لا تزال، مبادرة النقاط العشر، التي طرحها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، د. رمضان عبد الله بمناسبة الذكرى ٢٩ لانطلاق حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، تثير الكثير من النقاش.
لا شك أن هذه المبادرة، حركت الوضع السياسي الفلسطيني من خلال حجم الردود، او مواقف الفصائل، او ما تناوله المراقبون والكتّاب والإعلاميون إجمالاً.
طُرحت المبادرة، دون أن تحدد مساراتها .. هل هي مبادرة للنقاش العام، ام هي مبادرة تحتاج الى آليات متابعة؟! وهل ان من طرحها، سيتابع ردود الفعل، ومن ثم يعقد اجتماعا تداوليا - وطنيا بشأنها؟!!
في العودة للنقطتين الأوليين من المبادرة، نرى بأنهما يفتحان الباب على مصراعيه، لدعوة واضحة لطي صفحة مرحلة - مرحلة أوسلو، ١٩٩٣ - ٢٠١٦، ومن ثم التفكير في وضع آليات عمل فلسطيني جديد، في مرحلة قادمة.
في النقطتين: الأولى والثانية، وجه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي كلامه مباشرة للرئيس محمود عباس، مطالباً إياه، بإلغاء الاتفاق الفلسطيني - الإسرائيلي، من الجانب الفلسطيني، وان يوقف العمل به، في كافة المجالات.
يدرك الأمين العام لحركة الجهاد، أبعاد تلك الدعوة، او تداعياتها إسرائيليا وإقليمياً ودولياً، على حد سواء، فالتخلي، ومن طرف واحد، وهو الطرف الفلسطيني، سيستوجب إعادة النظر، بكل ما ترتب على هذا الاتفاق من مخرجات، وأبرزها: السلطة الفلسطينية، ومن عادوا الى ما هو متاح من الوطن بموجب هذا الاتفاق، ومن توظف في مؤسسات السلطة، والوضع الأمني القائم في الضفة الغربية.
بمعنى أدق، طي صفحة، وفتح صفحة جديدة، أُخرى مغايرة.. وهذا يحتاج لتفكير جدي، بنيوي جديد .. يبدأ بحل السلطة الفلسطينية، التي نشأت عنها مؤسسات أمنية واقتصادية، وحكومية وسياسية .. وإيجاد بديل لها، والا فإن الفوضى، هي المرشحة كي تسود.. المسألة هنا، تتعلق بالشعب الفلسطيني ومستقبله وهذا أمر هام ويستحق التريث والتوقف عنده طويلا.
لا شك، بأن ما نعانيه الآن، كفلسطينيين وكمشروع سياسي فلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة، بات يحتاج لمبادرات مسؤولة ولتداولات سياسية معمقة، للخروج من المأزق، وهو مأزق خطير، بل وشديد الخطورة، خاصة وان الطرف الإسرائيلي، قام عمليا باغتيال فكرة الدولتين، وقام بتصفية اتفاق أوسلو، دون ان يعلن عن ذلك. هو لا يرى بالسلطة ولا رئيسها طرفا في عملية السلام، ومع ذلك يقوم بإجراءاته، دون العودة إليها لا من قريب ولا من بعيد، هو يريد سلطة بلا سلطة، واحتلالا دون كلفة، وهو امر غير قابل للاستمرار.
طرحت المبادرة، نقط هامة، وجاء ترتيبها العاشر، وهي جديرة بأن تكون النقطة الأولى، لأهميتها وفائدتها وجدواها. وهي الدعوة لحوار وطني شامل بين مكونات الشعب الفلسطيني لبحث خطوات ومتطلبات التحول للخروج من المأزق.
وهو أمر يحتاج الى جهد وطني جدي وجديد في آن .. والى آليات للتعامل الراهن والمستقبلي.
ما نحتاجه أولاً، هو تشخيص الأزمة وأبعادها، تشخيصاً دقيقاً بعيداً عن الفئوية والفصائلية ومن ثم التداول بالحلول المقترحة والممكنة، وصولاً لبرنامج القواسم المشتركة العظمى، فيما بيننا، وهو أمر ممكن ولا يزال متاحاً.