استمرار الاحتلال تهديد وجودي لاسرائيل

880150ba054b8398cb0b54038300f590
حجم الخط

في مقاله «من تحالف سلام حتى (بتسيلم)» يدعي اسرائيل هرئيل أن «هناك شبها واضحا بين هذيانات ماغنس... ومواقف بعض المفكرين في الاكاديميا ووسائل الاعلام اليوم». وأن الجناح الراديكالي في معسكر السلام الذي يؤيد أعداء اسرائيل يشبه في جوهره اولئك الذين حاربوا «ضد اقامة الدولة اليهودية في النصف الاول من القرن العشرين» («هآرتس»، 20/10).
إن ادعاء هرئيل اشكالي لأن المقارنة بين اتحاد سلام وبين «بتسيلم» وباقي منظمات السلام التي تعمل الآن هي عبثية، للاعتبارات التالية: هناك فجوة كبيرة بين الظروف عند اقامة اتحاد سلام وبين الظروف عند اقامة «بتسيلم». اعضاء اتحاد سلام سعوا الى التوصل الى حل وسط مع العرب، وكانوا مستعدين للموافقة على أن يستمر اليهود كأقلية في ارض اسرائيل. وكانوا مستعدين للتنازل عن المبدأ الصهيوني: السعي لاقامة دولة يهودية. وايضا اقترحوا تحديد الهجرة الى البلاد. قادة الحركة الصهيونية عارضوا موقفهم. وقال دافيد بن غوريون إن موقف تحالف السلام خطير جدا. والموافقة على أن يصبحوا أقلية يهودية في البلاد هي تدمير ذاتي للصهيونية. وقال إنهم مستعدون «للتنازل عن الهجرة من اجل السلام». أما بالنسبة له، فان القيمة المقدسة هي حق اليهود في تحقيق المبدأ القومي في ارض اسرائيل، فقط في ارض اسرائيل.
موقف رجال منظمات السلام ومنها «بتسيلم» مختلف تماما. نحن لا نريد ضعضعة مبادئ الصهيونية، بل هدفنا هو أن نظهر للاسرائيليين وللعالم الى أي حد هذا الاحتلال فاسد ومدمر ويضر بأسس المجتمع الاسرائيلي. هل يمكن اعتبارنا خونة وغير صهيونيين يجب نبذهم دائما؟ بيقين لا. من يريد محاربة الاحتلال هو وطني وصهيوني.
ليس من السهل كتابة هذه الامور. ولكن الآن مع مرور يوبيل من السنوات على الاحتلال، يمكن التوصل الى استنتاج مخيف، وهو أن الاحتلال هو أحد الامور الفظيعة التي حدثت في القرن الماضي لدولة اسرائيل والشعب اليهودي. آباء الدولة أرادوا اقامة مجتمع عادل ومساواة، لكن خلال السنين نشأ مجتمع يهودي يحظى من يعيشون فيه بحقوق كاملة، ومجتمع فلسطيني يعيش الناس فيه تحت الاحتلال المزدوج: الحكم العسكري وسلطة المستوطنين الذين يأخذون منهم كل شيء – المياه والارض واشجار الزيتون واحترامهم الانساني ايضا.
كتب هرئيل عن «هذيانات» اليسار، لكنه تجاهل الهذيان الاكبر – هذيان اولئك الذين اقاموا حركة ارض اسرائيل الكاملة في العام 1967 بعد حرب الايام الستة على الفور. احدهم كان نتان الترمان الذي صورها بمفاهيم مثالية منفصلة وغريبة قياسا مع مفاهيمنا الحالية. في مقاله «الحكم على اللعبة» في صحيفة «معاريف» في 15 كانون الاول 1967، قال بشكل حاسم إنه «يحظر علينا اقتلاع أي عربي من ارضه»، هذا تعهد عبثي على خلفية مهزلة قضية عمونة. وكتب ايضا: «لدينا الاذن بأن نؤمن أن وجود اقلية عربية متساوية الحقوق في الدولة اليهودية الكاملة والسيادية هو بالنسبة للشعب اليهودي اختبار اخلاقي، ستواجهه الأمة باحترام. وبذلك ستكون نموذجا للكثيرين. من حقنا الايمان بأنه اذا حدث السلام بيننا وبين الدول العربية فستكون يهودا والسامرة، بسكانها العرب واليهود ايضا، مصدرا للاخوة واحترام حقوق الانسان والشعب». وقد شدد الترمان على أن الحديث لا يدور هنا عن «حلم آخر الزمان».
الترمان توفي في آذار 1970، ولم يكن شاهدا على الواقع الوحشي الذي نشأ على مدى السنين. واقع وجود شعب الاسياد وشعب العبيد على نمط النظام في جنوب افريقيا، وليس عالم «حلم أنبياء اسرائيل»، هذا المصطلح الذي أكثر هذا الشاعر من استخدامه. ويمكن الافتراض أنه كان سيتعاطى مع اقواله على أنها حلم كاذب وهذياني.