متشوّق، قليلاً، لأعرف ماذا سيطلق معارضو المؤتمر الحركي السابع على حركتهم الانشقاقية الجديدة؟ يُقال: سيعقدون، مؤتمراً حركياً سابعاً، احتجاجاً على إقصائهم من المؤتمر الحركي السابع؟!
والحال هكذا، سيكون لدينا مؤتمران حركيان سابعان، فما هو اسم "فتح" المقترح للمؤتمر السابع الثاني للمعارضين؟ الذي سيلي المؤتمر السابع الأول "قريباً جداً" حسب ما كتب على صفحته نائب عن كتلة "فتح" البرلمانية في غزة، هو أشرف جمعة، الذي كتب "اقترب الوعد الحق"!
هل سيكون اسمها "فتح ـ الوعد الحق"، وهي جزء من آية قرآنية وردت تكراراً فيه، وبخاصة في "سورة الأنبياء 97".
بحثت عن استخدام هذه العبارة الدينية، فإذا بها حلقات وعظ للشيخ عمر عبد الكافي، واستخدمها نصاً "الجيش الحر" في سورية لوصف معركة لتحرير أطراف في الجولان غير المحتل من جيش النظام. أمّا "حزب الله" فقال إنها "وعد صادق" في حزيران العام 2006 لوصف اختطافه جنوداً إسرائيليين!
هل نحن أمام انشقاق فتحاوي سادس منذ العام 1974، وبرنامج النقاط العشر، وتشكيل صبري البنّا (أبو نضال) "فتح ـ المجلس الثوري"، ثم "فتح ـ الانتفاضة" بعد خروج بيروت 1982، و"فتح ـ الإسلام" في مخيم نهر البارد شمال لبنان 2006..؟
.. وقد أضيف قائمة "فتح ـ المستقبل" 2006 الملتفة حول محمد دحلان التي نافست القائمة الفتحاوية الرسمية حتى الساعة الأخيرة من موعد إغلاق تسجيل القوائم في الانتخابات!
قلتُ، تكراراً، إن "فتح" هي جبهة في مسمّى حركة، وزميل لي تساءل في مقالة له حول المؤتمر السابع: هل تبقى حركة أم تتحول حزباً، كما تحول اسم "جبهة التحرير الوطني الجزائري" بإضافة كلمة "حزب" أي ارتدت قميصاً صيفياً فوق معطفها الشتوي!
في غير فصيل "فتح"، أو "عمود الخيمة" الفلسطينية كما يُقال تفرّعت أغصان "جبهات" عن فصيل "الجبهة" وحملت أسماء أخرى، مثل "الشعبية" و"القيادة العامة" و"التحرير الفلسطينية".. وحتى "التحرير العربية".. لكن الانشقاقات، أو بالأحرى "التشققات" الفتحاوية عن "فتح" أصرّت على استخدام مفردة "فتح"، كما فعل "أبو نضال" تحت مسمّى "فتح ـ المجلس الثوري" وكذا العقيدان: أبو خالد، وأبو موسى في "فتح ـ الانتفاضة"، وشاكر العبسي في "فتح ـ الإسلام"؟
جميع هذه التشققات آلت إلى التلاشي، واندملت جروحها الدامية والسياسية في جسم فتح ـ الأم والحركة الفلسطينية.
مارست "فتح ـ المجلس الثوري" صراع الاغتيالات ضد كوادر وقيادات حركة "فتح"، أمّا "فتح ـ الانتفاضة" فقد كانت طرفاً في صراع عسكري مع فتح ـ الأم الشرعية، وبخاصة أن قادتها، مثل أبو خالد العملة، وأبو موسى ـ سعيد مراغة، كانا من قادة فتح العسكريين، وانضم إليهما عضوان في اللجنة المركزية لفتح، هما قدري، وأبو صالح.
كان أبو صالح، وهو عامل دهان قبل الثورة، محبوباً لدى اليساريين في "فتح"، وكان العقيدان وهما ضابطان سابقان في الجيش الأردني: أبو خالد، وابو موسى محترمين لدى المناضلين في الحركة.
تعرفون أن خلافات قيادة فتح مع هذا النظام العربي أو ذاك، كانت سبباً إضافياً في انشقاق أبو نضال، ثم أبو موسى وأبو خالد. لكن، الطريف أن بعض الخلافات بين "معسكر الصين" و"معسكر الاتحاد السوفياتي" سببت خلافات فكرية في الحركة، وبخاصة بعد التدخل ـ التورط السوفياتي في أفغانستان.
قيادة فتح ـ عرفات، كانت أقرب إلى موسكو، لكن "أبو صالح" كان معارضاً للتدخل في أفغانستان، وطلب من هيئة تحرير "فلسطين الثورة" أن تنشر مقالة له، ثم ذهب بها إلى جريدة "النهار" اللبنانية، التي رفضت نشرها لركاكتها، وسألت هيئة تحرير "فلسطين الثورة" أن تعيد تحريرها بلغة صحافية مقبولة. بالفعل، قام المحرّر الراحل إبراهيم برهوم بصياغتها لنشر لم يُنشر في "فلسطين الثورة".
قادة وزعماء الحركات الانشقاقية ـ التشققية صاروا في ذمة الله، وتشققاتهم صارت عبرة لمن يعتبر، وبقيت فتح ـ الأم، وتبددت رياح "الفتحاويات" الانشقاقية.
الأغلب، أن مؤتمراً سابعاً فتحاوياً دعا إليه معارضو مؤتمر فتح السابع، سيكون مساره ومآله
لا يختلف عن مسار ومآل الانشقاقات.. التشققات الفتحاوية السابقة، ولو التفّ حول عضو سابق في اللجنة المركزية وجمع من حوله أعضاء فتحاويين في المجلس التشريعي.
بعد أوسلو، عارض قياديون فتحاويون تاريخيون الاتفاق، ومن قبل وبعد غزو العراق للكويت عارض قياديون فتحاويون سياسة قيادة "فتح"، لكنهم لم ينشقوا عنها، ولم يشكلوا تنظيماً فتحاوياً معارضاً ينتحل اسم "فتح". أولئك هم قادة فتح ـ التاريخية، أو "أبَوَات فتح" الكبار.
في كل انشقاق ـ تشقق سبق عن جسم حركة "فتح" عرضت القيادة الشرعية على المنشقين عنها أن يشكلوا فصيلاً له مكانة ومقاعد في مؤسسات وهيئات منظمة التحرير، لكن شرط أن لا ينتحلوا اسم "فتح".
انشقاق فصائل "الجبهات" عن الجبهة الأصلية وبقاء الانشقاقات تحت سقف م.ت.ف شيء، وانشقاق فتحاويين عن فتح وانتحالهم اسمها شيء آخر، لأن فتح الأصلية تبقى مثل عمود السقف أو عمود الخيمة الفلسطينية.
إن مجرد انعقاد المؤتمر الحركي السادس ثم السابع في أرض البلاد يعتبر نجاحاً للحركة، وسيليه عقد جلسة للمجلس الوطني بعد شهر في أرض البلاد، وهذا يشكل نجاحاً لمنظمة التحرير، وبخاصة إن شاركت فيه حركتا "حماس" و"الجهاد" بشكل مباشر أو غير مباشر!
الانقطاع الطويل بين المؤتمر الحركي الخامس في المنفى، والمؤتمر السادس في أرض البلاد، حصل مع فجوة في معرفة الكوادر الفتحاوية لبعضها، لأن الفتحاويين العائدين لم يعرفوا جيداً الفتحاويين في البلاد، فاحتاروا كيف ينتخبون أعضاء المجلس الثوري، ولم يحتاروا في انتخاب أعضاء اللجنة المركزية.
مع المؤتمر السابع توفرت هذه المعرفة الضرورية لتشبيب قيادة الحركة، ونقلها من كاهل "الحرس القديم" إلى "الحرس الجديد"، شرط أن ينتخب أعضاء المؤتمر السابع ما يرون، لأنهم في المؤتمر السادس كانوا مجبرين على انتخاب كل أعضاء قائمة "الثوري" و"اللجنة المركزية".
شخصياً، كنتُ عضواً في المؤتمر الحركي الخامس والسادس، ولست عضواً في المؤتمر السابع، وهذا لا يعني أن لا أتمنى التوفيق والنجاح للمؤتمرين، لأنني منذ انتسابي للحركة، ومن قبل لمنظمة التحرير، كنت معارضاً للانشقاقات والتشققات الفتحاوية، وليس للخلافات والاجتهادات السياسية والشخصية في الحركة أو في فصائل المنظمة.
تم الانتقال من القيادة التاريخية لأبو عمار للحركة والمنظمة بشكل شرعي ودستوري الى أبو مازن، رغم الخلافات السياسية بين هذين القائدين التاريخيين.
كان الفتحاويون والفصائليون والمواطنون يتساءلون: ماذا بعد عرفات؟ الآن يتساءلون: ماذا بعد أبو مازن، لكن الحركة والمنظمة ستجيب على السؤال بطريقة شرعية ودستورية بعد انعقاد المؤتمر السابع.