قل ما تشاء بشأن بعض أوجه الخلاف المصرى- السعودى، لكن توقف هنا:
- إذا سألت سعودياً: ماذا لو خسرت مصر وخسرت السعودية مصر؟. ربما قال لك على الفور: سبق أن أجبتك فى ٣٠ يونيو ومنذ ٣٠ يونيو.
- أما مع المصرى، فلا تسأله: ماذا لو خسرت أنت السعودية. واسأله: ماذا لو خسرت (بفتح الخاء وكسر السين) السعودية؟
اختبر العقل السعودى بالتجربة ما بعد ٢٥ يناير وحتى ٣٠ يونيو وما بينهما.. ماذا يعنى أن تخسر مصر وأن يخسر السعودى مصر. بينما لم يمر العقل المصرى عمليا بتجربة مماثلة بالنسبة للوضع السعودى.
مع ذلك يظل السؤال كبيرا وملحا ويتطلب إجابة من العقل المصرى: ما تكلفة أن تخسر السعودية بالنسبة لمصر؟
من حسن طالع مصر أنها ليست فى معركة حربية مع أحد، وليست طرفا فى مواجهة من هذا النوع مع أحد. إنما أكم من المعارك، التى تخسرها بلا حرب وأخطرها على مصر حاليا: أن تخسر السعودية.
السعودية تصارع الوجود فى جبهات متعددة. ويحاصرها خطر الوجود من جبهات متعددة. مشكلتها الرئيسية أن الخصم هو الصديق، والحليف هو بذاته العدو. أجبرها الأمريكيون بإثارة التهديدات الوجودية من حولها على الدخول قطبا فى صراع شيعى- سنى مقابل القطب الإيرانى على مستوى المنطقة. ثم أطبق عليها الأمريكيون الخناق باتهامها برعاية الإرهاب وبعقوبات جاستا.
أعرف جيدا تلك النظرات التى تخلط بين ما تأمل أن تكون عليه صورة السعودية حسبما ترى وتعتقد، وصورة السعودية، التى نرى ونحيا معها. فتهمل ولا أقول تسقط من حسابها تكلفة أن تخسر السعودية بالنسبة لمصر.
أحترم بصدق التقديرات الوطنية المصرية متنوعة المصادر والمستويات، التى تحمل اختلافا فى بعض القضايا مع السعودية، أو تلك، التى قد تدخل فى اعتبار الجانب السعودى. إنما صار واجبا على العقل المصرى أن يحسب تكلفة وثمن أن تخسر السعودية لأنه يعنى فى المقام الأول الإجابة عن أسئلة تخصنا كمصريين بالدرجة الأولى من نوع: مع من نتعامل فى حالة خروج السعودية من ساحة المنطقة. وكيف نتعامل. ومن أى موقع نتعامل؟
إذا خسرت السعودية فلن تربح إيران وحدها، إنما حلف أمريكى بجنود طائفيين من مجموعات سنية متطرفة وإرهابية وأخرى عرقية. تسقط منه السعودية، التى نراها ونحيا والخليج أيضا، وحلف روسى بجنود طائفيين من الصف الشيعى كما حكومات سوريا والعراق وحزب الله اللبنانى. وفى الصورة إسرائيل. الحاضر فى كل شىء. الغائب عن أى سؤال.
هؤلاء يحاربون معا وكل من موقعه ضد العرب وفى أرض العرب. وافترض أنهم انتصروا. ما هو شأننا حينئذ مع هؤلاء؟
ومنهم من انتصر على عرب واحتل أرض العرب وسفك دم العرب مثل أمريكا وإسرائيل وتركيا وإيران وروسيا ومنهم من انتصر على طائفة ويبيد أكبر مجموعة من أهل المنطقة مثل حكومات سوريا والعراق وحشد «لبيك يا حسين» مثل حزب الله والحشد الشعبى العراقى. كيف يتعاملون معنا حينئذ ومن أى موقع؟
بعضنا ينظر إلى روسيا كحليف لكنه لا يسأل: هل تعتبرنا روسيا كذلك؟ لماذا تلهفت على تركيا وتتدلل مع مصر إن لم تكن طرفا فى ضغط؟ ثم إنها تقسم العرب وتنصر أقلية على أغلبية وطائفة على طائفة مثلما يفعل الأمريكيون تماما؟
بَعضُنَا يطرح أن تتجه مصر إلى إيران. هؤلاء لا يقولون لنا من أين تتجه مصر إلى إيران. طهران، التى قاطعناها منذ سنوات السبعينيات، ليست هى إيران الآن. من أين نتجه إليها. من بيروت، التى اقتربت من حيازة رئاستها أم من ضاحيتها الجنوبية، التى انتقلت من المواجهة بالمقاومة إلى المواجهة بالطائفة أم من دمشق أم من بغداد أو صنعاء؟
أين إيران وأين العرب؟ وكيف تكون المعاملة مع مصر وكيف يكون التعامل بلا عرب؟
أرجوك لا تقل لى كيف نتصرف مع هذا السعودى أو ذاك. أو تجاه هذا التصرف السعودى أو ذاك. قل لى من فضلك:
ماذا نفعل لو خسرت السعودية. بل ماذا نفعل حتى لا تخسر السعودية؟
كفانا خسارات فى العرب؟