هناك حالة من الامتناع السائد بين الأميركيين القانطين الذين يرقبون حملة الانتخابات الرئاسية الراهنة، التي تتسم بأنها خالية من المضمون وتحركها الفضائح. حسناً، لديّ بعض الأخبار السيئة: إن فضائح الحملة لن تنتهي. وإذا فازت هيلاري كلينتون، فإن دوامة الفضائح والأكاذيب والتحقيقات وحجب الحقائق ستستمر بلا هوادة طوال السنوات الأربع القادمة.
وحتى وقت قريب، كان الديمقراطيون يثنون على مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، باعتباره «رجلاً عظيماً» و«موظفاً رائعاً في مهنة صعبة... يتمتع فيها بأعلى معايير النزاهة»، وذلك بعد أن أوصى بعدم ملاحقة كلينتون. واليوم، نجد أنهم تحولوا بسلاسة إلى مهاجمته بعد أن أبلغ الكونجرس أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد كشف عن رسائل بريد إلكتروني ربما تكون وثيقة الصلة بالتحقيق الذي يتم إجراؤه مع كلينتون، وذلك على جهاز كمبيوتر استولوا عليه أثناء تحقيق منفصل مع عضو الكونجرس السابق، أنتوني وينر (بزعم إرسال رسائل جنسية إلى فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً).
ولم تذهب فضيحة البريد الإلكتروني بعيداً. فقد قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب ديفين نونيس (جمهوري- كاليفورنيا) في نهاية هذا الأسبوع: «سنقوم بالتحقيق بشكل واضح في كل المعلومات التي لدينا حيث إنها تتصل بمعلومات سرية تم وضعها على شبكات، حيث يستطيع الروس والصينيون وغيرهم من الجهات الفاعلة المناهضة الحصول عليها». وإذا تم العثور على المعلومات السرية في أي من الـ650 ألف رسالة بريد إلكتروني الموجودة على جهاز الكمبيوتر الخاص بوينر، فإن هذا من شأنه أن يعيد تحقيقات الكونجرس من جديد.
ومن ناحية أخرى، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، في نهاية هذا الأسبوع، أنه وفقاً لمصادر، فإن وزارة العدل في إدارة أوباما قد قيدت الجهود التي يبذلها مكتب التحقيقات الفيدرالي للتحقيق فيما إذا كانت وزارة الخارجية في عهد كلينتون قد سمحت لمؤسسة كلينتون للمانحين بالوصول إليها بشكل خاص ومنحها وضعاً تفضيلياً.
ومن المؤكد أن الكونجرس سيحقق فيما إذا كان هناك تدخل غير لائق في هذه الجهود التي يبذلها مكتب التحقيقات الفيدرالي. ومن شبه المؤكد أنه ستكون هناك تحقيقات في الإفشاءات التي كشفتها شبكة «إيه بي سي نيوز» مؤخراً بأن مسؤولي وزارة الخارجية قدموا معاملة خاصة إلى المانحين في مؤسسة كلينتون بعد زلزال هايتي، وطلبوا منهم تعريف أنفسهم باسم «أصدقاء بيل كلينتون» أو «كبار الشخصيات في مؤسسة ويليام جيفرسون كلينتون»، بينما كانوا يرسلون آخرين إلى أحد المواقع الحكومية.
وستكون هناك أيضاً تحقيقات في إفشاءات «وول ستريت جورنال» بأن المنظمة السياسية لحاكم فيرجينيا «تيري ماك أوليف» (ديمقراطي وعضو منذ فترة طويلة في مؤسسة أصدقاء بيل كلينتون)، والحزب الديمقراطي الذي يسيطر عليه في الولاية، حيث قام بتوجيه نحو 675 ألف دولار إلى حملة مرشحة مجلس الشيوخ في فرجينيا «جيل مكابي»، التي ساعد زوجها، فيما بعد، في الإشراف على التحقيق في قضية البريد الإلكتروني الخاص بكلينتون باعتباره نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي. وذكرت «واشنطن بوست» أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يحقق أيضاً فيما إذا كان «ماك أوليف»، الذي كان يعمل مديراً بلا أجر في مؤسسة كلينتون، قد انتهك تشريعاً بشأن استمالة مواطنين أميركيين بالنيابة عن حكومات أجنبية.
وتوقعوا أيضاً معركة أخرى مع الكونجرس إذا حاولت كلينتون ترقية مساعدين مقربين مثل هوما عابدين، وشيريل ميلز وغيرهما من المتورطين في فضيحة بريدها الإلكتروني إلى مناصب تتعلق بالثقة العامة. وبإعلانه أنه سيوصي بعدم الملاحقة في شهر تموز، كان كومي يريد أن يوضح أن «هذا لا يعني أنه في ظروف مشابهة، فإن الشخص المشارك في مثل هذا النشاط لن يواجه عواقب. وعلى العكس من ذلك، فهؤلاء الأفراد عادة ما يكونون عرضة للعقوبات الأمنية أو الإدارية».
وسيصر الجمهوريون على تطبيق مثل هذه العقوبات على أي شخص أساء التعامل مع المعلومات السرية، أو حصل على حصانة أو امتنع عن الإجابة في التحقيق الخاص بكلينتون، بما في ذلك إنكار الوصول إلى معلومات سرية. وربما يريدون أيضاً النظر في كيفية فشل عابدين في تسليم جهاز اللابتوب الخاص بزوجها أنتوني وينر، الذي يحتوي الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بكلينتون، بعد أن أقسمت إنها سلمت «جميع الأجهزة» التي كانت تملكها وتحتوي مثل هذه الرسائل.
وبعبارة أخرى، فإن شهر العسل الخاص بكلينتون قد انتهى حتى قبل أن يبدأ. وببساطة لا يمكن تصور أن مساعدي كلينتون قد أزالوا «العناوين الرئيسة» السرية من رسائل البريد الإلكتروني واستخدموا أداة لمحو الرسائل بعد أن تلقوا استدعاء من الكونجرس للحفاظ عليها، ومع ذلك لم تتم معاقبة ولو شخصاً واحداً. إن آلة كلينتون برمتها تبدو وكأن لديها حصانة من العواقب. وهذا أمر غير صحي بالنسبة إلى دولة ديمقراطية.