سلطــة الطبيـعـة تطـالـب بقـلــع الأشجــار .. منـعـاً للحـرائــق

2016_11_24_3_11_27_899-624x351
حجم الخط

أتت الحرائق الكبيرة، منذ الاربعاء الماضي، على المشهد الطبيعي حول قرية نتاف الجماهيرية. وفي اليوم التالي كان السكان ينشغلون في التنظيف وإعادة الاعمار، وكان رجال «الكيرن كييمت» وسلطة الطبيعة والحدائق يفكرون في الإعمار. الامر المفاجئ هو أن سلطة الطبيعة تطالب باقتلاع الاشجار.
يقول العالم الرئيس في سلطة الطبيعة والحدائق، البروفيسور يهوشع شكدي: «يجب علينا الخروج قريبا من أجل قطع الاشجار. هناك الكثير من الأشجار في البلاد».
منذ كارثة الكرمل بلورت سلطة الاطفاء و»الكيرن كييمت» وسلطة الطبيعة والحدائق نظرية دفاعية عن القرى والمناطق، الشوارع، والاماكن القريبة من الأحراج. وتعتمد الطريقة التي تم استيرادها من اماكن اخرى في العالم على خطوط فصل – مناطق لا توجد فيها اشجار، تُمكن رجال الاطفاء من العمل بشكل آمن وبنجاعة من اجل الدفاع عن المنازل والمواقع التي خلفها.
يعني هذا الامر اقتلاع آلاف الاشجار السليمة في القدس، بين المناطق المأهولة والمناطق المفتوحة، والعودة لقطعها في كل مرة تنمو من جديد. إلا أن السلطات واجهت في كل المناطق معارضة السكان، الذين رفضوا التنازل عن المشهد الطبيعي الأخضر أمام المنزل.
«إن رغبة الناس في السكن في أحضان الطبيعة، واحاطة أنفسهم بالاشجار، هي أمر طبيعي ومنطقي. ولكن يجب على الناس أن يفهموا بأنهم يعرضون أنفسهم للخطر. لأنه عندما تشتعل الشجرة فهم يكونون في خطر»، كما قال شكدي. في نتاف كانت هناك خطوط فصل جزئية وضعتها سلطة الطبيعة والحدائق، لكنها لم تكن بالاتساع الكافي من اجل منع الخطر عن المنازل. وقد ساعدت أكوام الاخشاب الكبيرة على انتقال النار الى المباني، حيث استثمرت المنطقة في السنوات الاخيرة 100 ألف شيقل في شراء وسائل الاطفاء، وتم وضع صنابير المياه وتم تدريب السكان. وكما تقول التقديرات فان ستة منازل تم انقاذها بسبب العمل السريع والناجع للسكان الى أن وصل رجال الاطفاء.
الحريق الاول اندلع في الشارع المؤدي الى الحاضرة، حيث جلس هنا، الاربعاء الماضي، اربعة عمال وأرادوا تحضير القهوة. وقد أشعلوا نارا صغيرة بين صخرتين كبيرتين بعيدا عن الاشجار. وانتبهوا بأن هناك ثقباً قطره 10 سم بين الصخرتين. وسحبت الرياح القوية التي هبت في ذلك اليوم النار الى داخل الثقب وأشعلت اوراق الاشجار الجافة بين الصخور، وخلال فترة قصيرة اشتعل ناحل هحميشه، وانتشرت النار من هناك وأحرقت أحد المنازل. وقد حاول السكان ورجال الاطفاء كبح النيران، إلا أنها دخلت الى الحاضرة واحترق مخزن وتراكتور بشكل كامل. ولكن لحسن الحظ تم وقف النار، لكنها تسببت باحتراق 8 آلاف دونم من الأحراش.
الحريق الثاني اندلع في منعطفات جدار الفصل، على بعد 3 كم غرب نتاف. وفي ظهيرة يوم الجمعة ألقى فلسطيني زجاجة حارقة على الطريق الامني في الطرف الثاني للجدار. «منذ 25 سنة وهم يلقون هناك الزجاجات الحارقة، لكنهم نجحوا في هذه المرة»، قال هنوخ تسوريف، مدير منطقة القدس في «الكيرن كييمت». في المرحلة الاولى اشتعلت النار قليلا في اسفل الوادي، لكن الرياح حرفتها بسرعة باتجاه ناحل كفيرا وجبل عوزرير. «في مرحلة معينة سمعنا شيئا يشبه صوت الانفجار، 200 – 300 دونما اشتعلت في لحظة واحدة»، قال تسوريف.
جميع الجهات ذات الصلة تتفق على أنه في مساء الجمعة نجح رجال الاطفاء في إنقاذ نتاف من الدمار. بعد أن تم اخلاء كل السكان، كان الوضع بائسا، حيث أحاطت النار بالحاضرة من ثلاث جهات، وعندها ايضا حل الظلام واضطرت طائرات الاطفاء للهبوط. ولم يسبق أن كان هناك تركيز كهذا لقوات الاطفاء في اسرائيل – 150 رجل اطفاء في حاضرة صغيرة، منهم 20 رجل اطفاء فلسطينيا من شمال الضفة الغربية، ساعدوا في اطفاء الحرائق في حيفا. وتم الطلب من جميع مراكز الاطفاء في البلاد إرسال سيارات الاطفاء.
في الصباح كان واضحا أن الحاضرة قد نجت. وعندها عادت طائرات الاطفاء التتي ارسلت من الدول الاخرى، منها روسيا وتركيا واليونان وكرواتيا، التي ساعدت في اطفاء الحرائق في المناطق المفتوحة. وبعد الظهر انضمت «سوبر تانكر» وسكبت كمية كبيرة من المياه حول الحاضرة. 6 آلاف دونم احترقت، و14 ألف دونم هو مجموع الاراضي التي احترقت في الحادثتين.
لقد شاهد تسوريف حرائق كثيرة في حياته. وقد كان مسؤولاً عن عملية الإعمار بعد الحريق الكبير في القدس في العام 1995. وفي كل سنة من السنوات الخمس الاخيرة كان هناك حريق كبير على الأقل في جبال القدس. تغيرت طريقة «الكيرن كييمت» في مواجهة الحرائق، حيث لم تعد هناك حاجة للتدخل، بل ترك المجال للطبيعة كي تقوم باعادة إعمار نفسها. الخطر الحقيقي في المرحلة الاولى هو انجراف الارض بسبب عدم وجود الاشجار. ودخول الادوات الهندسية الثقيلة قد يساعد على عدم استقرار الارض. ويأمل تسوريف أن تكون الامطار غير غزيرة، على الاقل الى أن تغطى الارض بالاشجار الخضراء وتستقر أكثر.
يقول تسوريف إنه منذ 6500 سنة يقوم الانسان بقطع الاشجار في «أرض اسرائيل». وفجأة أصبح قطع الاشجار بقرة مقدسة، لهذا أصبحت الاشجار مكتظة وعالية. «يقولون لي إن هذا يجب أن يكون كذلك بشكل طبيعي. ولكن بشكل طبيعي لا يوجد الكثير من الناس في البلاد، ولا يوجد الكثير ممن يلقون أعقاب السجائر ومن مشعلي الحرائق. لا يمكن تربية الجميع. بدل أن نزرع ونصب الزيت على النار، يجب علينا اقتلاع الاشجار وأن نقلق. لدينا ما يكفي من الاشجار في دولة إسرائيل».
عمال «الكيرن كييمت» انقضوا، أول من أمس، على المناطق المحيطة بنتاف، وقاموا باطفاء نقاط ساخنة من الجمر والدخان. وهنا وهناك شوهدت العصافير فوق المناطق المحروقة. «العصافير والثدييات الكبيرة تنتقل من مكان الى مكان، ولا يجب علينا القلق بشأنها»، قال شكدي. «المشكلة هي الحيوانات الصغيرة التي لا تقدر على الهرب وتحترق. ولكن بعضها ينجح في الدخول الى الثقوب تحت الارض». ويعد تسوريف قائلا: «هذه السنة ستكون سنة مزدهرة».