فيما يتعهد المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب للصهاينة، بأن لا يعترف بدولة فلسطينية، بلا مستوطنين، وبينما يُتهم الفلسطينيون بأنهم يريدون دولتين، فالواقع أنّه ربما يجدر أن يدافع الفلسطينيون، عن حقهم بدولتين، فعلا، حلا وسطاً للصراع التاريخي.
وثّق مستشاران صهيونيان يهوديان للشؤون الإسرائيلية، يعملان لصالح دونالد ترامب، في مقال صحفي لهما، وعد ترامب الإسرائيليين واليهود، أن يعترف بالقدس عاصمة موحدة للإسرائيليين، ورفض الاعتراف بدولة فلسطينية، لا تقبل بالمستوطنين اليهود مواطنين فيها. وعمليا يريد ترامب القول إنّه لا يوافق على دولة فلسطينية، لأسباب منها، رفض الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل دولة يهودية، ورفض المواطنين اليهود فيها (أي المستوطنين). والواقع أنّ ما نشره المستشاران جيمس غرينبالت وديفيد فريدمان، على موقع Medium، هو أنّه لن يتم الاعتراف بدولة "تمنع وجود المواطنين المسيحيين واليهود، وتميز بين الناس على أساس الدين". وعدا عن الكذب في هذه العبارة، خصوصاً فيما يتعلق بالمسيحيين، والتمييز، فإنّهما بالتأكيد لا يقصدان أنهما يريدان المستوطنين اليهود مواطنين في دولة فلسطين، عليهم كل الحقوق ولهم الواجبات التي للفلسطينيين، وبغض النظر أن هذا غير عادل، ولا يمكن قبوله فلسطينياً، فمن المستحيل قبوله إسرائيليا، لأن أقل معانيه هو أن يلتزم المستوطنون مثلا بقرارات المحاكم الفلسطينية بشأن الأراضي والبيوت التي استولوا عليها، وتنتهي علاقتهم القانونية بإسرائيل.
عمليا هناك جدل وسياسات إسرائيلية على الأرض تحاول تفريغ الأراضي المحتلة عام 1948 من أهلها الفلسطينيين، لصالح المستوطنين، مع محاولة الاحتفاظ بأجزاء من الضفة الغربية على الأقل للمستوطنين، إن لم يكن طرد الفلسطنيين من هناك أيضاً. في المقابل فإنّ الفلسطينيين، تبنوا حل الدولتين طويلا، على أساس حدود العام 1967، وعمليا، وبالممارسة العملية، تخلت القيادة الفلسطينية عن زعم تمثيل الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة العام 1948، باعتبار هذه قضية إسرائيلية داخلية، وواحدة من استحقاقات حل الدولتين، ولطمأنة الجانب الآخر.
فعليا، وليس نظريا فقط، فإنّ التسوية التاريخية للمسألة الفلسطينية، لا يمكن أن تتجاوز أو تغض النظر عن حل مشكلة جزء مهم من الفلسطينيين، هم الفلسطينيون في أراضي 1948، واللاجئون من هناك، وأي تسوية تاريخية يجب أن تتضمن كل شيء.
عمليا، يطالب الفلسطينيون، أو يجدر أن تكون مطالبهم، إذا ما وافقوا على حل الدولتين، وإذا ما جدد مجلس وطني فلسطيني جديد يمثل الشعب الفلسطيني، الموافقة على حل الدولتين، هو أولا، حق المواطنة الكامل للفلسطينيين في أراضي عام 1948، دون تمييز، أو عنصرية، ويكون هذا أساس أي حل وسط، والحد الأدنى لأي تنازل فلسطيني، وأن يجري النص على ذلك في أي اتفاقيات، وبهذا يكون هناك حق للفلسطينيين بالمواطنة المتساوية، (كما في أي دولة) تحترم مواطنيها وتساوي بينهم (طبعاّ هذا يتناقض مع جوهر الفكرة الصهيونية). ولكن أي تسوية تطلب ذلك.
ثانياً، حق الفلسطينيين في دولتهم، وإنهاء المستوطنات المقامة بطريقة غير شرعية، وغير قانونية، ولا يعترف بها أحد بموجب القوانين الدولية، وأي ادعاءات لأفراد يهود بحقوق ملكية أو مواطنة، سابقة للعام 1948، أو حتى لاحقة، يمكن أن تحل ضمن المحاكم الفلسطينية، أو آليات تحكيم متفق عليها.
هناك ثلاثة مكونات أساسية للشعب الفلسطيني، لا يمكن أبداً التنازل عن واحد منها، أو عدم ادراجها، في التسوية، الطرف الأول، هو الفلسطينيون الباقون في الأراضي المحتلة عام 1948، سواء من بقوا في أراضيهم وقراهم الأصيلة، أو لجؤوا لمكان آخر داخل هذه الأرض، ولا يزالون ممنوعين من العودة لأماكنهم الأصلية. ثم الباقون في الأراضي المحتلة عام 1967، ومن نزح أو لجأ منهم بفعل الحرب، ومنعه الاحتلال من العودة، ثم، ثالثا، اللاجئون في العالم. وهؤلاء جميعهم، حتى لو اعتمد حل الدولتين، فالأساس هو حصولهم على حقوق المواطنة الكاملة، في الدولة التي يكونون فيها، وحقهم بهويتهم الوطنية والقومية والدينية.
هذا يمكن أن يكون ركنا لبرنامج فلسطيني مضاد للأطروحات العنصرية الإسرائيلية، ولكن تبنيه يحتاج لتمهيد، يبدأ بوحدة الفلسطينيين، وتعبئة الشارع والشباب، لتبني مثل هذه المطالب، التي هي بحد ذاتها تنازل تاريخي، عن دولة فلسطينية في كل فلسطين.
عن الغد الاردنية