"وعد بلفور" وعد ممن لا يملك لمن لا يستحق

فدوى نصار
حجم الخط

وعد بلفور.... وعد ممن لا يملك... لمن لا يستحق

هنا باقون ... هنا أرض أجدادي... هنا أرضي

هنا زرعنا.... أشجار التين والزيتون

هنا حدائقنا.... أزهار الجوري والياسمين

هنا فلسطين... هنا فلسطين

تمر علينا اليوم الذكرى المئوية لما يسمى بوعد بلفور المشؤوم، والذي بموجبه منحت بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، بناءً على مقولة "أرض بلا شعب... لشعب بلا أرض".

هذا الوعد الذي ترتبت عليه الكثير من المآسي والأحداث، والذي كان سبباً وراء إحداث عدة تغيرات على المستوى الإقليمي والدولي، كانت بمجملها ديموغرافية وجغرافية وتاريخية.

وعد كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب بطريقهم لإقامة كيان لليهود على أرض فلسطين، وطن قومي لم يذكر حدوداً له، استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.

فلسطين وعبر التاريخ كانت ولا زالت محط أنظار المستعمرين، وخاصة اليهود، فمنذ خروجهم من مصر إلى فلسطين وهم يحاولون أن يربطوا أنفسهم بهذه الأرض محاولين بشتى الطرق والوسائل أن يكون لهم موطئ قدم فيها.

فكتبهم التاريخية وعلى رأسها التوراه تتحدث وبكل صراحة أن بني إسرائيل عملوا جاهدين حتى يؤسسوا لهم في فلسطين مجتمعاً كبيراً يرقى إلى مستوى الدولة، تكون إقامتهم فيه دائمة عوضاً عن الترحال والتنقل.

تعتبر الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية عام 1917 إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين. وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية عهداً بإقامة دولة لليهود في فلسطين.

فلو نظرنا إلى صيغة الوعد، فإنها تؤكد على أنها نظرة بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي سيضم ما يسمى بـ"الشعب اليهودي"، أي اعترافاً بهم كمضطهدين مساكين، ومن الملاحظ أن هدفه سياسي استعماري، ولم تكتفِ الحكومة البريطانية بالأمنيات وإنما بذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف.

يشار إلى أن الحركة الصهيونية اتخذت من وعد بلفور ذريعة لقيام الكيان الصهيوني بنشر وتوسيع المستوطنات التي تحولت بعد عام 1948 إلى مدن كبيرة، بعد السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية ونزع ملكيتها من أصحابها الشرعيين، مستخدمةً كافة الوسائل اللاإنسانية من مذابح وتشريد وطرد ومجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني، الأمر الذي زاد من معاناة الشعب الفلسطيني ودفعه منذ ذلك التاريخ إلى مواجهة مستمرة مع الاحتلال.

فبعد مرور مائة عام على هذا الوعد المشؤوم، ما زال الفلسطينيون متمسكين بأرضهم ومقدساتهم، بأشجار زيتونهم، وما زال الثائرون قابضين على حجارتهم، منتفضين من أجل قدسهم وعرضهم، ودفاعاً عن الأحرار، لا يزالون مستمرين في مقاومتهم، رغم تخاذل المتخاذلين وتآمر المتآمرين على قضية عادلة من أسمى القضايا "القضية الفلسطينية".