اتركـوا مـديـر عـام "بتسيـلـم" وشأنـه

20161810212218
حجم الخط

ليس من السهل أن تكون مدير عام «بتسيلم» في هذه الايام. فالهجمات المسمومة من جميع الاتجاهات مزعزعة، وهي تأتي مثالاً حياً على العنف الإسرائيلي الذي يزداد خطورة كلما تعمق الاحتلال. وما الذي طلبه في نهاية المطاف؟ أن ينقذنا العالم من أنفسنا؟ أليس هذا هدفا سامياً وحضارياً؟.
إذاً، ارحموه، كونوا مرنين معه، مع اخلاقه، التي تشكل مثالا شخصيا لمن يهتم بحقوق الانسان مثل ثلج العام الماضي. كونوا حساسين تجاه من يُحدثكم عن العنف وعدم العدل، لكنه يبحث عن حب الديكتاتوريات العنيفة التي تختفي بقناع مطاردة العدل.
كونوا منفتحين تجاه من يتحدث عن تدمير الديمقراطية والسير من فوق رؤوس الفلسطينيين، لكنه يسير فوق رؤوسكم الى مجلس الأمن التابع للامم المتحدة. لقد تنازل عن العملية الديمقراطية في إسرائيل، لكن اتركوه، الديمقراطية هنا ليست أمرا حقيقيا، وهو يعرف ما هو الافضل بالنسبة لكم.
اتركوه. لا تذكروا أنهر الدم والعمليات وحملات القتل والموت التي كانت هنا قبل «الاحتلال» بكثير. تلك التي اخترنا بسببها بناء الجدران والمعابر.
اتركوه بهدوء. لا تلوحوا بالاتفاقيات والاقتراحات الكبيرة التي ألقيت في سلة القمامة لأنها ليست مهمة ولا تعني شيئا. الرفض الفلسطيني هو مسؤوليتكم الوحيدة، أيها المحتلون السيئون.
اتركوا ذلك. لا تحاولوا أن تقولوا له إن حقوقه في هذه البلاد لا تنبع فقط من قرار الأمم المتحدة. اتركوا هذه الحقيقة، وسعيكم كذلك لأن تكونوا شعبا حرا في بلادنا. لأن حرية شعب آخر أكثر أهمية.
اتركوا ايضا التشهير الذي تتعرض له الدولة أمام أعدائها، ولا تطرحوا حلولاً اخرى لأنكم لا تفهمون، أنتم غير قادرين على الفهم، لكن العالم يفهم. لذلك عليه أن يتدخل. صحيح أنه لا يتدخل في مناطق احتلال اخرى وايضا في سورية النازفة. ولكن توقفوا عن النظر الى الآخرين. ماذا لو عرف الجميع بالضبط كم من الفلسطينيين قتلوا في «الجرف الصامد»، ومن هو اليئور أزاريا، ولا أحد يعرف كم يزيدية اغتصبت وكم مسيحيا ذُبح وكم طفلا يموت جوعا في اليمن. هذه امور هامشية.
اتركوا هذا الامر. لأن كل ما بقي هو الترحم. لقد كان هناك اشخاص قبله. وسيكون اشخاص بعده. هم جزء من فسيفساء هذا الشعب الرائع، الذي يواجه المشكلات الداخلية والخارجية.
ارحموه، اذاً، لأنه اسرائيلي بالضبط مثلنا، ترعرع في حيفا ويسكن في القدس، لكن جوهره هو بقايا الشتات. رغبته في أن يُعانق قوية. ومع ذلك من الصعب تحقيقها. وهو يعرف أن العناق الدولي مؤقت، لذلك يجب استخدام كل انواع السلاح الممكنة باستثناء التي تعطيها دولة اسرائيل – الحكومة، الاحتجاج الاجتماعي، والديمقراطية.
ارحموه، لأنه يقول إنه يحاول أن يكون انسانا. صحيح أن ذلك لا يكفي. لأننا جميعا وُلدنا بشرا. ايضا ناشط «حماس» ونلسون مانديلا هم بشر، اختارا طريقا مختلفة جدا. ولكن ارحموه، لأنه يحاول، يحاول جدا. ليس في اوساطنا وليس تجاهنا بالضبط. ولكننا لسنا مهمين. نحن في نهاية المطاف لا نفهم أي شيء وهو يفهم كل شيء. والحقيقة هي أن العالم يصفق له.