طائرات الصمت

501
حجم الخط

مرت 30 سنة منذ سقط في الأسر مساعد الطيار رون أراد، الذي ترك طائرته في طلعة هجومية في لبنان ومصيره لم يعرف.
هذا الشهر قتل الطيار اوهد كوهين نوف لدى عودته من قصف في غزة. ومثل هذه الاحداث ستقل كلما نقل سلاح الجو عمله من طائرات مأهولة الى طائرات غير مأهولة، أو بالتعبير الجديد، أدوات طائرة مأهولة من بعيد.
في العصر الجديد في الطيران العسكري يمكن للطائرة أن تبقى ساعات طويلة في الجو، بينما يجلس موجهوها في أمان في قاعدتهم، محميين من رعب الاسر والموت، ومعفيين من مصاعب التسارع، التعب ومتاعب الطيارين «العاديين».
يزيد غياب الخطر على الطيارين الاغراء لاستخدام الرجال الآليين الطائرين. فالرئيس الاميركي باراك اوباما جعل هذه الادوات المسلحة السلاح الاساسي للولايات المتحدة في حربها ضد منظمات الارهاب الاسلامية في ارجاء المعمورة.
وفي اسرائيل ايضا يتعاظم استخدامها: فالطائرات غير المأهولة تنفذ اليوم 70 في المئة من ساعات طيران سلاح الجو، ولكن نشاطها يلفه الغموض. فاسرائيل لا تؤكد بان طائراتها غير المأهولة غير مسلحة وتستخدم للهجوم، رغم كثرة الادلة من الفلسطينيين ممن شهدوا الهجمات في غزة، حكومات اشترت الطائرات من اسرائيل، وحتى من العرض العسكري الذي اظهر كيف أن طائرة «زيك» – الطائرة غير المأهولة الاساسية في استخدام الجيش الاسرائيلي – تهاجم وتقتل خلية «حماس» تسللت الى اسرائيل من غزة في حملة «الجرف الصامد».
في الولايات المتحدة يجري نقاش جماهيري يقظ على هجمات الطائرات غير المأهولة، والذي يركز على اخلاقية السلاح الآلي، وعلى العبء النفسي لمستخدميه الذين يقتلون اهدافهم من مسافة آلاف الكيلومترات.
لقد اتخذت إدارة اوباما في البداية سياسة الغموض، ولكنها غيرت بالتدريج نهجها هذا. فقد أخذت المسؤولية عن أعمال الطائرات غير المأهولة، كشفت عن قسم من القواعد لاستخدامها، بل ولجمت استخدامها.
أما في اسرائيل فان الصمت الرسمي والرقابة العسكرية يمنعان مثل هذا النقاش. والنتيجة هي أن التقارير الاعلامية والانشغال الجماهيري لنشاطات الجيش الاسرائيلي يتجاهلان السلاح الاساس لسلاح الجو.
ويبرز الصمت على نحو خاص مقارنة بالعلاقات العامة المتفرعة للطائرة المأهولة الجديدة «أدير» (اف 35). فما هي القواعد لاقرار هجمات الطائرات غير المأهولة مقارنة بالطائرات المأهولة؟ وهل يعاني مستخدموها من مشاكل خاصة؟ الدولة ترفض الكشف.
اسرائيل هي أيضا مصدرة دولية رائدة للطائرات غير المأهولة، ولكن الغموض الرسمي يمنع النقاش في أهداف هذا التصدير، والذي يضم ايضا دولا غير ديمقراطية. وردت اسرائيل هذا الشهر مبادرة أميركية لتحديد قواعد السلوك في استخدام الطائرات غير المأهولة المسلحة وفي تصديرها، على ما يبدو ايضا على خلفية منافسة في اسواق مثل الهند وألمانيا. لم يبلغ الجمهور بأي تقرير أو تفسير. لقد حان الوقت لنزع الغموض والكشف عن طائرات الصمت في اسرائيل ايضا، كجزء من الرقابة الجماهيرية على الجيش والحكومة.