ليبرمان يقدم "الخيار الأفضل"

141225153930_avigdor_lieberman_640x360_reuters_nocredit
حجم الخط

قام وزير الدفاع، السبت الماضي، بتجاوزين. الاول، تجاوز القيادة الفلسطينية. والثاني، تجاوز وسائل الاعلام الاسرائيلية التي تخفي عن الجمهور ليبرمان السياسي البراغماتي، وهي تتمسك بتصويره على أنه «أزعر الحي».
في مقابلة نادرة مع صحيفة «القدس» اقترح الوزير خطته للحل الاقليمي، الذي يشمل الفصل بين الفلسطينيين واسرائيل من خلال «الارض مقابل الارض».
الاقتراح الذي وضع على برنامج العمل اليومي، وليس للمرة الاولى، هو التخلي عن مبدأ «الارض مقابل السلام» واقامة نقاش جماهيري جدي حول موقف يختلف عن الذي تبنيناه منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو في العام 1993.
فشل التوقيع على تلك الاتفاقيات في ايجاد الاتفاق المرجو، لكنه نجح على الأقل في احداث اصابة في قلب الجمهور الاسرائيلي وتحويل القطبين من أعداء سياسيين الى أعداء لدودين. اليسار، بتأييد صلب من اغلبية وسائل الاعلام المشهورة، يتمسك ويصمم على السياسة التي تقول بأن التنازل عن اراضي «يهودا» و»السامرة» وقطاع غزة التي احتلتها اسرائيل في الحرب الدفاعية في العام 1967، هو الطريق الوحيدة وليس هناك سواها.
اليمين، في المقابل، يعتبر الانسحاب من اراضي الوطن التاريخي تهديدا وجوديا، لأن ذلك شهادة على التنازل عن المبدأ الذي يوجه الدولة على هذه الارض، «ليس عن طريق حق القوة، بل قوة الحق»، كما صاغ ذلك مناحيم بيغن. واخلاء غزة عمل على تعميق الخلاف خصوصا على ضوء حقيقة أن غزة مزقت قفازات السلام التي أُلقيت اليها وحولت نفسها الى موقع متقدم في «الحرب الارهابية» التي لا تنتهي، التي تهدف الى قتل سكان اسرائيل على طريق تدمير الدولة.
خطة ليبرمان تتحدث عن المبدأ الذي يؤمن به اليسار الاسرائيلي – الفصل بين الشعوب من خلال «توزيع البطاقات» مجددا مع أخذ التغييرات الديمغرافية والاتفاق بين الاطراف في الحسبان. تضم اسرائيل المناطق المكتظة بالسكان اليهود في «يهودا» و»السامرة»، وتتنازل في المقابل عن المناطق المكتظة بالسكان المسلمين الذين يوجدون في حدودها المعروفة حتى حرب «الايام الستة». وتجدر الاشارة الى أن تغيير الحدود والمناطق ونقل السكان الى دولة اخرى هو قانوني حسب المعايير الدولية. وقد تم ذلك قبل وقت قصير من التوقيع على اتفاقات اوسلو، مع انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. وفي أعقاب ذلك فان دول اوروبا الشرقية تحولت الى دول قومية صغيرة ومتجانسة.
اليسار اليساري، كالعادة، قفز وكأن أفعى لدغته: «هذا غير ممكن»، «غير قابل للتطبيق»، «عنصري». ولا توجد «مشكلة» لدى الاسرائيليين في تهجير 300 ألف اسرائيلي، والتنازل عما يعتبره ملايين الفلسطينيين احتراما. ولكن ترك المسلمين الذين بعضهم يعتبر نفسه فلسطينيا، في بيوتهم واراضيهم، وضمهم للسلطة الفلسطينية وتمكينهم من المساعدة في التطور الديمقراطي واخراجهم من المواطنة الاسرائيلية؟ هذا شيء لا يمكن فهمه.
إن اقتراح ليبرمان متشعب ويتطلب نقاشا جماهيريا عميقا. إنه يعتبر تنازلا كبيرا لمن ينتمي الى اليمين، ويحتاج الى تنازل معين من اليسار. من يريد دولة يهودية قوية، موحدة وديمقراطية، يجدر به التفكير بالسلام داخلنا أولاً.