أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا صباح اليوم الاثنين، تقريراً بعنوان (وجع الفيروز) حول أوضاع حقوق الإنسان في سيناء المصرية منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013.
وقال التقرير، الذي نشر اليوم الاثنين، "إن التصريحات الرسمية للمسؤولين في مصر حول أوضاع سيناء الأمنية كانت دائما رهنا بالحالة السياسية والمزاج العام للنظام الحاكم، حيث قيمت المؤسسة العسكرية بقيادة ويز الدفاع عبد الفتاح السيسي خلال حكم الرئيس مرسي عدد الخارجين عن القانون في سيناء من 400 إلى 600 فرد، ثم عادت ذات المؤسسة بقيادتها التي لم تتغير في أعقاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 لتتحدث عن وجود خطر داهم وإرهاب منظم وضخم يهدد سيناء ومصر والمنطقة وخروج سيناء عن السيطرة".
وذكر التقرير أن هذه التصريحات أعقبتها عملية أمنية شرسة بتنسيق كامل مع إسرائيل وصل إلى حد استخدام الطيران الإسرائيلي لاستهداف مواقع في سيناء وفق تقارير عسكرية، مع السماح للجيش المصري -من قبل إسرائيل- إدخال آليات ومعدات حرب ثقيلة وطائرات لتنفيذ خطة الجيش الأمنية في سيناء.
ورصد التقرير نتائج تلك العمليات الأمنية خلال الفترة منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013 وحتى 31 كانون ثاني يناير/ كانون الثاني 2015، وفق عملية رصد كمي للتصريحات والبيانات الرسمية الصادرة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث تعرض سكان سيناء لأوسع موجة انتهاكات على الإطلاق وقامت قوات الجيش بقتل 618 شخصاً وصفتهم بالإرهاب، كما قُتل 115 شخصاً بصورة عشوائية ، وتم اعتقال 1906 شخصاً على الأقل ممن وصفهم الجيش بالمطلوبين أمنياً، 793 شخصاً تحت دعوى الاشتباه، بالإضافة إلى تجريف 105 مزرعة للزيتون، ومساحة (23.1 دونم) من مزارع مختلفة خارج نطاق القرار الحكومي بعزل الشريط الحدودي والذي تم تجريف الأراضي الزراعية الموجودة فيه بالكامل بطول 13.5 كيلو متر وعرض ألف متر مربع ، إضافة إلى إحراق عدد 545 سيارة، وعدد 1111 دراجة بخارية، وهدم 169 منزلاً، و1457عشة في أماكن متفرقة من شمال سيناء.
وأضاف التقرير: "إن آلاف الأشخاص تعرضوا لعمليات تهجير جماعي من منازلهم بعد قرار حكومي بإخلاء الشريط الحدودي في مدينة رفح على مساحة 1000 متر بطول الشريط الحدودي، لتهدم القوات المسلحة 2022 منزلا يقطن فيها 3206 أسرة على مراحل مختلفة".
وأكد التقرير أن الأعداد المرصودة لا تمثل العدد الحقيقي للضحايا، حيث أكدت الشهادات الواردة من سيناء أن الجيش يقوم بقصف أي عدد من المنازل إذا ما وقعت في نطاقه أي عملية مسلحة أو زرع عبوة ناسفة، كصورة من صور العقاب الجماعي للأهالي لعدم إبلاغهم عن تلك العمليات، وأن حالات القتل العشوائي وتعريض المواطنين للإعتقال والإختفاء القسري لا تتوقف يوما واحد، غير أنه لم يتسن لأي جهة حتى الآن الوقوف على أعداد الضحايا في سيناء بدقة نظرا لاستحالة عملية التوثيق في سيناء في ظل منع السلطات لأي عمل حقوقي أو صحفي على أي مستوى في هذه المنطقة.
وأكد التقرير أن المعلومات والبيانات الموثقة تؤكد أن السلطات المصرية تتجاوز حدود هدف تحقيق الأمن في سيناء وبسط سيطرة الدولة إلى التنكيل بكل سكان سيناء دون تمييز، وترتكب جرائم في سيناء ترقى إلى مستوى جريمة حرب وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وهي ماضية في نهجها الدموي في ظل دعم دولي يُغلِّب المصالح السياسية الضيقة والممتثلة في توطيد العلاقات المصرية الإسرائيلية على احترام حقوق الإنسان ومصلحة المواطنين.
وبين تقرير المنظمة الحقوقية أن مسألة حماية حقوق الإنسان وضمان احترام سيادة القانون تسهم في حـد ذاتها في مكافحة الإرهاب، وبالمقابل يمكن لانتهاك حقوق الإنسان أن يأتي بعكس النتيجة المرجـوة لأنه يُسهم في تهيئة الظروف المفضية إلى انتشار الإرهاب مما سيشكل تهديداً مباشر لمصر والمنطقة بأسرها.
ودعا التقرير المجتمع الدولي والمسؤولين المصريين إلى إدراك الخطر الداهم الذي يتشكل في سيناء والحالة الثأرية التي تتصاعد دون توقف في ظل الزيادة اليومية في أعداد الضحايا من المواطنين، وفي ظل توفير السلطات المصرية حماية كاملة لمرتكبي تلك الجرائم وتعزيز سياسة الإفلات من العقاب، وفي المقابل حرمان كامل من حماية القانون لسكان سيناء.
كما دعا التقرير المجتمع الدولي إلى عدم الإنخداع بدعاية النظام المصري بأنه يحارب الإرهاب في سيناء فالحقيقة أن النظام المصري يمارس الإرهاب المنظم في سيناء ويعمل على صناعته.