دعوني أستعير مقولة للكاتبة السورية سميرة المسالمة التي تقول قولا يجدر بنا اخذه بعين الإتبار وان أشرنا لمثله في الكثير مما كتبناه (أن السياسة تعني المشاركة السياسية، وحرية الرأي والتعبير والتظاهر، وتالياً النقد، وفي أساسه النقد الذاتي، لأن أية حركات سياسية لا تواجه ذاتها ولا تنتقد تجربتها، هي حركات لا تستحق الحياة، إذ إنها تبدو غير واثقة من نفسها، ولا حتى من مسيرتها، فضلاً عن أن ذلك يعني أنها فقدت حيويتها، وقدرتها على التطور والتجديد
مرآة عاكسة أم فجر جديد؟
نختم هذه المداخلة بالقول مما كنا قد سطرناه في مقال آخر تحت عنوان: المؤتمر السابع لحركة "فتح" مرآة عاكسة أم فجر جديد؟ أنه وفي البعد التنظيمي الداخلي كما كانت حركة فتح وفيّة دوما لمسلسل النضالات (شهداء وجرحى وأسرى...) منذ البدء، ومنذ رسم ظاهر العمر الزيداني حدود فلسطين حديثا، ومنذ صرخ عز الدين القسام هذا "جهاد نصر أو استشهاد"، ستظل وفية لهما، ولقضيتنا وتاريخنا ومستقبلنا وللخالد ياسر عرفات الذي جعل حطّته (كوفيته) رمزا لفلسطين والثورة المستمرة من خلال "شبل أو زهرة سترفع علم فلسطين في القدس" عاصمة الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين.
إننا أدعى ما يكون تنظيميا لتكريس مفهوم "العضوية لا الموقع كأولوية"، واعتبار العضو المناضل من حيث هو عضو في التنظيم يعني الإيمان والالتزام والفعالية والعطاء والإثمار، ويعني المشاركة لكل من موقعه والدور والممارسة، ما هو مدعاة للفخر بانتمائه للأمة وفلسطين والحركة.
لا عضوية بلا إطار تنظيمي، ولا عضوية بلا مسؤولية واضحة، ولا عضو بلا مسؤول أبدا أو مرجعية نظامية، ولا عضو لا يعرف دوره أو عمله أو موضع مشاركته.
ولا عضو بلا اشتراك مالي شهري في هذا الجهد التنظيمي الطوعي من حيث أن التنظيم (التزام أخلاقي وعمل تطوعي).
إن غير ذلك لا يكون إلا حلم الانتهازيين والمستلقين الذي يريدون التنظيم جسرا نحو نجومية السلطة الخداعة، لا نحو آداب النضال ومقارعة المحتل، وقيم حضارتنا وثورتنا وحركتنا التي ترتبط بمرتكزين أساسيين هما: التضحية والإيمان المطلق بالنصر، ما هو دأبنا ومسيرتنا الجماهيرية المستمرة ولن تتوقف قافلتها بإذن الله إلا حين تظهر فلسطين الواحة المشرقة جليّة من البعيد
من يجب أن يقود حركة فتح؟
ماذا نريد أن نفعل بالمؤتمر السابع تنظيميا، هو ما أريد نقاشه، لذاسأترك الحديث عن البرنامج السياسي لحركة فتح للمؤتمر، لأنه البرنامج الهام الذي شاركت مع ثلة من الكوادر في صياغته،ولأنني مطمئن للقدرة الجمعية للأعضاء المؤتمرين بالحفاظ على الأهداف في ظل فهم ضرورة تنوع السُبُل.
سأقصر الحديث -كما كان في الحلقات التسعه السابقة-عن الوضع التنظيمي، وداخل المؤتمر، فنحن ذاهبون للمؤتمر وفق برنامج وسياسات، ووفق فكر نظامي ووفق إرادة تغيير: تسمح ولا تسمح، تعي ولا تغفل، تعقِل ولا ترخي
وهذه الإرادة التي ينبغي أن تكون صلبة، يجب أن تتجلّى في الواقع التنظيمي لما بعد المؤتمر السابع، فما يعنيني لو كسبت العالم وخسرت ذاتي (كتنظيم) كما يقول المسيح عليه السلام، لذا كان التركيز من نقطة البداية، ونقطة البداية هي نحن، لأننا (نحن=الكل الفلسطيني والعربي) مادة الثورة ومشعل النضال الذي فينا إما يشتعل أويخمد، وفينا إما يتأصل أو يتهاوى.
ولأننا أصحاب مشعل الحرية والكرامة والنضال لن نقبل بأبواق الانهزامية والسوداوية والسلبية واللطميات داخل المؤتمر.
وسنكون سعداء كما يريدنا الله سبحانه وتعالى كمستخلفين في الأرض، بأن نعلم قبلتنا بوضوح، فلا تتقلّب منا الوجوه، وقبلتنا الوطنية هي فلسطين، وما المركبات المختلفة (التنظيمات) إلا مراكب نستقلها لتحرير فلسطين، ولن نخرق مركبنا أبدا.
أننا ندخل المؤتمر بسعي طموح، وإرادة لا تلين، وسعادة لن تعطلها تخرصات الأقارب أوالأباعد، والفجر الذي يطل من عيون فلسطين وينادينا يفرض عليناأن ندقق في حَمَلة المشاعل (في اللجنة المركزية والمجلس الثوري، وفي سياق الاقليم بقيادة الاقليم) فلا نتوه بين الأشجار، ولن نرتكس أمام النباتات المتسلقة أبدا،لا تشدنا الحميّة أو العصبوية المناطقية، ولا ننساق وراء أصحاب الوعود اللاهبة أوالمصالح الآنية ما وجدوا.
إننا ندخل المؤتمر لبناء برنامج سياسي نضالي مقاوم فالرحلة طويلة، على كافة الاتجاهات، برنامج وحدوي شمولي لا يلغي الآخر ولا يهمل ولا يهمش ولا يُقصي، بل يرعى ويضم ويجمع التنوع في بوتقة الديمقراطية.
ذاهبون للمؤتمر لتأكيد حقنا التاريخي والقانوني والسياسي الذي لا يزول في هذه الأرض وهذا الوطن في فلسطين.
ذاهبون وأهدافنا السياسية واضحة لذا لن نسمح للطفيليات أوالطحالب والنباتات المستسلقه أن تخنق الاشجار الباسقة أبدا ...
سندقق في حَمَلَة المشاعل القادمين لموقع قيادتنا على قاعدة 1-القدرة: القدرة العقلية والجسدية والنفسية والقِيَميّة (الخلق القويم والقدوة) للعضو كي ننتخبه ليتبوأ الموقع المطلوب وعلى قاعدة: 2-توفر همة العمل وإرادة الفعل والبرنامج وخوض الصراع لا الانسحاق تحت ضربات الاحتلال ،أو تحت أقدام الفيلة من الداخل والخارج من أصحاب الذهنيات المستبدة أو المناهج الفوضوية،وعلى القاعدة الثالثة 3-قاعدة توفر الوقت بتخصيص جلّ وقتنا (ومالنا وأرواحنا) فداء للوطن، ولتحقيق هذه الأهداف فنحن حملة الأكفان، وأوائل من سنكون على لائحة الشهداء... هكذا وإلا فلا.
ان القواعد الثلاث الممثلة بالقدرة العقلية والنفسية والجسدية والاخلاقية، وبتوفر همة العمل وارادة الفعل ، وبتخصيص جلّ الوقت والمال والروح، هي مقتضيات النظر لمن يتقدم ليشغل المواقع المتقدمة... وإلا فلا .
لن نقبل من يشك أو يظن بالنصر،أومن نتوجس منهم أن يطأطِئوا الرؤوس أوينقادوا لاشارات الاحتلال أو أزلامه فيتحولون شيئا فشيئا الى خنجر في صدر الثورة والحركة.
لن نقبل أيضا بأولئك الذين يستغلون مصالحهم المالية،أوالرأسمال القذر لنهب البلد والسيطرة على الهرم الاقتصادي والهرم السياسي،وهم منزوعي الاخلاق والقيم والثقافة حين تُقدّم مصالحهم (أوتختلط)على المصالح الوطنية، فالرأسماليون الاستغلاليون داء الأحزاب وآفة التنظيمات السياسية،فإما يطيحون بها أويسخرونها لخدمتهم، لا لخدمة عموم الجماهير ... سواء وجدوا في المؤتمر،أو كان في مسيرتهم ما يدل على ذلك.
لن نقبل الجثث الهامده أو الخُشُب المسندة أو أرجل الكراسي الذين يقبلّون الأيادي والاقدام للمستبد (الديكتاتور) فينا، ويركعون عند أول اشارة تلوح لهم لتحقيق مكسب سلطوي يستغلونه سلبا لتحقيق مآربهم الخاصة، لا لخدمة الوطن بدماء متجددة وأفكار متجددة ومتطورة تنتهض به، وتشحن الهمم.
لذا نحن لن نسمح لمثل هؤلاء من الرأسماليين الاستغلاليين، أو الجثث الهامدة، أوالخناجر في جسد الثورة أن يتقدموا الصفوف بكل جهدنا، فنحن بمجموعنا نعي ونعقل ونسمح للأزهار أن تتنوع.