نتنياهو ووزراؤه يلعبون بالنار

f160327mis11-618x412-jpg-9851185108062462
حجم الخط

حوض مزراع احترق. يوم الدين الكبير؟ خصيناك، خصيناك يا محمد بلا تخدير، بلا تخدير.
هذه هي كلمات الاغنية الذي كتبها حاييم حيفر في بداية الأربعينيات من القرن الماضي، حسب لحن ايطالي شعبي. وجعل أعضاء حركة الشبيبة الاغنية رقصة عاصفة، وأنا في شبابي قفزت بقدمي وهتفت بهذه الكلمات دون ان أفهم معناها.
راجعت الأمر بعد أن كبرت.
فحوض البذور في كيبوتس مزراع بالفعل أحرق بضع مرات، وخصيتا محمد، أزعر عربي من بيسان (بيت شآن)، قطعهما بالفعل أعضاء خلية من «البلماخ».
وأعرف قاطع الخصيتين، الذي اصبح لاحقا ضابطاً كبيراً جدا.
في هذا الاسبوع تذكرت هذه الرقصة حين سمعت نتنياهو ووزراءه يهددون بالانتقام من مشعلي الحرائق العرب. تلك التهليلة وتلك الشهوة للانتقام. يوم الدين العظيم، يا محمد!
مفهوم أن «محمدا» اسم رمزي. والمقصود في القصيدة العشوائية التي وضعت قبل قيام الدولة هو العرب بصفتهم عربا. ولم يتم التعبير عن الأمر صراحة، مثلما هي جملة «جموع العرب يتدفقون إلى صناديق الاقتراع» لا تشجب صراحة العرب «المعادين» بل تستصرخ اليهود للدفاع عن أنفسهم في مواجهتهم.
هكذا تصرف نتنياهو هذه المرة أيضا. فهو لم يشدد على ان عربا أفرادا أحرقوا، لم يتكبد عناء تهدئة الخوف الكامن لدى اليهود من حملة انتقام عربية. هذا ما كان سيفعله زعيم مسؤول حساس لحقيقة أن خُمس مواطني اسرائيل يسيرون على قشر البيض كي يحافظوا على هويتهم المميزة وفي الوقت ذاته أن يثبتوا ولاءهم للدولة. ولكن رئيس الوزراء فضل مظاهرة بائسة من التصميم والحزم كي يحصد التعاطف.
وارتبط به بعض وزراء حكومته ممن طالبوا بفرض عقوبات جسيمة على مشعلي الحرائق، ليس لأنهم نسوا بأن العقاب على الاحراق على أي حال هو 20 سنة سجناً بل لأنهم ارادوا أن ينافقوا للرأي العام وأن يظهروا التصميم والحزم.
وبالغ الوزير درعي فهدد بأنه سيعمل على سحب مواطنتهم، الخطوة غير الممكنة حسب قوانيننا وحسب القانون الدولي، بينما اقترح الوزير اردان هدم منازلهم، الفعل المتاح حسب قوانين الطوارئ التي سنها البريطانيون في عهد الانتداب. لا أذكر أن الاثنين طالبا مثلا بسحب مواطنة وهدم منزلي الشقيقين شلومو ونحمان تويتو، عضوي تنظيم «لاهافا» اللذين ادينا باحراق المدرسة ثنائية اللغة في القدس، وحكما سنتي سجن ولم يعربا عن الندم. كما أنهما لم يشجعا سلطات انفاذ القانون على القبض وعقاب المشاغبين الذين احرقوا مئات اشجار الزيتون التي تعود للفلاحين الفلسطينيين في القرى المجاورة لمزرعة جلعاد في «السامرة»، وفي محيط مزرعة ماعون في جنوب «يهودا».
قبل ثلاثة أيام نُشر انه اعتقل حتى الان نحو 30 مشبوها باشعال الحرائق. وفي هذه الاثناء اطلق سراح 7 منهم، ويمكن الافتراض بان آخرين منهم سيطلق سراحهم هم ايضا لانعدام التهمة أو لانعدام الادلة. وبالمقابل، لا ريب أنه يوجد مشعلو حرائق لم يقبض عليهم ولن تنجح الشرطة في وضع أيديها عليهم. العدد الدقيق لعدد بؤر الاشتعال وأسبابها لم يتضح بعد، ولكن اردان سارع الى الاعلان بان مصدر نصف الاشعالات متعمد. فلسانه سبق معرفته. وزراء آخرون اطلقوا تقديرات اقل بكثير.
كم من «عرب اسرائيل» يهمسون في قلوبهم «طوبى لعود الثقاب الذي احترق واشعل اللهيب»؟ الجواب ينبع من الآراء السياسية للمتحدثين ويوازي كم يهوديا يكنون تعاطفا مع باروخ غولدشتاين ويغئال عامير. لن يتصور احد أن يبني موقع تخليد لمشعلي الحرائق، بينما النصب التذكاري للقاتل غولدشتاين هو موقع حجيج مصان جيدا.