تتواصل تعارضات وصراعات داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” ، لابل تزداد بتسارع كلما اقترب موعد مؤتمر الحركة الذي طال انتظاره .
نقول طال انتظاره ليس فقط من ابناء فتح – الذين ماهتفوا لغيرها – بل من قبل عدد كبير من الفلسطينيين الذين يتوزعون على معسكرين واسعين :- أحدهما يؤيد فتح ” التي أطلقت الرصاصة الأولى ، ورمزها ابو عمار ” ، والثاني يرى أن السيل بلغ الزبى ، وآن الأوان لانهاء تحكم فتح بالقرار الفلسطيني ، ونرى لفلسطينيين عرب ملتزمين أن الحديث عما يدور في فتح يجب الا يفعل فعلا ميكانيكيا أو فعلا تعسفيا ، وغير منطقي عماجرى في فلسطين خلال فترة انفراد الرئيس محمود عباس بالسلطة ، والاصرار على ديكتاتورية الفرد في اتخاذ القرار السياسي والمالي والغاء القانون وتهميش القضاء وتحويل القضاة الى موظفين يتحكم بقراراتهم موظف في مكتب الرئيس محمود عباس .
يجب أن نبقي في الذهن أن هذا الوضع ترافق مع نهج رافض للمقاومة الشعبية للاحتلال ، ومتعاون مع أجهزة الأمن الاسرائيلية لضرب واعتقال ” كل من تسوِل له نفسه ” ، مقاومة الاحتلال لدرجة أن معتقلات العدو الاسرائيلي باتت تختنق بكثافة المعتقلين الذين بلغت نسبة الأطفال القصر منهم 15% ، وعلينا أن نبقي في الذهن أنه في ظل هذا العقد من حكم الفرد محمود عباس تمادت اسرائيل في كسر كافة الأعراف الدولية والاتفاقيات الأممية وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ، تنسف البيوت على رؤوس أهلها ، وطردت الأسر من منازلها ، وأقامت المستوطنات والبؤر الاستيطانية على أراضي الفلسطينيين .
وأكثر من هذا صادرت اسرائيل كافة أراضي ” الدولة ” ، أي ” الميري ” ، وهي اراض تركت تحت تصرف السلطان التركي منذ عهد الحكم التركي ، وبدأ الانتداب البريطاني الصهيوني في تسريب أجزاء منها للحركات الصهيونية سرا قبل العام 1948 ، وكذلك قرار نتنياهو الأخير بمصادرة أملاك الغائبين ، وهي اراضي يملكها الفلسطينيون في مناطق حددت بقرار الأمم المتحدة الذي شكل شهادة ميلاد اسرائيل – ” قرار التقسيم ” ، وذلك يعني مصادرة عشرات الآلاف من الدونمات وعشرات الآلاف من المنازل في مناطق تمتد من يافا الى القدس الى الجنوب والوسط .
هذا التمادي الصهيوني ما كان ليتم لولا نهج الفردية في اتخاذ القرار والوقوف ضد المقاومة وضد الانتفاضة وضد أي مظاهرة شعبية – نهج السيد الرئيس محمود عباس ( ونحن نقتبس في تلخيصنا لنهجه ماقاله هو للقناة 2 في التلفزيون الاسرائيلي ) ، بعد هذا دعونا ننظر بشيء من التدقيق لمايجري داخل حركة فتح ، يتصارع تياران بشكل عام داخل صفوف فتح : تيار , ويريد أن تعود فتح الى ماكانت عليه ، أي أن تعود تنظيما مقاتلا ضد الاحتلال ولتحرير فلسطين ، وتياريريد التعامل مع واقع الحال الذي وصلت اليه حركة فتح ، ولكن يرغب بانتخاب شخص آخر لقيادة فتح بدل ” ابو مازن ” ، وأن يكون رئيس فتح هو مرشحها لرئاسة السلطة ورئاسة م.ت . ف ، وهنا يبرز الصراع بين ابو مازن ودحلان ، فدحلان لاشك يطمع ويعمل ليصبح رئيسا لفتح كخطوة على طريق أن يصبح رئيسا للسلطة ، ولايختلف الاثنان في النهج والتوجه لكن الأمر يتعلق بقناعة كل منهم بأنه أكفأ أو أقدر من الآخرين .
وفي هذا الاطار يستخدم محمود عباس موقعه وأدواته في الحرمان أو الاعتقال أو الترميج لضبط الأمور لصالحه ويقوم دحلان باستخدام وسائله المتاحة له لاستمالة الأعضاء للتصويت له ، وحتى الآن ورغم اعادة عدد من الكوادر المحسوبة لصالح دحلان الى صفوف فتح بعد أن كان رئيس اللجنة المركزية ” ابومازن” قد منعهم ، ولم يتخذ قرار باعادة محمد دحلان لصفوف فتح ، ولكن يشير أنصاره الى أن اعادته لعضوية المؤتمر أم مؤكد !!! ، اما في صفوف اللجنة المركزية الحالية فتتراوح المواقف بين معارضة وموالية ، لكن هنالك قناعة عامة بأن عهد ابو مازن يجب أن ينتهي ، ويشير هؤلاء الى ان ابومازن بلغ من العمر عتيا وأنه أصبح غيرقادر على قيادة البلد أو قيادة فتح ، طبعا لايتجرأ أحد منهم على الاشارة الى عمليات الفساد الواسعة ونهب الأموال العامة وأموال فتح كسبب من أسباب التخلص من ابو مازن وأولاد ابومازن ، ” ويحلو لبعضهم أن يطلق عليه اسم سوموزا الشهير ” ، لكن هذا الأمر يجري تغطية الحديث عنه باسهاب وتفاصيل عبر مواقع الانترنت الخاصة بمحمد دحلان ومحمد رشيد او ” خالد سلام ” ، الذي بدأ بنشر سلسلة مقالات عن نهب أموال فتح والشعب الفلسطيني وتسجيلها تحت أسماء مختلفة معروفة بالتصاقها بمحمود عباس منذ أن كان موظفا في قطر ” ابو الرب – القاضي ” ، ومن ضمن الأسماء التي تطرح كمرشحة لرئاسة اللجنة المركزية :
– عباس زكي ، احمد قريع ، توفيق الطيراوي ، ناصر القدوة ، ويطل بين الفترة والاخرى جبريل الرجوب كمرشح محتمل(رغم فضائح الفيفا ) ، ويقول فتحاوي مخضرم :-
” ابو مازن يتصرف بهدوء ، فهو يترك أعضاء اللجنة المركزية يتصارعون ويتنافسون ويراقب بصمت ، ويتخذ موقف الأب الذي يرى أولاده يتنافسون لكنه ينتظر اللحظة التي يصل فيها كل هؤلاء الى طريق مسدود ، ولدى ابومازن من أعضاء اللجنة المركزية من يبدأ في اطلاق شعار ( القديم على قدمه ) –
أي لاخيار لديكم سوى التمديد لابو مازن ، وان هذه النية كانت وراء تشكيل ابو مازن رغم المعارضة الشديدة لكل التنظيمات ، المحكمة الدستورية ، فهي التي ستجعل من هكذا توجه شرعيا ، وفي ظل هذا أطلق رمضان شلح – قائد الجهاد الاسلامي مبادرته ، ولكن فتح مشغولة بمؤتمرها ، وليست بصدد البحث عن الوحدة الوطنية ، فحركة فتح الآن تهتم بوحدتها هي المهددة بالتفجرفي ظل وجود أكثر من فتح على الساحة الفلسطينية ، كل واحدة تتحدث عن نفسها انها تمتل فتح ” . ويقول فتحاوي قديم في رأي آخر :
– ” أوفر الأعضاء حظا هو ابوعلاء – احمد قريع ، الذي أخرج من اللجنة المركزية خلال انعقاد المؤتمر السابق لفتح ويفس ذلك بالقول : انه يعرف الكثير من الأسرار ، وهو أحد مهندسي أوسلو مع ابو مازن ، وله خبرة في ادارة الأمور كرئيس وزراء سابق ، وله ضمن المؤتمر مؤيدون ” ، لكن الشيء الثابت حتى الآن هو أن صراعا حادا يجري الآن داخل صفوف فتح ، وستكون ساحة المؤتمر ساحة المعركة الفاصلة ، والسؤال الذي يتبادر الى ذهن المواطن هو التالي : الشعب يريد التغيير ، الشعب يريد أن يتخلص من الذين أصبحوا من الفاسدين الذين لم تعد قضية فلسطين هي شغلهم الشاغل ، الشعب يريد من يقوده لمقاومة الاحتلال للتخلص منه ، وانتزاع الحرية والاستقلال ، الشعب يريد التصدي للاستيطان والمستوطنين ، الشعب يريد أن يعرف كل اسرائيلي عن الجرائم التي ترتكبها حكومته وجيشه كل يوم ضد الأطفال والنساء ، فهل يمكن لفتح أن تعطيه ذلك حتى وان انتخبت رئيسا لها جديدا بدل محمود عباس ؟؟!! ، يقول شاب من شباب مخيم قلنديه :- ” السلطة ؟ كل اللي فوق همهم الوحيد … جيوبهم … لايهمهم مقاومة الاحتلال … كأنهم جايين ليعبوا جيوبهم ويروجوا لمكان آخر ، نحن هنا صامدون وسنقاوم ” – ملاحظة :- الشاب من مخيم قلنديه ويلقب نفسه ” حسن نصر الله ” .
سياسي فلسطيني