هل ينقلب أوباما على السياسة الأميركية تجاه إسرائيل؟

أوباما
حجم الخط

على مدى ولايته وفي الوقت الذي كان يصمم فيه على أنه «يقف وراء اسرائيل»، عمل رئيس الولايات المتحدة، براك اوباما، من اجل انشاء مسافة بين الولايات المتحدة واسرائيل. ومن اجل ذلك فهو يتملص من السياسة القديمة، التي بموافقة مجلس الامن التابع للامم المتحدة حددت أنه يجب الامتناع عن مطالبة اسرائيل بالانسحاب الى خطوط وقف اطلاق النار للعام 1949.
عندما قام سفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة، آرثور غولدبرغ، بتفسير صيغة القرار 242 للامم المتحدة، تحدث عن «حدود آمنة ومعترف بها»، في الوقت الذي سيطلب فيه من الطرفين تنفيذ «تعديلات جغرافية في اتفاق السلام، الامر الذي يعني عدم الانسحاب الاسرائيلي المطلق من الاراضي المحتلة، على ضوء حقيقة أن الحدود السابقة لاسرائيل أثبتت أنها غير آمنة». هذا الانسحاب يمكن أن يتم فقط في اطار اتفاق سلام شامل.
ومنذ ذلك الحين، فان الرئيس لندون جونسون والرئيس ريغان والرئيس كلينتون عادوا وأكدوا على أن «العودة الى ما قبل الرابع من حزيران 1967 لن تصنع السلام»، وعلى أهمية «الحدود الآمنة المعترف بها» لاسرائيل. وم.ت.ف نفسها تبنت في نهاية المطاف قرار 242 عندما وقعت على اتفاق المبادئ في ايول 1993.
في الرسالة التي كتبها الرئيس بوش لرئيس الحكومة ارئيل شارون في 14 نيسان 2004 ردا على خطة الانفصال عن غزة، جاء أن «الولايات المتحدة تعود وتؤكد التزامها القوي بأمن اسرائيل، بما في ذلك الحدود الآمنة القابلة للدفاع عنها». وبشكل أكثر وضوحا، أعلن بوش بأنه «على ضوء الواقع الجديد في الميدان، بما في ذلك وجود الكتل السكانية الاسرائيلية، ليس من المنطق توقع أن نتيجة المفاوضات على الحل الدائم ستكون انسحابا كاملا وشاملا الى خطوط وقف النار من العام 1949. وكل الجهود السابقة من اجل المفاوضات لحل الدولتين أدت الى الخلاصة ذاتها». وقد تبنى المجلسان الرسالة باغلبية ساحقة.
اعتبر شارون أن تعهد بوش هو انجازه الدبلوماسي الأهم. وفي تشرين الثاني 2009 اعترفت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، بهدف «دولة يهودية مع حدود آمنة قابلة للدفاع عنها، والتي تعكس التطورات المستقبلية وتعطي الاجابة على المطالب الامنية الاسرائيلية».
في 19 أيار 2011، قبل ساعات من اللقاء مع رئيس الحكومة نتنياهو، فاجأ اوباما ضيفه عندما انحرف عن السياسة الاميركية فوق الحزبية. في الوقت الذي استمرت فيه السلطة في إبداء عدم المرونة وبدأت المنطقة تغرق في الحرب، قال أوباما إن «الحدود بين إسرائيل والفلسطينيين يجب أن تعتمد على خطوط 1967 مع تبادل للاراضي متفق عليه».
وإذا تم تبني هذا الامر، فانه سيفرض الخط الاخضر كنقطة اساسية للمفاوضات المستقبلية، وأي تغيير يجب أن يخضع للموافقة الفلسطينية. مع العلم أن السجل الفلسطيني هو رفض تقديم التنازلات، وبالتالي فان مصطلح «تبادل للاراضي متفق عليه» ما هو إلا فانتازيا. وسيكون البديل فرض حدود 1967 والتنازل عن حدود الكتل الاستيطانية المركزية، بما في ذلك الاحياء اليهودية في شرقي القدس. وفي صالح كلينتون يُقال إنها كانت حاسمة في لقائها مع نتنياهو في 26 أيلول، حيث أكدت أنها ستعارض «كل محاولة لجهات خارجية في فرض الحل... بما في ذلك من قبل مجلس الامن التابع للامم المتحدة». لكن تردد ادارة اوباما يبشر بالسوء. ففي الوقت الذي يقتل فيه آلاف العرب بشكل يومي في المنطقة، فان وزارة الخارجية تركز على التصريحات التي تدين اسرائيل بسبب بناء 30 وحدة سكنية داخل مستوطنة قائمة.
هناك خوف متزايد من أن اوباما قد يمتنع عن استخدام الفيتو في مجلس الامن، أو يؤيد قرارا قد يشق الطريق للعقوبات على اسرائيل. تغيير السياسة الاميركية من قبل رئيس هو بطة عرجاء سيضع العمليات الديمقراطية موضع السخرية. وسيكون ذلك مناقضا لرغبة الأمة وتجاوزا مباشرا لقرار الكونغرس ومناقضا للسياسة المعلنة للمرشحين للرئاسة، خصوصا كلينتون التي تعهدت بشكل واضح بأنها ستعارض تدخل الأمم المتحدة.

عن «إسرائيل اليوم»