أجلس مع أوري في ذلك المقهى. أكثر من مرة تحدثنا، وأصبحت أعرف مواقفه. إنه رجل أعمال ناجح في أغلبية سنواته.
إنه شخص مفكر وغير انفعالي. هو من الوسط الحقيقي، ويمتدح كثيرا يائير لبيد ويؤيد الحل السياسي، لكنه قلق ايضا من المخاوف الأمنية، وخصوصا في موضوع إيران. بالنسبة لمواقفه المدنية لا يوجد له شيء مشترك بينه وبين بنيامين نتنياهو.
قبل بضعة أشهر لاحظت أنه يؤيد ترامب بشكل متزايد. امتدحه بعد كل مواجهة، وعندما حاولت الحديث عن اندفاع ترامب وعنصريته وتحريضه وأكاذيبه غير الخجولة تحدث عن أخطاء هيلاري كلينتون، وأضاف: «الأمر الأهم هو أن ترامب جيد لإسرائيل».
عندما اعتقدت أن هيلاري كلينتون ستفوز ايضا لم أقلل من أهمية الموقف الذي مثله اوري: الاستعداد لتأييد رد فعل الجمهور المليء بالمواقف المسبقة من أجل أمل غامض.
لو التقيت مع مؤيد لترامب من اليمين، ديني قومي، يؤمن بـ «الانبعاث» لما استمعت.
شخص كهذا يؤمن بأن التاريخ توجهه رعاية عليا، وهي التي ارسلت لنا ترامب لتحقيق برامجها.
في المقابل، وجدت صعوبة في قبول حقيقة أنه في العالم العلماني لاوري لا يوجد صراع قيمي بين «جيد» و»سيئ»، وهو يسلم بامكانية فرض ترامب الافنجليين على العالم.
قناعة أوري، التي تعتبر أن ترامب جيد لاسرائيل، توجد لدى كثير من الجمهور الاسرائيلي.
ولكن عندما أحاول تخيل ما الذي سيفعله ترامب في الساحة السياسية، يمكنني تخيل صورة واضحة.
لنترك الجدل حول أنه سيعين شخصا مثل نيوت غينغريتش وزيرا للخارجية وطاقما من اليهود اليمينيين، يكون مسؤولا عن شؤون اسرائيل والعالم العربي.
أي اسرائيل سيفيد هذا؟ من المشكوك فيه أن هذا سيفيد فقط اليمين.
رغم اقوال ترامب الاخيرة حول ضرورة انهاء الصراع، فان انتخابه قد يؤدي الى تطرف معسكر اليمين، خصوصا المؤمن. فسيؤمنون بأن الظروف اصبحت مناسبة لضم الضفة الغربية واستنفاد عملية الانبعاث حول الحرم.
لقد منع نتنياهو خطوات مشابهة في السابق عندما قال إن خطوات كهذه ستنشئ فجوة بيننا وبين البيت الابيض. والآن يبدو أن نتنياهو سيحصل على حرية أكبر من أجل تحقيق قناعاته.
يتجاهل الكثير من أبناء الشعب الخطوات أحادية الجانب، ويعلقون كل شيء على الانقسام في العالم العربي والاسلامي، ويعتمدون ايضا على قوتنا العسكرية، لكن خطوات كهذه سيتم مواجهتها بمقاومة عربية حاسمة ومواجهة عنيفة مع الفلسطينيين والعداء من روسيا والصين والهند وغرب اوروبا، الذين يعرفون ما هي مصالحهم – هذا قبل الحديث عن ايران وتركيا.
وسيؤثرون على موقف ادارة ترامب الذي يسعى الى بناء جبهة مشتركة مع قوى عظمى اخرى، وهو لن يسمح لاسرائيل بالدخول في المخاطرة غير المحسوبة التي تنوي الدخول اليها.
كل هذه الادعاءات لم تحد من لهفة اوري، إنه يريد أن تحيطنا الولايات المتحدة بالحب، وأن تتوقف عن انتقاد الاحتلال، وأن تدافع عنا في وجه كل عدو.
وسيدرك اوري أن تأييد ترامب لاسرائيل سيتم تفسيره هنا كتصريح لالحاق الضرر بحقوق الفرد والجهاز القضائي ووسائل الاعلام على أنواعها.