علا باشا: العمل الفني لا يقوم على جُرأة أنثى ما...

علا باشا
حجم الخط

تنتقي الممثلة علا باشا من الأدوار ما يقدّمها بالشكل الصحيح ،  تعرف على هذا الحوار معها.


أنت خريجة المعهد العاليماذا يقدّم المعهد أكاديمياً للممثل؟ وهل هو بطاقة دخول للعمل في الوسطالفني؟
أنا خريجة المعهد العالي منذ عام 2009، وكثيراً ما يغفل الوسط الفني عن ذكر دوره الكبير، ما لم نتحدث عن الإغفال لدى الجمهور، وذلك لأسباب عدة يصعب ذكرها هنافالمعهد ليس نادياً مفتوحاً فقط للهواة وأصحاب المواهب، بل هو يمهّد لمرحلة الاحتراف.
وهنا يبدو السؤال كبيراً، عن دور الفنان وحقيقة عمله وحُبهِ لموهبتهِ بوصفه واعياً بالشيء الذي يقوم به ويمارسهُوالأهم الأثر التواصلي المباشر مع الجمهور فهو بِلا شك يحتاج لتأسيس مدرسي أكاديمي من باب الوعي بالشيءمن هنا تظهر أهمية خريجي المعهد العالي.

لعل إطلالتك الأهم في الدراما كانت من خلال مسلسل «تخت شرقي»، ماذا عن تجربتك مع المخرجةرشا شربتجي؟
تجربة «تخت شرقي» شديدة الأهمية، لكون نص يم مشهدي إشكالياً وعميق الصلة بالذروة الواقعية للمجتمع السوري، إحالات فنية يبدو فيها الاقتطاع من الواقع ساحراً ومفاجئاًوطبعاً اكتمل بإخراج رشا شربتجي التي تطرح بُعداً شديد الخصوصية والتميز، فالتجربة مع الدراما المصرية بيّنت رؤية هذه المخرجة الواسعة والمتألقة، ودرجات إحساس عدستها الفنية الإبداعية في التواؤم مع نص الروائيالسينارسيت.
كان «تخت شرقي» من أهم الأعمال التي قدمتها، فالشخصية مركبة وتعقيداتها فتحت لي مجالاً للخروج من الاعتياد إلى المُركب، ومن الدور النمطي إلى الدور التفاعلي الذي لا يقتصر على تسيير النص بل الانفعال بهِ من كون خدمة النص والعدسة تحتاج أدواراً شبيهة بما قُمت به في شخصية «هارموني»، ومن هذه الزاوية أحبني الجمهور على ما أعتقد،

بدأنا نلاحظ ظاهرة الأجزاء في الأعمال الدرامية، هل هي تقلّل من قيمة العمل؟
ليست المُشكلة بالأجزاء، سواء تعدّدت أو قلت، المهم في أي عمل فني الغاية الجمالية التي يقدّمها، فقد يقدم أحدٌ ما عملاً بتسعين جزءاً وينتقل بنا في كل جزء إلى عالم جديد ضمن عملية غائية تهدف إلى إيصال حالة روائية أو سردية طويلة إلى شكلها الأجمل والأكثر تعبيراً.
أما الأجزاء التي تستجر نجاح الجزء الأول فهي واضحة السوء ولا تحتاج لتقييمات كُبرى ولا تمتلك رؤية فنية مهما كثرت الأحداث.

هل الجرأة الدرامية التي يرفضها الكثيرون باتت مطلوبة لنجاح العمل؟
اعترض على توصيف بعض الأعمال بالجريئة، فالعمل الفني لا يقوم على مشهد جريء لأنثى ما، والتوصيف ينبع من الثقافة الذكورية التي يطرحها المجتمع للأسف، العمل الفني لا يقوم على بعض المشاهد، ولا على دور مبالغ بهِ من أي أنثى، العمل الفني كل متكامل، ولا تنبع أهمية الشخصية من خلال الإثارة المقدّمة، إلا إذا كان العمل بحد ذاته قائماً على ترسيخ جاذبية مبالغ فيها لدور الجسد ودور الإحالات التي تطرح الجرأة بوصفها إعجازاً، في كل هذا أنا اعترض على أي عمل قائم على تكريس ما يسمونه الجرأة، ولا أنظر إلى العمل الفني إلا بمعناه الكُلي والجمالي والغائي.

الدراما باتت عربية مشتركة بين نجوم الوطن العربي، هل هذا لصالحها؟
الخلط بحد ذاته لا يرفع من مستوى العمل، الانتقائية العالية والدقيقة لما يخدم النص هي الأهم، عموماً تحتاج بعض النصوص لهذا الانتقاء خصوصاً أن هناك بيئات عربية أصبحت مختلطة بمختلف الجنسيات العربيةتسير الأعمال المختلطة لرسم حالة فنية وجمالية إبداعية مُلفتة عموماً، حيث تكتنز الخبرات والإبداعات في أعمال تتلقى بُعداً جماهيرياً جيداً.

ما هو تقويمك للدراما أخيراً؟
عموماً تنوعت الأعمال الدرامية السورية ووصلت كما يبدو لذروة تنوعها، في هذا الشأن يحتاج المتابع العام للتروي قبل إطلاق التقويم، زيادة الأعمال ستؤدي إلى اصطفاء طبيعي يطرحه السوق والجمهور والانعكاس الفني العام، لكن وكما في كل شيء في الواقع هناك فترات ذروة وفترات انحسار، ولو اشتكى الكثيرون من التقليدية والنمطية في الأعمال إلا أن هذين من طبيعة الواقع الفني وطبيعة الحياة الواقعية أيضاً.
لكن من ميزات الدراما السورية أنها لا تنحدر كثيراً، وإن كانت الأعمال ضعيفة أخيراً فستكون ممتازة في المرحلة المقبلة، وهذا ما تفرضه الخبرة المتراكمة للدراما السورية.

كنت بطلة مسلسل «القربان»، ماذا أضاف هذا العمل إلى تجربتك؟
رسم «القربان» ملمحاً جميلاً في الدراما السورية، وقدمتُ فيه شخصية حديثة وشديدة الواقعية وشبه مُهملة لدى الكتاب السوريين، وأضاء على شخصية واقعية تستحق المعاينة والترسيخ على المستوى الفني والدرامي، بالعموم قدم القربان لي إحدى الشخصيات التي تنمو في داخلي، والكاتب رامي كوسا كاتب طموح وله رؤية للدراما جميلة ومهمة.

هل شكل الممثلة هو مفتاح نجاحها، أم أن الموهبة هي الأساس؟
نحن في زمن الصورة، وفي زمن تطغى فيه الاستجابة الجمالية بمعناها السطحي على القيمة الجمالية التي تُقدمه الموهبةوكل ذلك محكوم بطبيعة الأذواق العامة التي تهتم بالجمال والإشهار الجمالي بِلا شك، لكن بالتأكيد تتسع كلاً الدائرتين دائرة الجمال ودائرة الموهبة، ويثبت الزمن دوماً تقدم الموهبة على أي شيء، خصوصاً في الأدوار المركبة والمعقدة التي تحتاج الموهبة كركن أولي وجوهري قبل كُل شيء.