاشهر الاخيرة الى المجاعة. أو ماليزيا، التي على مدى سنوات طويلة يحكمها مهاتير محمد، الذي أعلن في الماضي بانه يفخر بلقب اللاسامي. هكذا فان ادعاءات جماعة "بتسيلم" بانهم يريدون انقاذ اسرائيل من نفسها تصبح سخيفة. فالاغلبية الظلامية في الامم المتحدة تناسبهم، ولكن اسرائيل بالنسبة لهم ليست ديمقراطية. يتبين ان لا حدود للعبث.
هذه هي القصة في كل مؤسسات الامم المتحدة. مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة يتجاهل 99 في المئة من الاساءات لحقوق الانسان في العالم. أغلبية مطلقة من قرارات الشجب التي يتخذها هي ضد اسرائيل. منظمة الصحة العالمية، في مؤتمرها الاخير، وجدت من الصواب أن تتخذ قرار شجب واحد. ليس للملايين الذين يعانون او يتضورون جوعا في نيجيريا، في الصومال، في سورية وفي اماكن اخرى بسبب جرائم ضد الانسانية من الجهاد العالمي وفروعه. فما القصة. القرار الوحيد اتخذ ضد سيطرة اسرائيل في هضبة الجولان. وفي مؤسسات الامم المتحدة، على نحو متراكم، اتخذت قرارات ضد اسرائيل أكثر مما ضد كل دول العالم معا.
هذا لا يبرر مشروع الاستيطان. ولكن التعاون مع هيئات ظلامية لا يقدم السلام ولا المصالحة ولا التسوية السلمية. بل العكس. فالظهور أمام محفل للامم المتحدة يشجع الروح السيئة المناهضة لاسرائيل. ولأنه لا توجد هيئة فلسطينية مدنية تظهر هناك وتشرح بان الرفض الفلسطيني لكل مبادرة سلمية جدية يخلد النزاع. ولا توجد هيئة فلسطينية تروي بان المس بالحكم الفلسطيني – حماس والسلطة – بحقوق الانسان اكبر بعشرات الاضعاف من المس المنسوب لاسرائيل. ولا توجد هيئة فلسطينية تظهر هناك وتقول ان التحريض ضد اسرائيل واليهود وتشجيع الارهاب يبعد فرصة المصالحة.
ولكن يوجد مندوب "بتسيلم" الذي يظهر هناك كي يعطي حقنة تشجيع للاغلبية الظلامية. مندوبة "السلام الآن" في الولايات المتحدة، لارا فريدمان، عرضت معطيات عن التوسع الاستيطاني في ظل الاعراب عن القلق على مستقبل وازدهار اسرائيل. كانت كلمتها مضبوطة النفس. اما العاد، بالمقابل، فقدم مساهمة للدعاية السامة ضد اسرائيل. ليس هذا خللا ولا كبوة لمرة واحدة. لدى "بتسيلم" مثلما لدى "نحطم الصمت"، هذه هي الطريق وهذا هو النهج. فهذه المحافل تعاونت ووفرت مواد إدانة لمجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة. كانوا يعرفون بان مندوبي ايران، السودان، السعودية وليبيا يملون الخط هناك. كانوا يعرفون بان هذا يخدم دعاية حماس. ورغم ذلك، تعاونوا.
مدير عام "بتسيلم" ليس اليسار، ومعظم المؤيدين للخط المعتدل يتحفظون من النشاط المناهض لاسرائيل لقسم من الصاخبين في اليسار. لان هذا هو السبيل لتعزيز اليمين الذين يجسد رؤيا الدولة ثنائية القومية. هذا هو السبيل لجعل اليسار منبوذا. هذا هو السبيل الذي يهين الديمقراطية الاسرائيلية، ولكنه يعتمد على الاغلبية الظلامية في الامم المتحدة. ان مندوب "بتسيلم" لم يساهم شيئا في الكفاح ضد المستوطنات. فقد ساهم فقط، وحصريا، في دعاية التحريض والكراهية ضد اسرائيل، والتي ليس لها أي اهتمام بالسلام.