في الذكرى الـ15 لاغتيال زئيفي... العملية النوعية الأولي من نوعها على الصعيد الفلسطيني

زئيفي
حجم الخط

في العام 2001، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلية على ارتكاب جريمة بشعة تمثلت باغتيال أبو على مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من خلال قصف مكتبه في رام الله بصواريخ الأباتشي الإسرائيلية، أول أمين عام لفصيل من منظمة التحرير الفلسطينية يتم اغتياله وأرفع مسئول سياسي فلسطيني تغتاله "إسرائيل" ، منذ اندلاع انتفاضة الأقصى.

وخلال حفل تأبين الشهيد أبو علي مصطفى أعلن الأمين العام الجديد أحمد سعادات عن عزم الجبهة الشعبية الثأر لأمينها العام الشهيد أبو علي، بشكل يليق بالشهيد ومكانته الوطنية والقومية بشكل عام ولرفاقه بشكل خاص وقال حينها "العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس "

وخلال إحياء الذكرى الأربعين لاستشهاد أبو علي، وبالتحديد في مثل هذا اليوم السابع عشر من أكتوبر، كان الزلزال الذي زلزل أركان الأمن الإسرائيلي، وشكل ضربة موجعة جداً لأجهزة الأمن الإسرائيلية بكل أفرعها ومستوياتها، ضربة لم يسبق أن تلقتها حكومة الاحتلال منذ احتلالها لفلسطين. 

رحبعام زئيفي الشخصية الإسرائيلية، كان قد شغل منصب وزير السياحة الإسرائيلي، والمنادي لفكرة الترانسفير وهو ترحيل كل ما هو عربي في فلسطين إلى البلدان العربية الأخرى عوضاً عن بقائهم في فلسطين.

فتمكنت إحدى مجموعات الجبهة الشعبية من اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي المتطرف "رحبعام زئيفي" في فندق (حياة ريجنسي) في القدس، عبر مسدس مزود بكاتم الصوت. 

حيث تمكن المعتقل حمدي قرعان في صبيحة اليوم التالي من تشخيص زئيفي في قاعة الإفطار ومن ثم انتظره قرب غرفته في الطابق الثامن، وتولى رفيقه باسل الأسمر التغطية على قرعان فيما كان محمد فهمي الريماوي بانتظارهما في الخارج على أهبة الاستعداد للفرار من المكان ، وحينما اقترب زئيفي من غرفته في الساعة السابعة صباحاً، ناداه قرعان وما أن التفت الوزير الإسرائيلي حتى بادره قرعان برصاصة في الرأس من مسدس مزود بكاتم للصوت ورصاصتين بالقلب من مسافة قريبة أردته قتيلاً، وتمكن أفراد المجموعة من الفرار للمناطق الفلسطينية التي تخضع للسلطة الوطنية، فيما تمكنت قوات الاحتلال من اعتقال محمد فهمي الريماوي أحد أفراد المجموعة بعد أيام قلائل من العملية. 

أن عملية قتل زئيفي (74 سنة) وزعيم حزب الاتحاد الوطني اليميني المتطرف الذي كان يدعو إلى ترحيل الفلسطينيين إلى البلدان العربية، هي الأولى من نوعها لوزير إسرائيلي على يد فلسطينيين وعرب، فلم يسبق لأي منظمة فلسطينية أو عربية أن قتلت وزير إسرائيلي أو قائد سياسي إسرائيلي رفيع بهذا المستوى، وهذا ما أربك أجهزة الاحتلال، الامر الذي دفع ارئيل شارون لاتهام الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله بالمسئولية الكاملة عن اغتيال زئيفي، مطالباً السلطة بملاحقة المطلوبين واعتقاله .

ومن هنا بدأت الملاحقة لأفراد المجموعة وللأمين العام الجديد أحمد سعدات، وبالفعل في منتصف يناير 2002 أقدمت السلطة الفلسطينية من خلال أجهزتها الأمنية على اعتقال سعدات مع أربعة من أعضاء الجبهة الشعبية وهم حمدي قرعان، وباسل الأسمر ومجدي الريماوي، وقائد الجناح العسكري عاهد أبو غلمة، وتم احتجازهم في سجن المقاطعة برام الله، وأصدرت المحكمة الفلسطينية قرارات بالسجن لفترات مختلفة بحق أفراد المجموعة .

حيث أبرمت صفقة فلسطينية – إسرائيلية و برعاية أمريكية - بريطانية ، في مايو 2002، تنص على نقل جميع المعتقلين بمن فيه سعدات إلى سجن أريحا واحتجازهم هناك تحت حراسة أمريكية - بريطانية، مقابل رفع الحصار عن مقر المقاطعة وعن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات . 

وفي يونيو 2002 أمرت المحكمة العليا الفلسطينية بإطلاق سراح سعدات، وقالت في حيثيات القرار إنه لا يوجد دليل يربطه باغتيال زئيفي، وهدد مسئولون إسرائيليون وقتها بقتل سعدات إذا خرج من السجن، وبالتالي بررت السلطة الوطنية رسمياً عدم إطلاق سراحه بهدف تأمين الحماية له، فبقي سعدات ورفاقه معتقلين، وفي يناير 2006 انتخب سعدات عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني على رأس قائمة الشهيد أبو علي مصطفى التابعة للجبهة الشعبية . 

وانتقد عبد الناصر فروانة في تقريره الموقف الأمريكي – البريطاني والمتمثل بتواطؤ حراس سجن أريحا مع قوات الاحتلال الإسرائيلي واختفائهم قبل أيام من الاجتياح الإسرائيلي للسجن بتاريخ 14 آذار عام 2006، مما مكن قوات الاحتلال الإسرائيلي من مهاجمة سجن أريحا واختطاف العشرات من المعتقلين العزل وفي مقدمتهم القائد سعدات ورفاقه الأربعة الآخرين، ومن ثم نقلوا إلى مقابر الأحياء الإسرائيلية المسمية بالسجون . 

وأشار التقرير أنه وبالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعته الجبهة عقب ذلك، إلا أن تلك العملية لم تكن العملية النوعية الأخيرة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فبتاريخ 10/4/2005م، اعتقلت قوات الاحتلال ثلاث أعضاء من كتائب الشهيد أبو علي مصطفى خططوا لاغتيال الحاخام الصهيوني المتطرف عوفاديا يوسيف زعيم حركة شاس المتطرفة .

أصدرت المحكمة المركزية في القدس المحتلة حكما بالسجن المؤبد و80 سنة أخرى على مجدي الريماوي، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي أدانته ذات المحكمة في شهر يوليو 2009 بالتخطيط لاغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي عام 2001. واحتسبت المحكمة بداية تنفيذ الحكم من يوم اعتقاله على يد السلطة الفلسطينية عام 2002.

وحكمت محكمة إسرائيلية على أعضاء الخلية ومن قدموا لهم المساعدة بفترات سجن متفاوتة فقد حكمت عام 2006 على محمد فهمي بالسجن المؤبد، وصلاح علوي، بالسجن لمدة 12 عاما، وكانت قد اعتقلتهما فور عملية الاغتيال.

وفي 3/12/2007 أصدرت المحكمة ذاتها ة حكما بالسجن المؤبد على حمدي القرعان المتهم بإطلاق النار على زئيفي. وقال القرعان في رده على قرار المحكمة: أنا من أتهمكم لأنني مارست حقا أساسيا بالدفاع عن شعبي في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وهو نفس الحق الذي تمنحونه لأنفسكم بشكل يومي حينما تقتلون الفلسطينيين، أنا أتهمكم بجرائم ضد الإنسانية بأسرها".

وفي 5/2/ 2008 حكمت المحكمة ذاتها بالسجن المؤبد، و20 سنة أخرى على باسل أسمر، بتهمة المشاركة في قتل الوزير زئيفي. ولم يصدر حكم بعد بحق عاهد أبو غلمة مسؤول الجهاز العسكري للجبهة الشعبية في الضفة الغربية.