صار مألوفاً أن تقرأ في عناوين الأخبار أن الحكومة الفلسطينية تقوم بزيارة لغزة أو أن مجموعة من وزراء الحكومة يذهبون إلى غزة، وسيكون أكثر إثارة إذا ما كان بينهم رئيس الوزراء الدكتور الحمد الله أو أحد نوابه. وبالطبع يخرج المحللون يستعرضون مهارات بلاغية وعبارات وصفية في محاولة استكشاف كنه الزيارة والغاية منها وما قد تفضي إليه من نتائج، مستخدمين أمنيات وآمال قد يبددها الناطقون الرسميون باسم التنظيمات وقادة الفصائل الذين قد يتوعد بعضهم ويحذر البعض الآخر. مقابل كل ذلك فإن لسان حال المواطن الذي اعتاد هذا النقاش، حتى لم يعد يؤثر فيه، سيقول «زي ما روحتي زي ما اجيتي».
لكن المؤكد أن فكرة أن الحكومة او بعض أركانها يزورون غزة، أو حتى حقيقة أن الحكومة تستخدم في بياناتها أن الحكومة ستتوجه إلى غزة، تفضي إلى حقيقة مؤلمة لكنها واقعية تقول أن الحكومة لا تحكم غزة. فهي تزورها، أو هي تتوجه إليها. لأنه لم يسبق لحكومة في التاريخ أن كان تواجدها في إحدي المدن التي تسيطر عليها أو تديرها حدثاً وطنياً يتصدر نشرات الاخبار ويملأ الدنيا ولا يقعدها. إنه تأكيد من الحكومة إنها غير موجودة هناك أو على أحسن حال أنها موجودة شكلاً هناك. والأمر كذلك فإنها حكومة لا تحكم غزة.
لاحظوا المشهد: الكاميرات تصطف أمام حاجز حماس على أيرز ترتقب وصول الوفد الوزاري إلى غزة، تصريحات تسبق وصول الوزراء من الناطقين باسم حماس في غزة، وكأن غزة لحماس فقط، لاحظوا أن «فتح» في غزة لا علاقة لها بالأمر، ولاحظوا كيف يرتفع وينخفض منسوب الأمل ويعلو ويهبط ضغط المواطن وهو يسمع هذه التصريحات. ومن يريد أن يلاحظ أكثر لينتبه ليس إلى التغطية الإعلامية التي ترافق زيارة الحكومة (هل نقول للشقيقة غزة) بل أيضاً التغطية الأمنية التي تصاحب الزيارة، وإصرار الأمن على الظهور في كل صورة خلف الوزراء الزوار أو إلى جانبهم في تأكيد واضح بأن الزائر ضيف يجب حمايته جيداً. بالطبع لا أحد ينتقص من هؤلاء الأفراد الموظفين، بل من السياسات المقصودة من وراء تلك التغطية الأمنية، كما الإعلامية.
بل إن المجلس التشريعي في غزة يستبق الحكومة بإقرار قانون جديد خاص بالضرائب في غزة يقوم بفرض ضريبة جديدة على البضائع المستوردة من إسرائيل أو من الضفة الغربية – وفق ما تناقلته وسائل الإعلام- باسم ضريبة التكافل. بالطبع لا حاجة للقول إن هذه القوانين لا يقصد منها أكثر من التأكيد أن قطاع غزة شيء مختلف عن الضفة الغربية وأن ما يجري هنا لا يجري هناك. لكن الأهم من ذلك أنه يأتي ليقول للحكومة رسالة واضحة يفهمها كل سكان غزة أن الحكومة لا علاقة لها بغزة، وأنها ليست صاحبة ولاية عليها.
الشيء الآخر في هذا السياق هو ما صدر عن الحكومة بخصوص موظفي السلطة الأصليين في قطاع غزة والمتعلق بآليات عودتهم إلى عملهم وتسجيلهم في وزارات حكومة حماس والنظر من قبل لجنة وزارية في غزة فيما إذا ما كانوا سيقبلون أم سيتم احالتهم للتقاعد أو رفضهم أو أي شيء آخر. بالطبع يبدو أن وزراء الحكومة نسوا أو يحبون أن ينسوا أنهم في مواقعهم وأن ثمة حكومة توافق صاروا وزراء فيها وبعضهم صار وزيراً قبل ذلك بسبب هؤلاء الموظفين الذين التزموا بقرارات الشرعية الفلسطينية ودافعوا عنها وضحوا بكل ما يمكن أن يتمتع به الموظف المداوم على رأس عمله من امتيازات مقابل رفض إقامة حكومة بديلة في غزة تكون نواة الدويلة التي هي بديل المشروع الوطني. لا يمكن أن يكون مكافأة هؤلاء بأن يتم التخلي عنهم أو إجحاف حقوقهم بأي حال من الأحوال، ولا يمكن أن يكونوا ثمن المصالحة ودافعي فاتورتها. بالطبع الحكومة بحاجة لايجاد حلول لقضية الموظفين بشكل عام، لكن عليها أن تجد حلولاً خلاقة وليست قاتلة للموظفين الأصليين.
وربما المؤلم في ذلك أن حركة فتح لا تفاوض بوصفها حركة لها مصالح خاصة بأبنائها بل بات واضحاً انها تفاوض نيابة عن الحكومة. مثلا لم يخرج علينا أحد ليقول إن ما تقترحه الحكومة مجحف بحق أبناء الحركة. يبدو لأبناء فتح أن الحركة دائماً مع الحكومة حتى لو أجحفت بحق موظفي السلطة ممن التزموا بالشرعية. ربما على فتح أن تفصل نفسها عن الحكومة وتطالب ببعض حقوقها. على الأقل هذا يخفف من الضغوطات التي تتعرض لها الحكومة من قبل حماس. وربما أمكن لفتح أن تستعين بالفصائل في ذلك للتأكيد أن المطلوب هو مشاركة الجميع في صنع القرار وعدم ترك الأمر وكأن الحكومة وخلفها كل الفصائل من جهة وحماس من الجهة الأخرى.
هل تريدون أبعد من ذلك؟ أنا لا اعرف كيف يمكن أن نقول هناك مصالحة ومقرات فتح في غزة مغلقة. بل إن بعضها تحول لمقرات شرطة وبعضها قد يعتقل فيها ابناء فتح. هل من المعقول أن يكون الشريك الأساس في الحكومة بلا مقرات بل ومقراته مصادرة. وما الذي يمنع إذا كان رئيس الوزراء فعلاً وزيراً للداخلية – وأن حماس كما تقول لا تحكم غزة ولا تتدخل في عمل الحكومة- من أن يصدر قراراً بتسليم مقر المرجعية لحركة فتح كما بقية مقرات فتح. هل هناك من يتحدث عن المعتقلين السياسيين الذي صار لبعضهم أكثر من عمر الإنقسام في السجون؟
إذا كانت المصالحة الحقيقية لابد أن تتم فهي لابد أن تتم وفق أصول سليمة وواضحة حتى يستطيع المواطن أن يقطف ثمارها ويحس بنعمها، وحتى تكون مصالحة صالحة.
ويحق لنا أن نسأل بالبلدي «الحكومة عارفة مع مين الطوشة»؟!.
لكن المؤكد أن فكرة أن الحكومة او بعض أركانها يزورون غزة، أو حتى حقيقة أن الحكومة تستخدم في بياناتها أن الحكومة ستتوجه إلى غزة، تفضي إلى حقيقة مؤلمة لكنها واقعية تقول أن الحكومة لا تحكم غزة. فهي تزورها، أو هي تتوجه إليها. لأنه لم يسبق لحكومة في التاريخ أن كان تواجدها في إحدي المدن التي تسيطر عليها أو تديرها حدثاً وطنياً يتصدر نشرات الاخبار ويملأ الدنيا ولا يقعدها. إنه تأكيد من الحكومة إنها غير موجودة هناك أو على أحسن حال أنها موجودة شكلاً هناك. والأمر كذلك فإنها حكومة لا تحكم غزة.
لاحظوا المشهد: الكاميرات تصطف أمام حاجز حماس على أيرز ترتقب وصول الوفد الوزاري إلى غزة، تصريحات تسبق وصول الوزراء من الناطقين باسم حماس في غزة، وكأن غزة لحماس فقط، لاحظوا أن «فتح» في غزة لا علاقة لها بالأمر، ولاحظوا كيف يرتفع وينخفض منسوب الأمل ويعلو ويهبط ضغط المواطن وهو يسمع هذه التصريحات. ومن يريد أن يلاحظ أكثر لينتبه ليس إلى التغطية الإعلامية التي ترافق زيارة الحكومة (هل نقول للشقيقة غزة) بل أيضاً التغطية الأمنية التي تصاحب الزيارة، وإصرار الأمن على الظهور في كل صورة خلف الوزراء الزوار أو إلى جانبهم في تأكيد واضح بأن الزائر ضيف يجب حمايته جيداً. بالطبع لا أحد ينتقص من هؤلاء الأفراد الموظفين، بل من السياسات المقصودة من وراء تلك التغطية الأمنية، كما الإعلامية.
بل إن المجلس التشريعي في غزة يستبق الحكومة بإقرار قانون جديد خاص بالضرائب في غزة يقوم بفرض ضريبة جديدة على البضائع المستوردة من إسرائيل أو من الضفة الغربية – وفق ما تناقلته وسائل الإعلام- باسم ضريبة التكافل. بالطبع لا حاجة للقول إن هذه القوانين لا يقصد منها أكثر من التأكيد أن قطاع غزة شيء مختلف عن الضفة الغربية وأن ما يجري هنا لا يجري هناك. لكن الأهم من ذلك أنه يأتي ليقول للحكومة رسالة واضحة يفهمها كل سكان غزة أن الحكومة لا علاقة لها بغزة، وأنها ليست صاحبة ولاية عليها.
الشيء الآخر في هذا السياق هو ما صدر عن الحكومة بخصوص موظفي السلطة الأصليين في قطاع غزة والمتعلق بآليات عودتهم إلى عملهم وتسجيلهم في وزارات حكومة حماس والنظر من قبل لجنة وزارية في غزة فيما إذا ما كانوا سيقبلون أم سيتم احالتهم للتقاعد أو رفضهم أو أي شيء آخر. بالطبع يبدو أن وزراء الحكومة نسوا أو يحبون أن ينسوا أنهم في مواقعهم وأن ثمة حكومة توافق صاروا وزراء فيها وبعضهم صار وزيراً قبل ذلك بسبب هؤلاء الموظفين الذين التزموا بقرارات الشرعية الفلسطينية ودافعوا عنها وضحوا بكل ما يمكن أن يتمتع به الموظف المداوم على رأس عمله من امتيازات مقابل رفض إقامة حكومة بديلة في غزة تكون نواة الدويلة التي هي بديل المشروع الوطني. لا يمكن أن يكون مكافأة هؤلاء بأن يتم التخلي عنهم أو إجحاف حقوقهم بأي حال من الأحوال، ولا يمكن أن يكونوا ثمن المصالحة ودافعي فاتورتها. بالطبع الحكومة بحاجة لايجاد حلول لقضية الموظفين بشكل عام، لكن عليها أن تجد حلولاً خلاقة وليست قاتلة للموظفين الأصليين.
وربما المؤلم في ذلك أن حركة فتح لا تفاوض بوصفها حركة لها مصالح خاصة بأبنائها بل بات واضحاً انها تفاوض نيابة عن الحكومة. مثلا لم يخرج علينا أحد ليقول إن ما تقترحه الحكومة مجحف بحق أبناء الحركة. يبدو لأبناء فتح أن الحركة دائماً مع الحكومة حتى لو أجحفت بحق موظفي السلطة ممن التزموا بالشرعية. ربما على فتح أن تفصل نفسها عن الحكومة وتطالب ببعض حقوقها. على الأقل هذا يخفف من الضغوطات التي تتعرض لها الحكومة من قبل حماس. وربما أمكن لفتح أن تستعين بالفصائل في ذلك للتأكيد أن المطلوب هو مشاركة الجميع في صنع القرار وعدم ترك الأمر وكأن الحكومة وخلفها كل الفصائل من جهة وحماس من الجهة الأخرى.
هل تريدون أبعد من ذلك؟ أنا لا اعرف كيف يمكن أن نقول هناك مصالحة ومقرات فتح في غزة مغلقة. بل إن بعضها تحول لمقرات شرطة وبعضها قد يعتقل فيها ابناء فتح. هل من المعقول أن يكون الشريك الأساس في الحكومة بلا مقرات بل ومقراته مصادرة. وما الذي يمنع إذا كان رئيس الوزراء فعلاً وزيراً للداخلية – وأن حماس كما تقول لا تحكم غزة ولا تتدخل في عمل الحكومة- من أن يصدر قراراً بتسليم مقر المرجعية لحركة فتح كما بقية مقرات فتح. هل هناك من يتحدث عن المعتقلين السياسيين الذي صار لبعضهم أكثر من عمر الإنقسام في السجون؟
إذا كانت المصالحة الحقيقية لابد أن تتم فهي لابد أن تتم وفق أصول سليمة وواضحة حتى يستطيع المواطن أن يقطف ثمارها ويحس بنعمها، وحتى تكون مصالحة صالحة.
ويحق لنا أن نسأل بالبلدي «الحكومة عارفة مع مين الطوشة»؟!.