من حق الرأى العام، أى رأى عام، أن يسخر من النظام، أى نظام.
السخرية، هى نفسياً إحدى وسائل التنفيس السياسى عن عقل وقلب أى شعب.
والسخرية أيضاً، أحياناً تكون وجهة نظر فيما يدور من أحداث محيطة بأى مجتمع.
ولم يُخترع بعد، ولن يُخترع، ما يمكن أن يضبط مشاعر الرأى العام من السخرية أو إطلاق النكات والقفشات على الحكم والحاكم.
وفى الحالة المصرية، فإن الشعب المصرى صاحب «القفشة» و«اللمحة» الساخرة هو أكثر شعوب الأرض عشقاً لممارسة الضحك، حتى يستلقى على قفاه!
وكلما زادت مرتبة من تدور حوله رواية النكتة، زادت «حرقة» و«شطة» السخرية، وزادت أهمية النكتة.
وفى زمن التواصل الاجتماعى، أصبح كل صاحب حساب على الإنترنت، هو صاحب منصة صواريخ ساخرة، يمكن أن تصوب نحو أى شخصية عامة فى هذا العالم دون خوف من عقاب سياسى أو تجريم من القانون.
قل ما شئت، ضد من تشاء، تحت أى اسم مجهول، بمعنى أن الضحية معروف جداً للمجتمع، أما القاتل فهو -على النت- مجهول.
ومثلما حدث مع «عبدالناصر» و«السادات» و«مبارك» والمجلس العسكرى و«مرسى»، يأخذ الحكم الحالى نصيبه من لمحات وقفشات النت، بعضها موجه، مقصود سياسياً، ويدخل ضمن معركة إسقاط النظام الحالى، والبعض الآخر يندرج تحت لعبة السخرية المعتادة ضد أى نظام وكل نظام.
والحديث الأخير حول ثلاجة الرئيس السيسى التى كانت خالية من المواد التموينية، ولم يكن فيها إلا المياه، هو جزء من تلك المعارك الكلامية على النت.
وفى اعتقادى أن الرئيس الذى كان ينتمى إلى عائلة متيسرة عاش فترة متقشفاً دون أن يشكو أو يطلب مساعدة من أهله أو أهل زوجته، لأن لديه من عزة النفس والكرامة ما يجعله يتحامل على نفسه، دون إعلان أى تذمر أو شكوى.
وفى يقينى أن الرئيس لجأ إلى سرد هذه الرواية فى مؤتمر الشباب، كى يضرب نموذجاً بالقدرة على الصبر والتحمّل فى الزمن الصعب.