قمنا في الإدارة العامة للتشغيل بوزارة العمل بجولة استمرت لمدة يومين في محافظة الخليل، زرنا خلالها مكاتب العمل في حلحول، ويطا، ودورا، والبلدة القديمة، ومدينة الخليل، للاطلاع على أهم الإنجازات، والنظر في المصاعب التي تواجههم، والتفكير بأدوات جديدة للتغلب على التحديات لغاية تطوير العمل، وتقديم خدمات أفضل للمواطنين، والمشاركة في الحدث الأهم وهو إطلاق يوم التوظيف الذي يهدف إلى خلق 270 وظيفة ضمن احتياجات سوق العمل للمهن الحرفية، وذلك بمشاركة 52 شركة محلية.
وعلى الرغم من زياراتي المتكررة لهذه المحافظة إلا أنني أثناء هذه الزيارة وجدت أن حالة الرفض تزداد بشكل واضح لكل ما يتعلق بالسلطة/الحكومة، وقد أصبح الرفض جلياً بالتحديد خارج المدينة وبشكل أكبر وعلني.
في مكتب عمل دورا استمعت لمدير التفتيش عن صعوبة تطبيق القانون من ناحية، وتنفيذ المهام الموكلة لهم من ناحية أخرى، موضحاً أن المواطن لا يكترث بتعليمات وزارة العمل، بل بالعكس، فإنه يبدي رفضه لما يصب في مصلحته والحفاظ على سلامته، وذلك من خلال قيامه بحركات مستفزة عكس ما هو مطلوب من أجل الحفاظ على سلامته المهنية؛ وتلفظه بكلمات غير لائقة.
وأكثر المشاهدات التي آلمتني على الرغم من كل ما سمعته أثناء حديثي مع المواطنين أو المشاهدات المختلفة التي رصدتها بعيني المجردة، هو ما حدث معنا أثناء توجهنا الى مكتب عمل يطا، عندما صاح أشخاص بكلمات غير لائقة شاهدوا سيارة الوزارة .
من لا يعتبر ذلك مؤشراً خطيراً وأنه أمر طبيعي، فإني أدعوه للتوجه ليس فقط لمحافظة الخليل التي تعد من أكبر المحافظات الفلسطينية تعداداً سكانياً، وإنما الى أي محافظة بالوطن (رغم حالة التفاوت بقياس النتائج التي أصبحت مرتفعه وبشكل عالٍ)؛ ومرحلة عدم الثقة، التي لا تعتبر وليدة اللحظة، ولكن تعود أسبابها إلى التراكمات المختلفة منذ سنوات عدة؛ ليصل الشارع إلى مرحلة إنكار الجهود.
للأسف، بل وبحزن شديد أقول إن حالة الرفض هذه لا تؤثر فقط على العامل أو المؤسسة المستهدفة، بل يقع ضحية هذا الرفض جميع زملائي في كافة مؤسسات الحكومة المتواجدين بالميدان في مختلف مديريات الوطن، ما يؤثر على عملهم كل في موقعه، من الممرضة الى المعلم، وشرطي المرور، ومفتش العمل، وغيرهم من أبناء وبنات شعبنا العاملين في المؤسسات الفلسطينية، لينعكس ذلك بالنهاية على الخدمات التي يقدمها كل منهم لأبناء شعبنا.
لست هنا لأناقش الأسباب التي ندركها جيداً وأوصلتنا للأسف الى هذه المرحلة، وإنما للنظر بحلول قد تعيد الثقة بين المواطن والحكومة، فعلى الرغم من وجود قصص نجاح وبشكل يومي يسطرها أبناء الحكومة في الميدان سواء على المستوى القطاعي او الوزاري، إلا أن الحديث الإعلامي لا يتناولها، ويقتصر الإعلام على الفعل الإخباري لبعض الوزراء بصيغة اجتمع.. ناقش.. صرح، وليس الفعل التنموي الذي يهدف إلى التعريف بإنجازات الحكومة على أرض الواقع.
لذلك ولغاية إعادة بناء الثقة لا بد أن يتم تطوير استراتيجية إعلامية حكومية يتم من خلالها التشبيك بين جميع المؤسسات لتسليط الضوء على القضايا التي تهم المواطن. وفي الوقت ذاته يجب أن تكون الخطة الإعلامية محوراً قائماً بذاته ضمن خطة العمل التي تطورها الحكومة بهدف إعلام المواطن عن سياسة التدخلات والأولويات في العديد من القطاعات، وإعادة النظر بسياساتها القديمة واعتبار المواطن شريكا في صنع القرار.
من جهة أُخرى، يجب على الحكومة أن تطور وتنمي مؤسساتها بما يضمن إعادة الثقة بينها وبين المواطن مرة أُخرى، وذلك من خلال بناء الجسور القطاعية المختلفة مع المواطنين، وأهم هذه القطاعات التي يجب البدء بها فوراً هو قطاع القضاء وضرورة تفعيل وتنشيط المحاكم المختلفة؛ بالإضافة إلى محاربة الفساد بكافة أشكاله وبشكل فعلي، وليس شكلياً ومن منطلق علاقات عامة!! ووضع الآليات لتغيير وتحسين الأوضاع الخدمية والإدارية الى الأفضل، وذلك بوضع الضوابط القانونية والرقابية للمقصرين والعابثين بالقانون والمال العام.