تأثير إيران يزداد عمقا في لبنان. ومع انتخاب ميشال عون رئيساً للبنان يكون قد انضم الى قائمة الزعماء الذين يؤيدون «حزب الله» وايران. وهكذا تحول رئيس الحكومة السني، سعد الحريري، الى شخص وحيد في المعركة ضد تأثير ايران و»حزب الله».
خاب أمل كثير من اللبنانيين من الخطاب الذي ألقاه عون أمام الشعب اللبناني بعد انتخابه. فبدل الحديث عن الامور المتقدة، اختار عون التركيز على تحرير لبنان من «الاحتلال الاسرائيلي» من اجل ارضاء أسياده في طهران. ولم يكن عون يستطيع الوصول الى الرئاسة دون تأييد ايران. وكان من الافضل أن يركز عون على موضوع الكهرباء التي تتوفر بضع ساعات في اليوم في اجزاء كبيرة من الدولة، أو آلاف اللبنانيين الموجودين في السجون السورية أو ضائقة الآلاف من جيش لحد الذين ما زالت ملفات التحقيق ضدهم لم تغلق حتى الآن. وبدل كل ذلك اختار عون مهاجمة اسرائيل. خطاب ديماغوجي لزعيم عربي يريد تأجيج الشعب عن طريق الكلمات الفارغة من المضمون. عن أي احتلال يتحدث عون؟ لقد انسحبت اسرائيل من لبنان في أيار 2005 الى الحدود الدولية على الخط الازرق الذي تعترف به الدولتان.
وحول المستقبل المتوقع، ومن اجل تحليل الخطوات التي سيتخذها عون، علينا معرفة من هو بالفعل. لقد كان عون يرمز في حينه الى معارضة سورية، وكان في العام 1988 رئيس الحكومة الانتقالية وبقي في المنصب الى أن اضطر الى الذهاب الى المنفى في فرنسا في العام 1990 في أعقاب هزيمته في حرب التحرير ضد السوريين. وقد أعلن عن هذه الحرب في 14 آذار 1989، لكن جيشه الصغير هُزم فاضطر عون الى ترك قصره في ليلة 13 تشرين الاول 1990 نحو السفارة الفرنسية في بيروت، وهناك طلب اللجوء السياسي. تسببت هذه الخطوة بانتقاد شديد من اللبنانيين الذين سموه «جنرال البيجامة».
حتى اليوم ما زال كثير من اللبنانيين يعتبرون أنه صالح للرئاسة، نظرا لأنه ترك زوجته وبناته في القصر وترك مئات الجنود وحدهم أمام القوة السورية التي سيطرت على القصر. حوالي مئة جندي تم إعدامهم على أيدي السوريين وتم أسر العشرات. وقد كان من الافضل لو أن عون ذكر في خطابه اولئك الجنود المساكين الذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن.
دون المساعدة الإيرانية كان عون سيستمر في الحلم بمنصب الرئيس، مثلما فعل في الثمانينيات. عشرات السياسيين اللبنانيين السابقين يعيشون الآن كمجهولين ولا يسمع عنهم أحد، لكن عون أيد في العام 2005 «حزب الله» وراهن على الحصان الصحيح.
كان في الثمانينيات يعارض تواجد سورية وايران في لبنان، لكن عون غيّر جلده واختار تأييد سورية وايران. والبرهان على ذلك هو تأييده لقرار الامم المتحدة رقم 1559 من العام 2004 الذي طالب بتفكيك سلاح «حزب الله». ولم يتحدث عن ذلك في خطابه وتجاهل سلاح «حزب الله». وهذه المسألة ما زالت متقدة في لبنان وهي تقلق الكثير من الطوائف. ولم يبق لنا سوى التساؤل اذا كان عون سيغيّر جلده من جديد ويطلب نزع سلاح «حزب الله».