هل ثمة تناقض بين تشجيع الهجرة إلى إسرائيل وتقوية "يهود الشتات"؟

20161910204603
حجم الخط

يحذر البروفيسور سرجيو ديلا فرغولا، المختص رقم واحد في العالم بديمغرافيا الشعب اليهودي، منذ سنوات طويلة من تقلص أو حتى اختفاء الشعب اليهودي بسبب الاندماج المتسارع في الغرب والزواج المختلط، حيث يقترب في الولايات المتحدة من نسبة 60 في المئة.  وحسب زعمه، خلال ثلاثين سنة لن تكون هناك يهودية في الولايات المتحدة ولن يكون يهود. هذه التوقعات ليست علما دقيقا، لكن من الصعب الجدل في هذا التوجه الذي يشير اليه ديلا فرغولا.
ومن اجل منع هذه الكارثة – دولة الشعب اليهودي – يجب على اسرائيل اعتبار ذلك مشكلة استراتيجية من الدرجة الاولى، تتطلب منها تحمل المسؤولية لمواجهة هذا الوضع.
استنتاجاتي من هذه التوقعات ثلاثة: أولا، الصهيونية. الحركة القومية للشعب اليهودي، أنقذت الشعب اليهودي من الاندثار. في الحقبة العلمانية فقط حركة قومية واعدة يمكنها ضمان وجود الشعب اليهودي. ودونها ستكون هناك جاليات دينية يهودية موزعة هنا وهناك. ثانيا، وجود دولة اسرائيل يضمن مستقبل ووجود الشعب اليهودي، ويهودية اليهود الذين يعيشون فيها. ثالثا، عنصران هما الحاجز الاكبر أمام اندماج يهودية الولايات المتحدة: وجود دولة اسرائيل ومركزيتها، ووجود التيارات الاصلاحية والمحافظة، التي بفضلها بقي ملايين اليهود في الولايات المتحدة، في اطار الشعب اليهودي. ولكن هذه العناصر تخفف من العملية وتؤجلها، ولا تستطيع تغيير الاتجاه.
كدولة قومية للشعب اليهودي، فان المسؤولية القصوى لاسرائيل هي ضمان مستقبل الشعب. من هذه المسؤولية يتم استخلاص الاستراتيجية لانقاذ الشعب اليهودي. العنصر المركزي في هذه الاستراتيجية هو ادراك أن مستقبل الشعب اليهودي مشروط بأن يعيش أكبر قدر من اليهود في اسرائيل. لذلك، اسرائيل كدولة للشعب اليهود ملزمة بالعمل بكل طريقة ممكنة لتشجيع الهجرة الى البلاد ومنع الهجرة منها. ورغم الخوف من الحاق الضرر بالعلاقات الخارجية بسبب العمل الفعال في اوساط المواطنين اليهود في الدول الصديقة، فمن واجب اسرائيل فعل ذلك واستخدام القوة البشرية النوعية وكثير من المصادر المالية.
عنصر آخر هو تقوية وتعميق الصلة بين اسرائيل والشتات وتعميق الصلة مع اليهودية، وثقافة اسرائيل، واللغة العبرية والدولة. للوهلة الاولى يوجد تناقض بين تشجيع الهجرة الى «ارض اسرائيل» وبين العمل على تقوية يهودية يهود الشتات، لكن التناقض وهمي. الهدف النهائي هو القدوم الى البلاد، لكن اذا لم يكن هناك يهود فلن تكون هجرة. لذلك هناك أهمية كبيرة لتعميق الهوية والوعي اليهودي لدى الجاليات في الشتات. توجه هذا الوعي يجب أن يكون صهيونياً مع الوجهة الى اسرائيل، مثل مبادرة تغليت وغيرها.
عنصر ثالث هو تغيير دراماتيكي في تعاطي دولة اسرائيل مع التيارات غير الارثوذكسية التي هي اغلبية في مكونات الشعب اليهودي، و90 في المئة من يهود الولايات المتحدة. ادارة الظهر ليهودية العالم هي اخفاق في دور اسرائيل ومسؤوليتها. إن انكار الدولة ليهودية للعالم والخضوع للقوة السياسية للأقلية الحريدية يجب أن يتوقف. لذلك هناك حاجة الى انتهاج سياسة جديدة لا تعتمد على الحريديين. ويمكن فعل ذلك اذا اهتمت الاحزاب الصهيونية بمستقبل الشعب اليهودي كهدف مركزي، الامر الذي يتطلب التعاون حتى لو كانت هناك خلافات في القضايا الاخرى.
عنصر رابع هو ضمان أن تكون دولة اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي من خلال ارساء ذلك في قانون أساس. علينا فهم أن وجود اسرائيل – الدولة القومية اليهودية – هو الضمانة لوجود الشعب اليهودي ووجود اليهودية. لذلك يجب كبح الهجوم ما بعد الصهيوني الذي يتدثر بالشعارات الكاذبة والمضللة لـ «دولة جميع مواطنيها»، الامر الذي يهدف الى الغاء جوهر وهوية اسرائيل كدولة يهودية. يجب تشكيل حدود الدولة بشكل يضمن اغلبية يهودية ساحقة، حتى لو كان الثمن التنازل عن مناطق مأهولة بالسكان الفلسطينيين في «ارض اسرائيل». يجب تشكيل دولة اسرائيل كمجتمع نموذجي يشكل عنصر جذب للشباب اليهود في العالم.