بالتفاصيل: ضابط إسرائيلي همّ بأسر مسلح فلسطيني في غزة فقنصته المقاومة

33
حجم الخط

 يتواصل الكشف عن إخفاقات العدوان الأخير على غزة وعن بسالة المقاومة الفلسطينية بمواجهته ونجاحها في قتل 67 جنديا وإصابة نحو 700 آخرين رغم عدم توازن القوى.


وركز تقرير موسع نشره موقع « وإلا» على العملية البرية التي نفذها لواء غفعاتي، بقيادة المقدم ايلي جينو، مهمة كشف وتدمير النفق الهجومي في جنوب قطاع غزة، في منطقة المزارع التي تقوم فيها دفيئات زراعية وحقول مفتوحة على المشارف البعيدة لرفح.


وقامت إحدى كتائب غفعاتي بتمشيط المنطقة لكنها لم تعثر على النفق، وقدرت القيادة الجنوبية بأن قصف سلاح الجو للمنطقة دمر النفق ومنع امكانية كشفه. وفي وقت لاحق تم استدعيت قوة جفعاتي لمهمة أخرى في شمال تلك المنطقة، وتحديدا في منطقة خربة خزاعة، لكن عدم النجاح بالمهمة ازعج الضباط. ورغم مرور الوقت واصلت المعلومات الاستخبارية في تحذير القيادة الجنوبية من وجود نفق هجومي في منطقة الحلقة مقابل رفح، وتواجد مسلحين بداخله.


في أعقاب ذلك قررت قيادة الجنوب العودة إلى المنطقة وتم تكليف المهمة مرة أخرى لكتيبة الدورية في غفعاتي ووجه العقيد جينو جنوده لزيادة اليقظة والتأهب وتحاشي اللامبالاة. وأكد انه يجب تجاهل عمليات التطهير التي جرت في المباني القائمة هناك قبل اسبوع، لأنه يمكن لحماس ان تكون قد غيرت استعداداتها.


وحسب التقرير الإخباري بدأت الدورية في ساعات الليل بمناورة برية للكشف عن النفق وتقدمت القوات في المنطقة، وكانت خطة العقيد جينو تشمل عزل المنطقة بواسطة كتيبة دبابات، وكتيبة مدفعية وكتيبة هندسية. وينقل « والا « عن أحد الجنود قوله « قالوا لنا إن سلاح الجو قصف المنطقة لأن الاستخبارات أبلغت عن وجود انفاق ولذلك عدنا إلى هناك». وتابع جندي آخر « سرنا حوإلى كيلومتر ونصف الكيلومتر، ونحن نحمل أوزانا ثقيلة في منطقة زراعية، كنا في قمة التعب والإرهاق. وتوقفنا عدة مرات. كان هناك إطلاق للنيران وواصلنا حتى البيوت وقام الجميع بتطهيرها وتركزنا بداخلها. وبدأنا بدراسة المهمة».

ضوء أحمر

في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة الأول من آب/ أغسطس أكملت الوحدة السيطرة على المنطقة، وإلى الغرب كان هناك طريقا تفصل بين المناطق الحضرية والريفية في رفح المكتظة. وفي الساعة السادسة صباحاً بدأت عملية احتلال المنازل، واشتعل ضوء أحمر عندما اكتشف الجنود مباني مفخخة كان تم تمشيطها في المرة الماضية. وفي الساعة السابعة استعدت الكتيبة لعملية الدفاع وتم تغطية الشابيك ونشر القناصة والرشاشات ونقاط المراقبة في مناطق مسيطرة.

 في الساعة الثامنة أبلغت إسرائيل الجنود والضباط بالهدنة، بعدها بعشر دقائق شوهد شخص يركب دراجة نارية في شارع رئيسي على بعد 250 متر إلى الشمال من القوة المرابطة في المكان. وقام راكب الدراجة بإجراء جولة في المكان وحاولت القوة وقفه لكنه اختفى وقد اثار ذلك اشتباه قادة الكتيبة فقرر قائدها رفع حالة الاستنفار، وأبلغ الجنود بأن عليهم البقاء على درجة عالية من اليقظة، ولم يستبعد أحد ان تكون حماس تعد لعملية ضد القوة.

 
ويقول المحلل العسكري لموقع «والا» أفي بوحبوط إن الضابط المسؤول قرر تمشيط المنطقة. في هذه الاثناء ذهب عدد من الجنود للنوم، فيما واصل بقية الجنود الحفاظ على حالة دفاع عن المكان. وأمر الضابط شرئيل بتوزيع القوة إلى ثلاث فرق لتمشيط المنطقة. وبقي شرئيل وليئال غدعوني وهدار غولدن في المكان لمراقبة إحدى الفرق في منطقة كان فيها مبان مهجورة وجدران وأراض زراعية. وخلال فترة وجيزة لوحظت حركة شخص يثير الاشتباه في برج يقوم في الجهة الجنوبية للمكان. 

ولوحظ انه بدون سلاح، وتبين فيما بعد أنه برج مراقبة لحماس.


ويزعم «والا» انه بعد المعركة ساد التقدير بأن حماس قامت بعملية استفزاز لخلق وضع يتيح اختطاف جندي حتى لو كان الثمن تفجير التهدئة. لكن الموقع يكشف للمرة الأولى أن إسرائيل هي التي شرعت بخرق الهدنة بخلاف مزاعمها حتى الآن حيث يقول إن شرئيل أبلغ عبر جهاز الاتصال بأنه سيخرج لأسر رجل حماس. وقال «انتظروني هنا ووفروا لي التغطية». وأخذ معه القوة العسكرية التي يقودها وقسمها إلى فرقتين، واقترب شرئيل من المبنى الذي كان فيه المراقب من حماس، وكان معه غولدين وغدعوني.

المقاومة تباغت

ولم يستصعب بقية الجنود رؤية ما يحدث وينقل «والا» شهادات بعض الجنود قولهم إنه بصورة مفاجئة أطلقت نيران كثيفة على الجنود الثلاثة وبعدها سمع صوت انفجار، وسقط الجنود الثلاثة على الأرض. ويستدل من التحقيقات اللاحقة أن مسلحا بالزي العسكري فتح عليهم النار من مسافة 20 متراً من داخل المبنى، كما تبين ان خلية كانت داخل النفق خرجت وقامت بجر غولدن إلى داخل النفق.

 
وعند الساعة 9:06 سمعت القوة صوت إطلاق النار، وابلغ الضابط في جهاز الاتصال أنه في الطريق لمعالجة أمر المراقب. وقال أحد الجنود: «كنا 14 جندياً، أوقفنا بنياه شرئيل على مسافة 300 متر من المكان، وأمر قوة من 5 جنود بالتفرق، بعدها لم نسمع أصوات الجنود في جهاز الاتصال، وحينها فهمنا أن امرا سيئا قد حصل.


ويمضي «والا» سرد ما جرى «بالقرب من المكان عثر على جثتي شرئيل وغدعوني وجثة مخرب، بالقرب من فتحة النفق، وقام الجنود بجر جثني شرئيل وغدعوني إلى داخل المبنى الذي اتضح انه كان مفخخا. وامر الضابط فوند الجنود باحتلال البيوت المحيطة لعزل المنطقة. حينها صرخ أحد الجنود أن غولدن هدار غير موجود. ففهمت أنهم جروه لداخل النفق. حينها قرر الضابط فوند إعلان تفعيل نظام هانيبال الإجرامي والقاضي بحرق الأخضر واليابس في المنطقة لمنع أسر جندي حتى ولو على حساب قتله مع آريه. وأمر فوند بإلقاء قنبلة داخل النفق خوفا من خروج مسلحين منه، وطلب الإذن بدخوله، فقال له جينو: انا في الطريق إليك، افعل ما تراه مناسباً. 


ودخل فوند إلى النفق ومعه مسدس وبدون لباس واق، وعاد ومعه أدلة تثبت مقتل غولدن هدار، بعدها عاد بوند مع عدد من الجنود وعثروا على كميات كبيرة من الأسلحة في النفق. وكان قائد المنطقة الجنوبية الجنرال سامي ترجمان يصغي طوال الوقت لما يحدث، وكان يعرف عن هجمات المروحيات الحربية والدبابات في محاولة لإحباط تهريب جثة غولدن.


وفي وقت لاحق وصلت معلومات استخبارية تفيد بأن حماس فقدت الاتصال مع الخلية التي اختطفت الجندي، التي دفنت كما يبدو تحت الأنقاض. ويزعم الجيش أن الهجوم قتل أكثر من 40 فلسطينيا، ربعهم من المسلحين لكن عدد الضحايا المدنيين ضعف ما ذكر.

موتهم كان عبثاً

على هذه الخلفية وجهت المعلقة ايريس لعال انتقادات لسياسات إسرائيل العدوانية وقال في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» انه ستشارك في مراسم احياء ذكرى شهداء معارك إسرائيل، لأول مرة هذه السنة 67 عائلة تعيش الحزن المطلق منذ عدة أشهر. وأشارت إلى ان جيش الاحتلال سيرسل إلى هؤلاء الذين دفن اولادهم في المقابر المدنية شماسا يعوض في انشودة «الله الرحوم» غياب الجيش والدولة والمؤسسات الدينية.
وفي محاولة لتذكير الإسرائيليين بما تقدمه إسرائيل لهم في حروبها قالت إن المقابر العسكرية تعج بالجنود الذين سيقفون صامتين كانوا هم ايضا، مثل كثير من القتلى، شبانا وابرياء ابدوا استعدادهم للتضحية بأنفسهم من اجل الدولة.