حـرب الـمـوصـل: دروس لـ «حـمـاس» ولـيـبـرمــان»..

20162710223937
حجم الخط

يمكن لنا أن نأمل في أن تكون عيون رجال الاستخبارات والعمليات الإسرائيليين مركزة على المعارك حول الموصل في العراق، إذ إن الموصل هي مثال لمدينة غزة: ميدان تجربة للتكنولوجيات، التكتيكات والسلاح الغربي حيال مقاومة جسم متزمت من مقاتلي العصابات، ممن يقاتلون من أجل حياتهم في منطقة مدينية كبيرة ومكتظة، فكيف يمكن لقوة ما أن تهزمهم وألا تبقى عالقة في الوحل لسنوات طويلة؟ 
عندما يقول وزير الدفاع لصحيفة "القدس" إن المواجهة التالية مع "حماس" ستكون الأخيرة، فانه يتحدث عن تصفية الحكم في غزة.
وخلف مثل هذا القول ينبغي أن تكون خطة عسكرية، وإلا فلا قيمة لها.
فمن أجل إسقاط "حماس" يحتاج الجيش ليعرض خططا لاحتلال مدينة غزة – القلب النابض للقطاع ولـ "حماس" – والبقاء فيها إلى حين تغيير الحكم، والموصل هي النموذج الواقعي للتعليم منه.
صحيح أن الجيش الإسرائيلي "احتل" من جديد مدنا فلسطينية في الضفة في 2002، في حملة "السور الواقي"، وراكم تجربة في القتال حيال منظمات شبه عسكرية وجهادية، ولكنه لم يواجه احتلال مدينة بحجم غزة بينما يتمترس داخلها آلاف من حملة السلاح المفعمين بالأيديولوجيا الجهادية، مع منظومات دفاعية أعدت على مدى سنين بموجب مفاهيم "المقاومة" القتالية التي يستخدمها "داعش" في الموصل.
ففكرة "المقاومة"، التي تتحدث عن التضحية الشاملة في الصراع ضد الكفار والمتعاونين معهم، تطورت في إيران الخمينية وسيطرت ليس فقط على الشيعة المتطرفين بل أيضا على حركات سنية متطرفة مثل "داعش" و"حماس".
لقد تركز القتال البري لاسرائيل في غزة في العقد الأخير في هوامش المنطقة المدينية.
ومن الواضح للجيش الإسرائيلي أن الأفخاخ الاستراتيجية ومناطق القتل التي تعدها "حماس" ليست بالذات الأنفاق الهجومية بل المدن الكبرى، ولا سيما المدن الموجودة تحت الأرض التي اقيمت اسفلها.
في كل المواجهات الكبرى توقعت "حماس" بأن يدخل الجيش الاسرائيلي إلى المدن الكبرى، ولكن وزراء الدفاع، مثل باراك ويعلون، ورؤساء الأركان تحتهم، لم يسمحوا لهذا أن يحصل، رغم الضغوط السياسية.
تعيش الموصل منذ أشهر في الظلام، سحابة سوداء من الدخان الأسود تغطيها بعد أن أحرق "داعش" آبار النفط كي يشوش على عمل الطائرات غير المأهولة.
نهر دجلة وفروعه، التي تشق الموصل، أُغرقت بالوقود الذي سيشعل مع دخول الجيش العراقي إلى المدينة.
في غزة أيضا يوجد مخزون من الوقود وفي المعركة الأخيرة ستشعله "حماس" كي تصعب الأمر على سلاح الجو.
في ضواحي الموصل اصطدمت القوات المقاتلة منذ الآن بالأنفاق على أنواعها المختلفة – من أنفاق للتفجير، للاختطاف وللهجوم وحتى أنفاق "الاقتراب" لأغراض الاستخبارات – إلى جانب الانتحاريين، السيارات المفخخة، العبوات الجانبية، الألغام، التفعيل من بعيد والقناصة الذين يطلقون النار من المساجد.
في الموصل يوجد نحو مليون نسمة، منهم 5 آلاف – 6 آلاف مقاتل من "داعش".
في غزة يبلغ عدد السكان 700 ألف بينهم اليوم أكثر من 10 آلاف مسلح.
يوجد غير قليل من الشبه بين فكرة الدفاع لدى "حماس" في غزة وتلك التي لدى "داعش" في الموصل.
في الحالتين المقصود هو إيقاع خسائر غير معقولة في الطرف المهاجم.
وفي الحالتين نقاط الضعف فيهما هي في المواجهة مع السلاح الموجه الدقيق والهجمات الجوية.
يستخدم الأميركيون في جبهة الموصل قوات خاصة يفترض بها أن تعمل سرا حيال نقاط ضعف "داعش"، وان توفر للجيش العراقي وللقوات الكردية تغطية جوية ونارا صاروخية دقيقة من الأرض. وبالتوازي، يستخدمون وسائل متطورة للغاية لمواجهة العوائق من خلال التنصت، أجهزة التحكم الآلي والقتال الالكتروني والنفسي.
فاذا كان الجيش الإسرائيلي بالفعل يستعد لاحتلال غزة فانه ملزم بأن يطلع بفاعلية على هذه الوسائل.
لقد أعد الأميركيون العراقيين لهذه المعركة لسنتين تقريبا ولديهم الوقت.
صحيح أنهم كانوا يفضلون أن ينتهي احتلال الموصل عشية الانتخابات في الولايات المتحدة، ولكن هذا لن يحصل.
لحم المدافع في القتال هو قوات البشمركة الكردية وألوية الجيش العراقي، وهذا يجسد كل الفرق بين غزة والموصل.
ليس لدى إسرائيل أكراد وعراقيون ترسلهم إلى غزة. لحم المدافع هو لحمنا.