أثارت آراء الكاتب السعودى جمال خاشقجى، المقرب من دوائر صناعة القرار فى المملكة العربية السعودية، الجدل فى الفترة الأخيرة، فيما يتعلق بالعلاقات بين مصر والمملكة، وما إذا كان هناك تقارب إخوانى سعودى من عدمه، إضافة إلى ما يتعلق بتوجهات النظام السعودى نحو عدد من القضايا الملتهبة فى الوطن العربى مثل سوريا واليمن وليبيا، وحقيقة التقارب السعودى ــ التركى ــ القطرى.. «الشروق» حاورت الكاتب الذى كان يشغل منذ عام 2004 موقع المستشار الإعلامى للسفير السعودى فى واشنطن تركى الفيصل.
• أثير أخيرا أن هناك خلافات فى وجهات النظر بين القاهرة والرياض فما حقيقة ذلك؟
ـ الطبيعى أن تكون هناك اختلافات فى وجهات النظر، ولا أحد يطالب مصر بأن تكون سياستها متطابقة 100% مع السياسة السعودية، ولكن بين المتحالفين لابد أن يكون هناك حد أدنى للتوافق، وهذا ما ظهر على سبيل المثال فى مسألة اليمن، حيث كانت هناك اختلافات واضحة فى وجهات النظر فى الموقف المصرى الرسمى، ولكن بعد الاتصالات بين الجانبين جرى تغيير الموقف المصرى، والأمر نفسه يحدث فى الملف السورى إلا أن هذا الخلاف بين المملكة ومصر فيما يتعلق بسوريا لم يمتحن بعد، ولو كان هناك خلاف فى هذا الملف فلا بأس، شريطة ألا يعرقل الدور السعودى.
• أثرت أن هناك (عاصفة حزم) سعودية ــ تركية محتملة على سوريا فما حقيقة وتفاصيل ذلك؟
ــ المؤكد أن هناك نية سعودية صادقة فى إنهاء المأساة التى يعانيها السوريون، ولكن متى وكيف؟ هذا متروك للمتخصصين من جيش ومخابرات وخبراء، وأؤكد أن المملكة تؤمن أنه لا حل سياسيا فى سوريا، وأنه لابد من القضاء على النظام السورى، إما بالقانون الدولى أو بالقوة، كما أن السعودية لا تؤمن بإعادة تأهيل هذا النظام؛ لأن سوريا لم يعد فيها نظام، وإنما تفككت وأصبح هناك ميليشيات متقاتلة، إحداها ميليشيات تسمى النظام ولكن الفرق أنها تملك طائرات وبعض العلاقات الخارجية.
أما فيما يتعلق بشكل عاصفة السعودية على سوريا، فمن الممكن أن يكون تزويد المعارضة هناك بأسلحة نوعية، أو فرض منطقة حظر جوى، فعلى سبيل المثال مجرد بدء التعاون السعودى ــ التركى ــ القطرى فيما يتعلق بسوريا بدأ يحدث تغيير كان مرجوا على أرض الواقع، وتحسن أداء الثوار هناك، وهو ما ظهر واضحا بعد تشكيل غرفتى العمليات السعودية ــ التركية ــ القطرية، حيث شاهدنا تقدما ملحوظا فى درعا وحلب، وقبلها إدلب.
• ولكن مصر لها وجهة نظر أخرى فيما يتعلق بالمسألة السورية فهل سيؤثر ذلك على تحركات المملكة؟
ــ الأمر فى سوريا واضح، فلا يوجد نفوذ مصرى فى سوريا، وإنما المصلحة الأهم هناك للسعودية، فكما أن اليمن تمثل عمقا للسعودية من ناحية الجنوب سوريا تمثل عمقا للمملكة أيضا، فهمنا ألا يكون هناك تواجد إيرانى، وتركيا تشاركنا الرأى فى هذا الأمر، ولكن توقعى أنه لن يكون هناك تحرك فعلى فى سوريا قبل الانتهاء من الأزمة فى اليمن، وبالنسبة لتركيا بعد الانتهاء من الاستحقاقات الانتخابية القادمة هناك.
• يروج بعض مسئولى جماعة الإخوان المقيمين خارج مصر أن هناك تقاربا ما بين السعودية والجماعة وأذرعها فى الدول العربية فما صحة ذلك؟
ــ هناك شقان للإجابة على هذه الجزئية أولها أن السياسة السعودية بطبيعتها سياسة جامعة لا مفرقة، وأكثر ما يعبر عنها موقف المملكة فى عام 1989 عندما جمعت جميع الفرقاء اللبنانيين فى الطائف، بمن فيهم اللبنانيون الذين يحبون المملكة، ومن يعادونها، والملك سلمان يؤمن بهذه السياسة.
الأمر الثانى، أن المشرق العربى فى حالة انهيار وحولنا دول تتفكك، وهو ما ترى معه المملكة أنه لابد من نبذ الخلافات لوقف حالة الانهيار، وترى أن من يؤمن بالشراكة، وينبذ الإقصاء ويساعد على وقف الانهيار سيكون مرحبا به.
وبشكل أوضح، لا أجد تقاربا إخوانيا سعوديا، ولكن لا يوجد رفض سعودى الآن للإخوان، بمعنى أنه إذا كان التعاون مع إخوان اليمن مفيدا فأهلا وسهلا بهم، وهم الآن يشاركون فى عاصفة الحزم، ويتواجدون فى الرياض، ويبذلون كل ما فى وسعهم لإنجاح التحرك السعودى ويشكرون موقف المملكة.
ومثال آخر لو اهتمت السعودية بليبيا ستهتم بجمع جميع الفصائل والقوى المؤمنة بالتشارك فالقضية ليست إخوانا بقدر ما هو من يدعم التشارك وينبذ الإقصاء.
• فى المقابل هل من الممكن أن تتوسط السعودية بين الإخوان والنظام المصري؟
ــ لا توجد أزمة حاليا فى مصر من وجهة نظرنا، وبالتالى لا توجد حاجة لأى تدخل سعودى، فالسعودية غير معنية بالداخل المصرى.
• نعود إلى المشهد الليبى المتأزم، كنت قد قلت إن المملكة تتبنى فى الوقت الراهن مبدأ جديدا من منطلق دورها كلاعب إقليمى قوى فى المنطقة؟
ــ أدعو المملكة وأتمنى أن يكون لها دور فى حل الأزمة الليبية، فهناك أخوة ليبيون يتصلون لمطالبة السعودية باستخدام نفوذها ومكانتها فى المنطقة لجمع كل الليبيين؛ لحل الأزمة والاحتكام للأعراف والقوانين والقيم العربية والقبلية، وأعتقد أن المملكة سيكون لها دور فى ليبيا خلال الفترة القادمة وسيكون هذا الدور قائم على الشراكة.
• ولكن هل من الممكن أن تشارك المملكة فى عمل عسكرى فى ليبيا؟
ــ لا أتوقع أن تشارك السعودية فى عمل عسكرى ضد أى طرف من الأطراف فى ليبيا أو أن توافق على ذلك، ولكن المملكة ترى أن الحل هناك سياسى.
• هل من الممكن أن يحفز التعاون السعودى ــ التركى ــ القطرى الذى أشرت له السعودية لتحرك قريب فى ليبيا؟
ــ لا.. لأن التعاون الثلاثى الذى أشرت له هو فيما يخص سوريا فقط، أما إذا قررت المملكة لعب دور لحل الأزمة فى ليبيا فلا يمكن إغفال الدول ذات النفوذ هناك، وفى ومقدمتها مصر وتونس والجزائر.