اليســار الإسرائيـلـي يُغـنّـي نصــاً يميـنـيـاً !

Israeli-Prime-Minister-Benjamin-Netanyahu-and-Liberman
حجم الخط

«سيكون جيدا»، هذا هو النشيد الوطني لليسار الاسرائيلي. منذ 40 سنة تقريبا، منذ العام 1978 واليسار يردد هذه الاغنية في وقفاته واحتجاجاته، وايضا في ميدان رابين قبل اكثر من اسبوعين، غناه دافيد بروزا مع الغيتار، والجمهور الذي حفظ الكلمات عن ظهر قلب، التي كتبها يونتان غيفن، غنى معه. تعبر الأغنية عن الامل الأبدي، الذي يتجاوز الزمن، لليساري الاسرائيلي حول السلام وايمانه أن السلام سيأتي أخيرا. كيف سيأتي السلام؟ ما الذي يمكن فعله من اجل ضمان أن يكون الوضع جيدا؟ لا شيء.
«سيكون جيداً»، مثل اليسار الاسرائيلي، تزييف كبير. اليساري الاسرائيلي الذي يغني «سيكون جيدا» هو ضحية تترحم على نفسها. هناك اعتقاد بأن هذه اغنية احتجاج. ولكن ليس هناك احتجاج في الاغنية، فقط شخص ينظر من نافذته. يطل على الواقع. هذه هي العلاقة التي يقيمها مع الواقع الذي يتمنى تغييره. إنه يراقب الواقع من الجانب ويعبر عن أمنياته. ولا يخطر بباله فعل شيء سوى الشكوى. هذا هو موقعه بالنسبة للعالم. إنه نشيد مشتكين. اغنية تسليم بالواقع السيئ. اليساري الحزين يجد المؤازرة في احضان حبيبته، إنه لا يخرج الى الشوارع ولا يحرق الاطارات ولا يفرض حقائق على الارض ولا يُحدث ثورة. اغنية الاحتجاج من المفروض أن تعلن أنه لا يمكن السكوت على ضوء الوضع السيئ. ولكن اليساري هو ايضا سيئ. وكأنه سيصبح جيدا بنفسه.
في البيت الأكثر أهمية نسمع «ها قد جاء رئيس مصر»، «هذه بداية البيت»، «كم سررت من ذلك، الاهرامات في العيون والسلام في افضل صوره». اليساري السيئ هو شخص ساذج. «كم سررت من ذلك»، كما يعترف، فرح بذلك كطفل. والاهرام في العيون مثل حبة الحلوى. الرئيس المصري مثل الهندي في قصص المغامرات، ومقارنة العرب بالهنود واضحة هنا تماما.
هذه اللحظة الحاسمة في الاغنية. نحن اليساريون قلنا للرئيس المصري تعال نصنع السلام ونعش مثل الأخوة. أي اننا مددنا أيدينا للسلام، نحن جيدون. أما هو، فبدل أن يوافق وضع الشروط والمطالب: «اخرجوا فقط من المناطق»، أي مناطق تتحدث عنها الاغنية؟ سيناء. اليساري مثل رافضي السلام من نوع اسحق شامير وغيئولا كوهين في حينه، يعارض اخلاء سيناء. وهذا غريب. إنه محبط. الرئيس المصري سبّب الحزن وخيّب الآمال لأنه طلب من الاسرائيليين الانسحاب من «المناطق». والرد الفوري لليساري هو الاحتجاج والقول «سيكون جيدا». سيكون جيدا في يوم من الايام، في آخر الايام، حينما يصبح الهنود جيدين مثلنا، حينما يتوقفون عن سرقة أراضينا.
عندما يغني اليساريون «سيكون جيدا» في العام 2016، فـ «المناطق» هي «مناطق» أبدية، عامة. يبدو أن جميع الاسرائيليين الذين يرددون «سيكون جيدا» لم يعطوا رأيهم أبداً بأن الحديث هو عن نص يميني واضح يعارض انسحاب اسرائيل من «المناطق»، أي مناطق، بغض النظر عنها كشرط للسلام. هذا قيل في الاغنية واليساريون يغنون مثل قطيع غبي لا يفهم ما يقول.