قصة الغواصات: "الصفقة" التي مرت من تحت الرادار !

20162311084450
حجم الخط

تثير الصورة التي تتضح من قضية الغواصات تساؤلات خطيرة جداً حول سلسلة «الصدف» وتضارب المصالح التي تستدعي تحقيقا شرطيا. واليكم تسلسل الأمور بالترتيب الزمني:
تشكلت في سلاح البحرية في بداية العقد الماضي مديرية لمشروع يسمى «ساعر 5 جيل 2». وكان الهدف التخطيط للسفينة الحربية التالية لسلاح البحرية، لتعمل أيضا في وظائف حراسة، دورية وقتال، وتكون كبيرة، ثقيلة، ومتطورة أكثر من سفن الصواريخ الحالية.
كان في المديرية بين 20 الى 30 شخصاً. وعلى رأسها وقف ضابط برتبة عقيد، تحته غير قليل من المقدمين، الرواد، وغيرهم من الضباط. وكانت النية شراء السفن في شركة أميركية (فحصت امكانية لوكهايد مارتن ورث أون ضمن شركات اخرى). وانكب رجال المديرية على التخطيط، العروض، والخيارات المختلفة، سافروا عشرات المرات الى الولايات المتحدة، وبلوروا السفينة المستقبلية لسلاح البحرية. وكان الاستثمار المالي في هذه المديرية هائلا.
«فجأة»، يروي أحد الضباط، الذين شاركوا في العملية: «في محيط 2009 أو 2010 ببساطة أغلقوا المديرية بقرار مفاجئ، بين ليلة وضحاها، دون تحذير مسبق ودون تفسير، وضاع كل الاستثمار هباء». في وقت لاحق تبين أن احدا ما في مكان ما قرر هجر الخيار الأميركي. «نتوجه الى الالمان»، قالت محافل مخولة. أي ألمان؟ «تيسنكروف»، بالطبع. حوض السفن في كيل الذي يبيع لاسرائيل أيضا غواصات «دولفين».
جاء قرار اغلاق مديرية «ساعر 5 جيل 2» بعد وقت غير طويل من تغير الحكم في اسرائيل، حين عاد بنيامين نتنياهو الى مكتب رئيس الوزراء في القدس. وينبغي أن يضاف هنا بانه عند شراء السفن في الولايات المتحدة فإن الامر يتم بأموال المساعدات الأميركية. هذه الاموال شفافة، محددة، و»ملونة». امكانية اللعب فيها بالعلاوات، السمسرة، والارباح الخفية للوسطاء ومساعديهم أدنى بكثير من إمكانية عمل ذلك عند الحديث عن شراء أمني من دول اخرى مثل المانيا.
في الحالة الألمانية يدور الحديث عن مال اسرائيلي صرف، يأتي بالشيقل، يحول الى اليورو في مستوى شفافية أدنى بكثير. هذه مساحة يعشعش فيها الوكلاء، الوسطاء، ومحاموهم. قابل للوصول وسهل أكثر.
في الوقت ذاته الى هذا الحد او ذاك، يحصل شيء ما مفاجئ أيضا في حوض السفن نفسه. «رجال «تيسنكروف» يقررون إقالة الوسيط الاسرائيلي القديم، الذي كان رجال الارتباط مع اسرائيل على مدى السنين التي بيعت فيها الغواصات الخمس. الرجل، شايكا بركات، ابن 82 اليوم، ضابط سابق كبير في سلاح الجو، وأحد الاشخاص الاكثر تقديرا في جهاز الامن على أجياله. لم تكن عناك ابدا شكاوى ضد أدائة من أي من الاطراف، وصفقات الغواصات بين إسرائيل وألمانيا نفذت وتمت برضى الجميع.
لماذا استبدل فجأة شايكا بركات؟ من بادر الى ابعاده عن الجهاز ومن بادر الى جلب ميكي غانور من اللامكان؟ «كان منطقيا أن يؤتى بدلا من بركات بوكيل خبير مع سجل ووصولات لصفقات مشابهة»، قال لـ «معاريف» مصدر ضالع في القضية، «ولكنهم جلبوا غانور، الذي كان وكيل عقارات في شرق اوروبا، ولم يعمل في المجال في السنوات الاخيرة. لم أحد يفهم هذا».
اليوم يمكن البدء بالفهم. جلب غانور معه دافيد شمرون. حتى الاسبوع الماضي عمل شمرون مع غانور من تحت الرادار. وكما كشفنا هنا، الخميس الماضي، عمل المحامي شمرون مع غانور أيضا على الغواصة السادسة، التي اتخذ القرار بشرائها بخلاف موقف الجيش الاسرائيلي وموقف سلاح البحرية. وبخلاف ما فكرنا ونشرنا حتى الان  ليس ايهود باراك هو الذي بادر الى الغواصة السادسة، بل بنيامين نتنياهو. وقد اكتملت الان هذه الصفقة، ويفترض بهذه الغواصة أن تصل بعد أكثر من سنة.
ولكن كل هذا لم يكفِ. فقد كشفت «معاريف» منذ تشرين الاول قرار شراء ثلاث غواصات أخرى. وزير الدفاع السابق، موشيه بوغي يعلون، عارض، وبالتالي أزاحوه. الوزير الحالي، الذي صورته مع الوكيل ميخائيل غانور تزين المواقع المختلفة، لا يعارض. ومرت هذه الصفقة هي أيضا من تحت الرادار، تقريبا بلا نقاش جماهيري و «على رأس» الجيش الذي لم يكن مطلعا معظم الطريق.
وبين هذا وذاك تمكنت إسرائيل من شراء أربع سفن حراسة من الالمان في مشروع ورث مشروع «ساعر 5 جيل 2». اضافة الى ذلك طرح اقتراح لشراء سفينتين مضادتين للغواصات، عرقله الجيش الاسرائيلي وسلاح البحرية. كما بذل ميكي غانور والمحامي شمرون جهدا لخصخصة أحواض سفن سلاح البحرية وكذا المنظومة اللوجستية التي بنيت حول الغواصات، لصالح ذاك حوض السفن الالماني.
ونشر يوسي يهوشع في «يديعوت احرونوت»، أول من أمس، النبرة المهددة التي توجه بها المحامي شمرون لرجال الهستدروت الذين عارضوا الخصخصة. وكشف رفيف دروكر، أول من امس النقاب، عن أن المحامي شمرون، بخلاف نفيه، الاسبوع الماضي، بأنه كان على اتصالات مع محافل رسمية في الحكم الاسرائيلي عن الغواصات/السفن. وتوجه للمستشار القانوني في وزارة الدفاع، المحامي أحاز بن آري، واشتكى بان الدولة تجرأت على الخروج في عطاء دولي في كل ما يتعلق بسفن الحراسة. وعقب شمرون: «هذا كان مجرد سؤال».
كشفت «معاريف»، الخميس الماضي، النقاب عن ان العميد احتياط أفريئيل بار يوسيف مرتبط هو أيضا بقضية الغواصات ونبش في الموضوع على مدى السنين. بار يوسيف، الذي اعتقل، الاسبوع الماضي، للاشتباه بتلقي رشوة تتعلق بصفقة تسييل الغاز الطبيعي، هو صديق قريب من الوكيل ميكي غانور. وعلمت «معاريف» بان بار يوسيف نفسه زار حوض سفن «تيسنكروف» أكثر من مرة، بما في ذلك بصفته مسؤولا كبيرا في مجلس الامن القومي.
رد المحامي جاك حن، الذي يمثل بار يوسيف، أول من أمس، باسمه فقال: «زار بار يوسيف حوض السفن مرة واحدة في إطار منصبه في مجلس الامن القومي، في زيارة رسمية موثقة اثناء احتفال تدشين احدى الغواصات في العام 2011 أو 2012. زيارات أخرى الى حوض السفن جرت حين كان يخدم في سلاح البحرية، في إطار منصبه».
ونشرت صحيفة ألمانية، أول من أمس، بأن الوسيط الاسرائيلي، ميكي غانور، الذي مثله المحامي شمرون، سيجرف 125 مليون شيقل من صفقة الغواصات. ورد غانور، أول من أمس، لاول مرة ودحرج روايته حول تسلسل محاولة خصخصة أحواض السفن لصالح حوض السفن الالماني. وعلى حد قوله، فان من بادر الى الخطوة هو سلاح البحرية الاسرائيلي وليس هو أو المحامي شمرون.
وحسب وثائق وصور اليوميات التي نقلت لـ «معاريف» فان من بادر الى خطوة الخصخصة هو العميد يوسي اشكنازي، رئيس حوض سفن بحري، بعد أن عين في المنصب في نهاية 2015. وبعد أن التقى به نقل سلاح البحرية نموذج طلب لتلقي معلومات رسمية الى حوض السفن الالماني، بهدف الشروع في اتصالات لنقل كل عمل حوض السفن الى الالمان واغلاق أو التقليص الشديد لحجم العمل في حوض السفن الاسرائيلي. كل شيء حصل بمبادرة الاسرائيليين، يقول غانور لمقربيه، ويعرض معلومات مفصلة عن سلسلة طويلة من اللقاءات بينه، مع كبار «تيسنكروف»، في منشأة سلاح البحرية مع كبار رجالات السلاح.